كتاب وشعراء

مَقهَى هَنْري ماتِيسْ…..بقلم أفراح الجبالي

*مَقهى الأخضَر بِن يُوسف
ــــــــــ
أنا و سَمكةُ الشَّمالِ الأفريقيِّ وَردَتانِ. لقد رأيتُها وهي مُجرَّدُ فِكرةٍ يُخطِّطُها
حَفِيفٌ في المَقِيل،
مع فَحمِ الفوزان تَدُور، بلا وَرق
و تَلتَوي
في الرِّمالِ الرَّطبة… كالضَّباب
– ربما أكونُ الظِّلَّ الأبيَضَ في اللَّوحةِ… بينَما الوَحِيدُ يَتأخَّرُ
– كأنَّ الوَحِيدَ لمْ يَتكوَّن بعد !
على طاوِلةِ ضَيفِها، الأوراقُ مُلوَّنةٌ.
وفي تَفتُّحِ سُطوعِهما: المُتجَرِّدُ…
و عَينٌ كالتي أُغمِضَتْ ،مُترعَةٌ للتَّذكُّر…
ورأيتُه -قالتْ- و نَمتْ فُروعُ النَّبْتِ مِن تأمُّلِها، وهي تراني الآنَ،
( و تَراهُ ؟ )
في هذا العَرِيش
،
بارِدٌ كَوكَبُها في هذا الظُّهر، في طَنجة،
حيثُ لا فَرقَ، بَين شَكلِ الطَّيْر و براعِمِ الأشجار
كما لا فَرقَ بَين حَمدانَ و جِسرِها و السَّعَف
المَبلُول…
( أ لَستَ تَراه ؟ )
…….
…….
…….
هوَ ذا!
يَبْنِي بُستانَ خَشخاشٍ في أكْواريُومْ ، حيثُ
يَستَلقِي مَفهُومُ الجَنَّة
مع المُتأمِّلِينَ… في فترةِ ما بعد الظُّهرِ…
مَاتِيس، في خَلفِيَّة المِساحاتِ لا يَنام (هوَ مِثلكَ لا يَنام )، حالةٌ تَتبدَّى
في صَفاءِ البَعِيد
،
عندما يَنزَعُ ماتِيسُ اللَّحظةَ :
تَلُوحُ في أهدابِنا القَصَبة، وساحةٌ مُشمِسَة في بوَّابة المرابِطِين… كَمْ قُبَّةً رَسَمت؟ اللُّغةُ، ليْست عيْنَ الطَّائر أيضا يا ماتيسُ
اللُّغةُ، الهواءْ
عَيْنُه
خُذْ وَردةَ التِركوَازْ …
الأخضَرُ يَفتَحُ جَفنَيْه
،
لاَ. لَيستْ وَردَتي… و أنا، بِفَمٍ مُقَوَّس، استِعارةٌ لِعالَمٍ،
و انعِطافَة
استيْقظتُ في زاويَة اللِّحَاء ، وكنتُ سأكتُب :
المَدينةُ مُشرعَةٌ، أبوابُها
القَيْلُولةُ، انتَبَهتْ…
لقد نبَت على جُفونِها صَنوبَر، تحت لَفحِ الشَّمس، و كنتُ سأكتبُ عَنها، و عنْك
التي نبتَتْ… وتَلمَسُ الحُلمَ !
فكيفَ أمكَنَك، هُنا، إنْباتُ جَاراتِ القَواقِع لكْ…
وللحُبّ… كيفَ أمكَنكَ… إنْباتُ كُلِّ جارَاتِنا بِيَدٍ تهْمِي
بالسَّعفِ الجَّافْ
الأزْرَقْ
……………
……………
……………
وكيفَ ارتَعشَ على الحُلمِ، إذْ تَراه، في مَقهَانا المَغرِبيِّ، طائِرُ البَلشُونِ
( أبيَضَ السَّواحِل ) و اعتَرَشَ علَيها،
سواحِلِنا، كيفَ؟
حَراشِفُ لَها، ذَهَبيَّةٌ ؟ أنا خِفتُ
أن يَتمدَّدَ الأحمرُ ………….
و الأشِعَّةُ تَسِيلْ …………
و هذه الأصابعَ ………..
قُلْ أيُّها الأخضَرُ في الشَّمالِ ،معَ السَّابِحاتِ في نَهرِكَ الحُلمِيِّ ذاتِهِ، ذي الجِسْر الصَّغِيرِ :
كيفَ تقدِرُ أن تَراه ؟
……………….
……………….
………………
في الشَّمال الأفريقيِّ، بِمُوتِيفاتِهِ المَقْصُوصة، ماتِيسُ ،بيْنَ الزُّلَّيْجِ والنَّارنْج
يَفْتَحُ البَحرَ علينا
بِذراعَيْن
روائحَ مِن سَمكٍ و طَحالب، فقُلْ :
– أ تَستَافُ الآن… أيُّها الأخضَر ؟!
[ والمُستَلْقِي في الرَّمضَاء، خَفِيف العَزْفِ
كنَجْمٍ إذَا مَالَ
ههنا،
كَضبَابِ النَّخِيل ]
القُرنْفُلِيَّة،
السَّاهِمةُ، حولَ فخذِها الوَاحِدِ، يَستظِلُّ نَهار
النَّهارُ جسَدُه كُلُّه يُغنِّي، أوْ يُدنْدِن،
حيثُ ما لا يَحدُث أبدا
عاشَ في الماء
( ها أنتَ تَنظُرُ
إلَيْها
مِن النَّافِذة ………. )
– des fleurs ؟
مُنمنماتُها
شَذراتٌ بُرتُقاليَّة
( لعلَّه -اللَّونُ- تَراكُمُ مساحاتِنا اللَّازَوَرد )، اللَّونُ بابْ
تُدركُ أن ماتِيس يَستَعمِلُ المَجازَ أيضا، ويُغمغِمْ :
“هُناكَ دائمًا…”
– تترقرقُ بينَ سَبَّابَتهِ… و الإبْهَام…
يَجِبُ أن تَتحدَّث طَويلاً إلى الأسْمَاك
إنَّ هذه الجَبهةَ المُمطِرة: زهراءُ على الشُّرفة*
أو البَاب
،
ويَفتَحُ جَفنَيْك
،
عَرشُ هذا البِناء
اللَّونُ الذي تَضعُ خُطوطَهُ الذَّاكِرةُ المُجزَّأة
عنِ الأوراقِ المَقصُوصة
مِرلُوبُنْتِيَّةٌ
نَسِيجٌ واحِد عائم
الخزفُ، المزَجَّج، عنْ نَمرَقِ الضَّوْء… عنْ ذِكرَى الحَيّ
عنْ أسَفٍ لا يُقال
عنْ حُزْنٍ على كُرسيٍّ طَوِيل والتَّشرِيد
جُغرافيَا الطَّاوِلةِ المُوَشَّحةِ الواطِئة
حياةُ ندائِف الدِّيكُوبَاج
عن دَقِّ أصِيصٍ بأصِيص، عَن مُوسيقى مُتوسِّطيَّةِ…
عن خَيْطِ مَنجاةٍ
لا تَعرِف أنَّها مَاء
– هناك دائما des fleurs لمَن يُريد رؤيتَها!*
ها أنذا في نيابُولِيسَ ، بِكِيسِ خَيْش في يَدي
لمْ يَبقَ لِي سِوى رؤيةُ
عَطَشي، الذي، لا يَنتَمي، إلى المياه
،
لا بأسَ أنْ يَترُكَ الرَّسَّامانِ لي حُبًّا
شَكلُهُ الوَردة
لا بأسَ أنْ يبقَى
لا بأسَ أنْ يَنام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى