الخداع الأدبي: العبث بمشاعر الكتّاب عبر شهادات الشكر الوهمية..! (ج-1)….بقلم محمد المحسن
(استغلال طموح المبدعين..في العصر الرقمي..!)

في ظل الانتشار الواسع للمواقع الأدبية ووسائل التواصل الاجتماعي،برزت ممارسات مضللة تستهدف الكتّاب الطموحين،حيث تقوم بعض المواقع والمجموعات الأدبية على منصات مثل الفيس بوك بإيهام الكتّاب بأنهم “مبدعون” من خلال منحهم شهادات شكر وتقدير وهمية لا تمتلك أي قيمة حقيقية.هذه الممارسات تستغل حاجة الكتّاب للتقدير والاعتراف،خاصة في بيئات تفتقر إلى المؤسسات الثقافية الداعمة والمعايير المهنية الواضحة..!
إن الكتّاب المبتدئين غالباً ما يكونون في حاجة ماسة إلى الاعتراف بمجهودهم الإبداعي،مما يجعلهم فريسة سهلة للجهات التي تقدم وعوداً كاذبة بالشهرة والتقدير.
و تُظهر بعض المواقع الأدبية على”الفيس بوك” اهتماماً ظاهرياً بالإبداع،لكنها في الحقيقة تهدف إلى زيادة التفاعل والمتابعات دون تقديم قيمة حقيقية للكتّاب.
في هذا السياق،يتم منح هذه الشهادات بدون معايير موضوعية للنقد أو التقييم،حيث تُوزع بشكل عشوائي بهدف خلق “بهجة” التقدير.. والجهات التي تمنحها تفتقر للمصداقية المؤسسية،مما يجعلها مجرد أوراق لا تحمل أي قيمة في الوسط الأدبي أو المهني.وهذا يعني أن
هذه المواقع المخاتلة تعتمد على الإطراء السطحي والمديح المبالغ فيه لجذب أكبر عدد من المتفاعلين،مما يخلق بيئة غير حقيقية للتقييم.
إذ يتم استخدام عبارات فضفاضة مثل “مبدع كبير” أو “عبقري” بدون أي أساس نقدي أو تحليلي حقيقي للأعمال المقدمة.
الآثار السلبية على المشهد الأدبي والكُتّاب :
عندما يحصل الكاتب على تقييم غير صادق لقدراته،قد يتوقف عن السعي لتطوير أدواته الإبداعية والتحسين من مستواه.وهذا يؤدي إلى إعاقة النمو الأدبي الحقيقي،حيث يظن الكاتب أنه وصل إلى مستوى متقدم دون بذل الجهد اللازم للتطوير.مما يعني إفساح المجال للرداءة..!
كما يؤدي انتشار الشهادات الوهمية-في تقديري-إلى تضخيم أعمال-متواضعة-واعتبارها إبداعية،مما يقلل من قيمة الجودة الحقيقية ويصبح بالتالي من الصعب على الكتّاب الجادين تمييز أنفسهم في فضاء مشوه بالممارسات غير المهنية.
وهناةأقول:على المدى الطويل،قد يدرك الكاتب أن التقدير الذي حصل عليه غير حقيقي،مما يؤدي إلى خيبة أمل وفقدان الثقة في المؤسسات الثقافية وحتى في الذات.وهذا يشكل اهدارا للطاقة الإبداعية ويحول دون انخراط الكتّاب في مسارات التطور الحقيقية.
خلاصة القول : هذه الممارسات تساهم في ترسيخ ثقافة السطحية والاستهلاك السريع للإبداع،بعيداً عن العمق والنقد الجاد.
كما نلاحظ في بعض التحليلات،مثل ما ذكره عالم الإجتماع العراقي علي الوردي حول طبيعة البشر في السعي للتقدير والصراع من أجل الاعتراف،يمكن أن تنعكس هذه الديناميكيات في المشهد الأدبي بشكل سلبي عندما تتحول إلى ممارسات مضللة..
بعض هذه المواقع قد تستخدم هذه الممارسات كوسيلة للربح المادي،من خلال جذب المزيد من المتابعين والإعلانات.و هناك أيضاً بعد اجتماعي يتعلق بـإيهام الشرائح الأقل حظاً بفرص وهمية، كما أشار عالم الرياضيات المصري مصطفى إبراهيم في نقده للنظام الرأسمالي الذي يبيع الأوهام للفقراء..!
ختاما،أدعو إلى ضرورة نشر الوعي بين الكتّاب حول قيمة التقييمات الحقيقية وأهمية السعي للتطوير المستمر..،تشجيع النقد البناء الصادق الذي يساعد الكتّاب على تحديد نقاط القوة والضعف في أعمالهم.دعم المؤسسات الثقافية الجادة..تعزيز دور المؤسسات الثقافية المعتمدة التي تقدم تقديراً حقيقياً وتخلق مساحات للتبادل الأدبي الجاد..تشجيع المبادرات التي تركز على التدريب والتطوير بدلاً من الإطراء السطحي.دون أن ننسى ضرورة تفعيل آليات الرقابة المجتمعية..
ومن هنا،على المجتمع الأدبي فضح الممارسات المضللة ومقاطعتها،للحد من انتشارها..تشجيع الكتّاب على البحث عن التقييم المهني من خلال ورش العمل والأكاديميات الأدبية الموثوقة.
على سبيل الخاتمة: نحو مشهد أدبي أكثر مصداقية:
العبث بمشاعر الكتّاب عبر منح شهادات شكر وهمية يمثل شكلاً من أشكال الاستغلال الثقافي الذي لا يضر فقط بالأفراد،ولكن بالمشهد الأدبي ككل.ومواجهة هذه الظاهرة المضللة،يجب العمل على بناء بيئة أدبية تقدر الجودة والحقيقة،بمنأى عن الكمية والمظاهر الزائفة.وسندفع في إتجاه دعم إبداع حقيقي يثرى المشهد الثقافي ويعكس أصالة وتنوع التجارب الإنسانية.
ولنا عودة إلى هذا الموضوع المخل ب” شرف الأدب،وعفة الإبداع” عبر مقاربة مستفيضة..