رَشفَةٌ مِن نَهرِ أبي ….. بقلم // حسين المحالبي // اليمن

رَشفَةٌ مِن نَهرِ أبي
———-
عنِ الصَّباحِ
ابتِداءً مِن مُنَبِّهِهِ
عنِ المَساءِ
انتِهاءً في تَقَلُّبِهِ
عنِ الحَياةِ
وما اخضَرَّت لراحِلِها
إلَّا لتُجدِبَ في أَقصَى تَغَرُّبِهِ
وعَن بِلادٍ
بِها يَقتاتُ حَسرَتَهُ
ويَكتَفي بِسُؤالٍ عَن مُرَتَّبِهِ
عَن عُمرِهِ
وَهوَ قَيدَ الإحتِراقِ بِها
ولَيسَ إلَّا رَمادًا كُلُّ مَكسَبِهِ
عَنَّا
ونُحنُ كِبارٌ يَطمَئِنُّ بِنا
عَنهُ
وكُنَّا صِغارًا نَطمَئِنُّ بِهِ
—–
كُنَّا كَوَاكبَ في عَينَيهِ أَربَعَةً
كُلٌّ لدَيهِ مَوَاقيتٌ لكَوكَبِهِ
ونَجمَةً
وَحدَها
أنَّى تَشاءُ
لَهَا أنْ تَستَضِيءَ
وأنْ تَحظَى بِأشهُبِهِ
وإِنْ تَحَرَّاهُ لَيلٌ في مَوَاقِعِها
يُنبِيهِ بَعدَ سِنينٍ مِن تَرَقُّبِهِ:
لأَنَّ (زَينَبَ) بِنتُ القَلبِ وَاحِدَةً
يَحِقُّ للقَلبِ أنْ يَهفُو لزَينَبِهِ..!
—–
فَيَا لَأُمِّ أَبِيها
إِذْ تَنامُ عَلَى فِرَاشِهِ
حِينَ يَغدُو نَحوَ يَثرِبِهِ
وإِذْ تَراهُ بِقُربِ الغَيمِ مُتَّكِئًا
يَتلُو الغِيابَ
فَتَعلُو فَوقَ مَنكِبِهِ!
ونَحنُ مِن حَولِهِ نَلهُو
ولَيسَ لَنَا
إلَّا احتِضانُ نَهارٍ قَبلَ مَغرِبِهِ!
نُحِبُّهُ رُغمَ هَذا..
وَهوَ يَعلَمُ أَنَّا لا نُحِبُّ بقَلبٍ فِيهِ مُشتَبِهِ
ولا نَراهُ
وعَينٌ مِنهُ ظامِئَةٌ
أو نَستَقِيهِ
فَيَبدُو غَيرَ مُنتَبِهِ
ولا نُجارِيهِ
حَتَّى في صَداهُ
فكَمْ
تَرتَدُّ شَهقَتُهُ حَتَّى تَصَبُّبِهِ!
فُؤادُهُ
وَطَنٌ للحُبِّ يَحرُسُنا
وحِضنُهُ
جَنَّةُ المَأوَى لمُذنِبِهِ!
ورُوحُهُ
تَحفَظُ الأَنهارُ سِيرَتَها
ووَجهُهُ
اللَيلُ يَخشَى مِن تَغَيُّبِهِ!
ولَمْ يَزَلْ يَتَنامَى المَوجُ داخِلَهُ
والعابِرُونَ اليَتامَى فَوقَ مَركَبِهِ..!
—–
ها نَحنُ نَكبرُ
والأَيَّامُ تُلبِسُنا قَمِيصَهُ
حامِلًا ذِكرَى مُجَرِّبِهِ
وتَرتَدِي ظِلَّهُ المُعشَوشِبَ
الطُّرُقُ الـ كَادَت تَضِيعُ وتُنسَى
مِن تَجَنُّبِهِ!
وتَستَشِفُّ عَصاهُ السِّرَّ:
أنَّ يَدَيهِ الغَضَّتَينِ انعِكاسٌ عَن تَلَهُّبِهِ…!
وأَنَّما خَطوَهُ في الرِّيحِ
أَبعَدُ مِن ماءٍ يُفَسِّرُ بَعضًا مِن تَأَهُّبِهِ!
وأنَّ دُنيَاهُ دُنيَانَا التي اتَّسَعَت
لحَجمِ مَطلَبِنا لا حَجمِ مَطلَبِهِ
—–
أَبِي ويَا لَأَبِي..!
(خِضرٌ) لأَسئِلَتِي!
ورُؤيَةٌ في زَمانٍ لا أُحِيطُ بِهِ!
لا يَبلُغُ العُذرَ مِنِّي نَهرُ حِكمَتِهِ..
مَتَى ظَمِئتُ أَرانِي قُربَ مَشرَبِهِ
وقَد كَفانِيَ أَنِّي
لَن أَفِرَّ سِوَى إِلَيهِ
يَومَ يَفِرُّ المَرءُ مِن أَبِهِ!
———–
حسين المحالبي – صنعاء
2025/7/29م