رؤي ومقالات

د.فيروزالولي تكتب :الخارجية اليمنية: سفارات للرفاق و”جوازات مزدوجة”.. لا دبلوماسية ولا هم يحزنون!

ترانزيت الخارجية اليمنية: من يحمل الحقيبة… لا يحمل الوطن!
في اليمن، وزارة الخارجية ليست جهة سيادية تمثل الدولة في الخارج، بل أقرب إلى صالة مغادرة جماعية للنخب المترهلة، حيث لا يُشترط إجادة الدبلوماسية ، ولا فهم القانون، ولا حتى معرفة موقع السفارة على الخريطة.
يكفيك اليوم أن تكون:
نسيب مسؤول،
أو حامل جنسية هولندية/بريطانية/سويسرية،
أو مغترب من 20 سنة رجعت بـ”خريطة علاقات”، لتُعيَّن بكل فخر “مستشارًا دبلوماسيًا” بدرجة وكيل وزارة في سفارة أوروبية!
والفضل يعود إلى: د. شائع محسن الزنداني، نائب وزير الخارجية الذي لا يتعب ولا يملّ من تحويل الوزارة إلى حلبة تعيينات “للمعازيب”، وشبكة علاقات مصطفى نعمان ورفاقه القدامى.
آخر فصول العبث: تعيينات 1 أكتوبر 2025
في خطوة كان يمكن أن تكون سرية لولا تسريبها، أصدر الزنداني دفعة تعيينات جديدة، نورد منها الآتي:
الاسم مقر التعيين الوضع القانوني ملاحظات
عبدالله البشاري لندن نسيب رشاد العليمي تأشيرة دبلوماسية بالمصاهرة
عمر الصوفي جنوب إفريقيا ترك الخارجية منذ 15 عامًا مقيم في أمريكا، من تعز
صالح العوبثاني لاهاي ترك الوزارة عام 1998 يحمل الجنسية السويسرية
سهير الأصبحي نيويورك (الأمم المتحدة) جنسية هولندية لا علاقة لها بالسلك
وليد الأريامي واشنطن جنسية بريطانية مسؤول مالي مجهول الخبرة
عبدالقادر الصبيحي برلين جنسية بريطانية لا يُعرف له سجل دبلوماسي
ابتسام جارالله النمسا جنسية بريطانية تعيين بلا منافسة
نلاحظ التالي:
الأغلبية يحملون جنسية مزدوجة (مخالفة للقانون).
غالبيتهم انقطعوا عن الوزارة منذ عقدين.
لا احترام لقوائم الأقدمية، ولا إعلان عن الشواغر.
صفر معايير مهنية… و”كامل” شروط الولاء!
القانون؟ يضيع بين لاهاي وبرلين!
وفقًا لـقانون السلك الدبلوماسي اليمني رقم 2 لسنة 1991م:
المادة (7): “يشترط فيمن يُعيّن بالسلك الدبلوماسي أن يكون يمنيًا، حسن السيرة، غير حامل لجنسية أخرى.”
المادة (13): “تُراعى الأقدمية، المؤهل العلمي، اللياقة والكفاءة عند التعيين.”
وقانون الخدمة المدنية رقم 19 لسنة 1991م يشترط:
فتح باب التنافس على الوظائف.
الإعلان العام.
تقيّد الجهة بالتدرج الوظيفي ومبدأ تكافؤ الفرص.
لكن يبدو أن وزارة الخارجية تعمل بقانون داخلي خاص، يمكن تسميته بـ:
“قانون الشلة”: المادة الأولى – من يعرفنا، يُعيَّن.
“كرت العودة” من الشتات… تأشيرة تعيين
ما يجمع أكثر المعيّنين الجدد هو أنهم:
عاشوا في الخارج عقودًا،
يمتلكون عقارات وأعمالًا في أمريكا أو أوروبا،
لم تطأ أقدامهم وزارة الخارجية من التسعينات.
هل عادوا الآن لإعادة بناء الدولة؟
لا… عادوا ليقطفوا ما زرعه غيرهم، ويقطفوا “رواتب بالدولار، ومناصب بلا رقابة.”
كوميديا سوداء: وزارة لا تحب اليمنيين!
بكل بساطة:
إذا كنت كفؤًا، دارسًا للعلاقات الدولية، تعمل في عدن، وتعرف موقع فيينا على الخريطة؟
أنت مرفوض.
أما إذا كنت:
لاجيء في هولندا،
لم تداوم في الوزارة منذ 1998،
أو كنت حفيد شخص “مرّر تعيينًا للوزير”…
فأنت مؤهّل فورًا لتمثيل اليمن في نيويورك!
نعم، الوزارة الوحيدة في العالم التي تكافئ الغياب، وتعاقب الحضور.
الخارجية: وزارة أم شجرة عائلة؟
أصبحت التعيينات الدبلوماسية نسخة فاخرة من “شجرة العائلة اليمنية”:
ابن الوزير،
صهر السفير،
نسيب القيادة،
حفيد المجاهد المؤسس…
مما يجعلنا نقترح استحداث لقب دبلوماسي جديد:
“سعادة القريب الأول”، بدلاً من سعادة السفير.
خاتمة: دبلوماسية بالواسطة… وطن بلا تمثيل
السفارات اليمنية اليوم لا تمثّل الدولة.
بل تمثّل من لديهم “الكود السري” للنفوذ.
الخارجية ليست جسرًا يربط اليمن بالعالم… بل سلّمًا ينزل عليه الهاربون من الوطن لينالوا جوازًا دبلوماسيًا وإقامة فاخرة.
من يدفع الثمن؟
الموظف الكفؤ في عدن.
المواطن العادي الذي لا يجد من يدافع عنه في الخارج.
و”اليمن كدولة”، التي أصبحت تمثيلها في المحافل الدولية مادة للسخرية.
فيا سعادة الوزير، وسعادة “والنائب مصطفى”، ويا أصحاب الجنسيات الأجنبية:
ارحموا ما تبقى من هيبة الدولة… أو على الأقل، لا تطلبوا بدل تمثيل وطن، أنتم لم تعودوا منه أصلاً.
واخبرا
في زمن تُحرق فيه جوازات اليمنيين على أرصفة المطارات، يُمنح الجواز الدبلوماسي لمن لا يحمل من اليمن إلا الاسم.
وفي وقت يُلاحق فيه المواطن بتهمة “الوجود”، تُفتح أبواب السفارات لمن أتقن فنّ “الغياب المدفوع”.
هذه ليست وزارة خارجية… هذه مكتب تنسيق مصالح للمغتربين المرفّهين، ومحرقة لطموحات الشباب في الداخل.
فإن كانت السفارات مرآة الوطن…
فأي وجه هذا الذي نُصدّره للعالم؟
وإن كانت الدبلوماسية تُقاس بعدد الجنسيات الأجنبية في الوزارة…
فلنُسدل الستار على شيء كان يُسمّى “تمثيل اليمن”.
مصادر رسمية:
1. قانون السلك الدبلوماسي اليمني – رقم 2 لسنة 1991
2. قانون الخدمة المدنية اليمني – رقم 19 لسنة 1991
3. تقارير صحيفة “الأيام” حول الملحقيات غير القانونية
4. إضرابات موظفي الخارجية – وكالة سبأ 2023
5. وثائق وشهادات موظفين سابقين في ديوان عدن (تحتفظ الجهة بحق حجب الأسماء).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى