كتاب وشعراء

ضاعَ أم ماتَ……بقلم سليمان أحمد العوجي

كانَ
سيفًا يُشهرُهُ كلَّما خرجَ الباطلُ
لِتفقُّدِ أحوالِ الرعيَّةِ،
فلا تُعفِّرُهُ الهزائمُ،
ولا تَخذُلُهُ مجالسُ الشِّركِ…
كانَ عكّازًا يتوكَّأُ عليهِ،
فلا يَتعثَّرُ،
ولا يَهِنُ…
كلَّما تَرَنَّمَ بنشيدٍ
اعتليْنا صهوةَ النّشوةِ،
وقدَّمْنا قرابينَ “الآهِ”
حتّى ترضى آلهةُ الشجنِ…
يا اللهُ،
كَمْ كانَ رَخيمًا!
إنَّهُ (صوتُهُ) الَّذي ضاعَ، أيُّها السَّادةُ…
هل نَسيَهُ في الحافلةِ
الّتي تنقلُ الأمواتَ إلى أشغالِهِم؟!
لا… لا… لا أعتقدُ،
فالأمواتُ لا يأخذونَ إلّا أسماءَهُم…
أتُراهُ فقدهُ حينَ كانَ يُؤازرُ
أرملةً في الصراخِ على بابِ السلطانِ؟!
أتُراهُ قضى تحتَ حَوافِرِ الطوابيرِ؟!
أم ضاعَ في حديقةِ البيتِ،
حينَ كانَ يزرعُ الأعذارَ الهزيلةَ
لِلحرائقِ الكبرى في غاباتِ دمِهِ؟!
لا… لا… لا أظنُّ…
رُبّما
لم يتحمَّلْ مُخدِّرَ الوعودِ،
فماتَ بخطأٍ طبّيٍّ…
رُبّما تهشَّمَتْ عظامُهُ
حينَ هوى من الطابقِ العُلويِّ للهُتافِ،
أو بقيَ عالقًا
بسُورِ التسويفِ الشّائكِ…
على ذمّةِ جاري:
“إنَّهُ عُثِرَ عليهِ ميّتًا
في زاويةِ صندوقٍ انتخابيٍّ،
متأبّطًا حقيبةَ أمانيهِ،
وهوَ بكاملِ أناقتهِ الديمقراطيَّةِ”!
(كيفَ أُصدِّقُ الخبرَ؟!)
وابنتي — المولعةُ ببرنامجِ الشَّرطةِ —
شاهَدتْ لصًّا ببدلةٍ رسميَّةٍ وربطةِ عُنق،
يَعتَرفُ أنَّهُ صرفَهُ
على مَلذّاتِهِ الشخصيّةِ،
وهو:
(ندمانٌ، سيّدي)…
كلُّ الحكايا عنهُ
لم تبلُغْ سنَّ الرُّشدِ…
بالأمسِ
زَلّتْ قدمُهُ
وتعثَّرَ بشِعارٍ وطنيٍّ مُفخَّخ،
كُسِرَ خاطرُهُ منَ الفخذِ،
وصارَ أعرجَ الحلمِ…
آخرُ أخبارهِ:
هوَ اليومَ… بلا صوتٍ،
كلَّما عوى الليلُ
يَرمي لَهُ بِصرّةٍ من الأنينِ…
قولُوا لي:
منْ سيرفعُ لكم آذانَ الفجرِ؟!
منْ سينادي عليكم
إذا ما داهمَ ذئبٌ قطيعَ طمأنينتِكم؟!! .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى