زمن سنوات الجمر•• :ألى رفيقي …..بقلم علي السعيدي

ابعث عبر الاحلام والامال والامنيات رسالتي اليك راجيا عذرك اذ لا املك قلما ولا ورقة اكتب اليك فيها ولا يوجد في طامورتي مصباح لأرى ماحولي، ولا تصل خيوط الشمس الى خرم الباب الفولاذي، فحدود مملكة الشمس تنتهي خارج اسوار هذا القبر، لتنعموا ياصديقي انت وكل الاصدقاء الطيبون بضوئها ودفئها وتتمتعون بانعكاس أشعتها على اخضرار الأرض ووجه الماء.. انا يا صديقي أعيش في ظلام ..
المكان هنا بارد رطب كئيب، اعتدت هذه السنين ان اقضي حاجتي حيث اكون، فلم اعد اهتم بنوع الرطوبة التي أكلت عظامي وفككت مفاصلي، وحين يزداد توجعي اجد صوركم حاضرة في ذهني، حين كان للحرية طعم، رغم إنا لم نعرف قيمتها آنذاك ..
صور اطفالي تؤجج في قلبي نارا لا تخمدها كل دموعي فيضيق بي المكان واشعر بالاختناق فاستغيث صارخا وانادي باسماء اطفالي واحدا تلو الاخر فلا صوت ولا صدى، حتى يعييني التعب والالم فأجلس واضعا يدي على رأسي أرنو بأحلامي نحوكم،لعلكم تخترقون وحدتي وتفتحون لي نافذة ارى من خلالها ضوء الشمس لأرسم على خيوطها وجه أمي وهي تبحث عني من مكان الى مكان بعد أن ضيعني الزمان والمكان، وعيناها مغرورقتان بالدموع، تتعثر بأحزانها واوجاعها ..
………أه كم أشتاق لأمي!!!
هل تعلم يا صديقي انهم تاجروا بلحمي وأمتصوا دمي وانتهكوا كرامتي، وهل تعلم اني منذ ثلاثة اعوام بلا دثار ولا ثياب؟؟
في شهر كنت أتوسط أطفالي نشاهد جميعا مسلسل (باب الحار) اذ تزامن مع صوت قصف القاهرة المدوي في المسلسل، ركلة قوية قلعت باب بيتي، لم نشعر الا والشرطة تملأ المكان، ضربونا، ركلونا، شتمونا، لم يحترموا شيبة أمي العجوز حين اسقطوها ارضا، ومع الركل والضرب على وجهي، عصبوا عيني بشماغ والدي المرحوم وصفدوا يدي خلف ظهري، وكانت تلك اخر مرة ارى فيها النور ..
هل تعلم ياصديقي ماهي جريمتي؟؟
إني في تونس بلا جريمة …