محب خيري الجمال يكتب :حين أكلتْ الذاكرةُ قلبي

(1)
أعطيتُها اسمي، فتعثّرتْ به.
كان أكبر من مقاس قلبها.
كأنني خياطٌ أعمى، خاط للريح معطفا من الدموع.
لم تكن تحبني، لا لأنني قليل، بل لأنني كثير جدا على مقاسها المحدود.
كلما اقتربتُ، أعادتني إلى الوراء بنظرةٍ باردة،
كأن قلبي نافذةٌ تُطل على الجليد، لكنها لا تُفتح أبدا،
كنت أعيش داخل حكاية لا تسمح للبطل أن يربح،
ولا للمشهد أن يُعاد دون أن يُكسر شيء.
(2)
قررت أن أهرب من وجهي في وجه آخر.
اخترت فيلما نسيته جيدا، كي أتذكر شيئا آخر غيرها.
لكنه كان مثل منبّه قديم يرنّ في صدري.
كان البطل يشبهني لا في الشكل، بل في الثقل الذي لا يُقال.
صوته كان يمشي حافيا فوق مشاعري،
وعيناه تُقشران الوقت الذي دفنته تحت جلدي.
لم تكن القصة عني،
لكنني كنتُ أنا كل مشهد.
(3)
هناك أفلام لا تُشاهد، بل تُشاهدك.
تدخل فيك وتُعيد ترتيب مأساتك بشكل أجمل مما ظننت.
كل تفصيلة كانت تُوقظ فيي غرفةً قديمة،
وأنا… كلما صحوت من ذكرى،
انسكبتُ في أخرى.
كنتُ أجلس على الكرسي،
لكن قلبي كان يقف طوال الوقت،
ينتظر أن تصفق له الحياة.
(4)
لا أعرف لماذا يحدث كل هذا.
لماذا يمتحننا الحبّ بما لا نستحقّه؟
لماذا يشبه القلب شارعا منسيا،
كل من مرّ به ترك أثرا،
لكن لا أحد عاد ليسأل عنّا؟
حين انتهى الفيلم،
صفّق من حولي للمشهد الأخير،
أما أنا،
فكنت أصفّق لذاكرتي… لأنها أخيرا،
أكلت قلبي كله، ونامت.