عامر عبد المنعم يكتب:نقش سلوان

لم يكن “نقش سلوان” الذي أثار الجدل بين نتنياهو وأردوغان سوى عنوان جديد للمحاولات الإسرائيلية للسطو على تاريخ فلسطين القديم، وتقديم قراءة صهيونية للوقائع تؤكد المزاعم بأن الأرض لليهود منذ أزمان سحيقة، فهذا اللوح الحجري الموجود في متحف إسطنبول ويطالب به رئيس الوزراء الإسرائيلي يتحدث عن النفق الذي بناه سكان القدس اليبوسيون العرب قبل خروج بني إسرائيل من مصر بألفي عام، لنقل المياه إلى داخل مدينتهم الحصينة.
تهدف الحفريات التي بدأت منذ القرن التاسع عشر في القدس إلى إثبات يهودية المدينة، والبحث عن أي دليل يؤكد الوجود اليهودي في زمن داود وسليمان وغيرهما، وذلك لتأكيد الحق في الاحتلال وتبريره بمزاعم توراتية لإعطاء القداسة والمشروعية لعملية التهويد.
يحاول الصهاينة تغيير التاريخ لإثبات أن وجودهم في فلسطين ممتد ولم ينقطع، فأرجعوا نسبهم إلى سيدنا إبراهيم رغم أنه عاش في القرن التاسع عشر ق.م، بينما ظهر موسى في القرن الثالث عشر ق.م. وبنص القرآن: {ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين}، وقال الله تعالى: {يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنـزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون}.
حصر اليهود التاريخ بعد إبراهيم في يعقوب وموسى وداود وسليمان ومملكة يهوذا، متجاهلين الفاصل الزمني الطويل بين هذه الفترات المنفصلة، ووصفوا العرب الذين ينتسبون لإبراهيم بأنهم حاميون أي أقل درجة منهم، رغم أن العرب ساميون من أبناء سام بن نوح.
إن عهد إبراهيم عصر عربي قائم بذاته، وهو مرتبط بالكعبة المشرفة، وبيت الله الحرام في مكة، ولا صلة له بعهد موسى ولا عهد اليهود من بعده. فالتوراة كتبت بعد إبراهيم بـ1300 عام، وبعد موسى بأكثر من 7 قرون، وهي غير التي نزلت على موسى، حيث تضم أسفارا بعد وفاة موسى، وتتحدث عن فترات زمنية لاحقة، وبها وصايا لا يمكن نسبتها إلى الله مثل قتل الأطفال والنساء والبهائم، وحرق المدن.