محمد المحسن يكتب : السلام الوهمي.. والطريق المسدود..!
"علمني وطني أنّ حروف التاريخ مزوّرة..حين تكون بدون دماء.. "(مظفر النواب).

لأنّ إسرائيل متذرعة-بالسماء فقد احتلّت الأرض.. ولأنّ حاخاماتها المهوسون يرفعون شعارات قتل العرب والإستيطان عملا-بأحكام الرب-حسب زعمهم الذي اختار هؤلاء اليهود تنفيذا لمشيئته.. !ولأنّنا كما قال المستوطنون النازيون الجدد نستحق القتل..وكما قال-كبيرهم الحاخام يوسف عوفاديا -أنّنا من جنس أقل،ففتوى قتلنا مشروعة من وجهة نظر دينهم،وتدنيس المقدسات الإسلامية،واستخدام آليات القتل والتدمير وإبادة الفلسطينيين ومحاولة الإستيلاء على الحرم القدسي بإعتباره وفي نظرهم-جبل الهيكل-أمر لا يستحق الإستنكار.. !
ومادام ذلك كذلك فلا حرج أن تقفز إسرائيل على قرارات الشرعية الدولية وتنتهك كل القوانين والإتفاقيات والتشريعات التي تكفل إحترام الفرد وتعزّز إنسانيته،وتذهب إلى أبشع مدى وتتجاسر على هتك المقدسات المسيحية والإسلامية في القدس وتخترق السيادة الفلسطينية على المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف..وتصعّد من عمليات القتل والترويع وهدم وإحراق المباني والممتلكات الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة والقدس..
إنّ الجرح الفلسطيني ما فتئ يتعمّق،وفلسطين بالنيابة عنا جميعا،يخوض أبطالها معركة الصمود والبقاء،تحت زخات الرصاص ووسط حصار الدبابات والصواريخ،يحدوهم أمل وضّاء في تحقيق النّصر المبين..
وفي عالم فقدنا الثقة في نزاهته وفي ظل التواطؤات العالمية في مختلف أشكالها المخزية، يزداد الصلف الإسرائيلي وتوغل حكومة”آكلة الموتى”بتل أبيب في القتل والترهيب،ويغدو تبعا لذلك”السلام المنشود”زبدا وطواحين ريح..
فالعقلية التلمودية-كما أسلفنا-لا تعترف بقرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (181) القاضي بتقسيم فلسطين التاريخية بين اليهود والعرب الفلسطينيين بنسبة 50 في المائة!! ولا تكترث بقرار عودة اللاجئين ولا بموضوع وقف النشاط الإستيطاني..
وهذا يعني في مجمله أنّ-تحقيق السلام المزعوم-أمر يكاد أن يكون مستحيلا مع”شريك إسرائيلي”لا يلتزم بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومبدأ الأرض مقابل السلام..
وإذن؟
بات لزاما إذا-على دعاة السلام-من الفلسطينيين والعرب على حد سواء أن يعوا بأنّ-الدعوة-للتفاوض المزعوم وتكريس قضية التطبيع بمختلف الأشكال المريبة،قد برهنت الأحداث الدامية في فلسطين على السقوط الفاضح لها وعرّت طريقها المسدود وكشفت زيفها وخداعها من أوسلو إلى شرم الشيخ،وما الصمود الباهر -لأبناء غزة-أثناء حرب الإبادة التي شنها الكيان الصهيوني على-القطاع-ومتساكينيه،إلا دليل قاطع على إفلاس المفاوضات
العربية-الإسرائيلية،وعلى هشاشة التطبيع مع كيان غريب يستمدّ قوّته من ضعفنا ومن دماء الأبرياء..
ولذا فقد قالت-غزة-كلمتها الجاسرة،وانتصرت لقضيتها العادلة ورفعت-اللاءات-التي تخترق سجوف الصمت العربي وكذا الصلف الإسرائيلي وبرهنت للعالم أنّ فلسطين جرح غائر في الوجدان العربي لا تبريه المفاوضات العبثية وأنّ “الحكمة” التي طالبت أمريكا-الجانبين-أن يتسما بها استحالت جنونا،بما يؤكّد أنّ هذه الأمة الغائرة جذورها في التاريخ لن ترض بأي حلول أو اتفاقات تقفز على دماء الشهداء وعلى الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني*،وما على العالم إلا أن يعي أنّه من المستحيل التفريط في-تلك الدّماء الزكية-مهما سعى الآخرون وهم في طريقهم المسدود إلى تحويلها إلى حبر زائف تكتب به بيانات التنديد أو الإتفاقات المشبوهة..
قصارى القول إن مآلات قمة شرم الشيخ تتوزع بين عدة مسارات متباينة،فمن جهة،قد تحقق نجاحاً جزئياً يتمثل في إعلان هدنة إنسانية أو فتح قنوات اتصال غير مباشرة بين الأطراف،وهو ما يمنحها قيمة عملية ولو محدودة،ومن جهة أخرى،قد تنتهي إلى مجرد بيانات سياسية تعيد إنتاج اللقاءات الرمزية السابقة دون أثر ملموس على الأرض،ما يعزز حالة الإحباط الشعبي والإقليمي،كما يظل احتمال أن تمهّد القمة لمؤتمر دولي أوسع قائماً،خاصة إذا ما نجحت في خلق أرضية مشتركة بين القوى الكبرى.
في المقابل،فإن فشلها قد يفاقم الانقسام الإقليمي ويضعف الثقة بالدبلوماسية متعددة الأطراف، ولكن في النهاية،تمثل القمة اختباراً حقيقياً لقدرة المجتمع الدولي على تحويل الطموحات إلى خطوات عملية،وبناء مسار سياسي يوازن بين ضرورات الأمن ومتطلبات العدالة،بعيداً عن الاكتفاء بالشعارات.دون ذلك سيكون الإحتفال عبارة عن بهرجة إعلامية ارضاءا لغرور ترامب ولرؤيته بإدماج الكيان الإستعماري بالوطن العربي والعالم الإسلامي دون أي إجراء عملي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس..؟
الخطر الإسرائيلي بدعم أمريكي بات حقيقة بعد تصريح مجرم الحرب نتنياهو بأن أمامه مهمة روحانية تاريخية بإقامة إسرائيل الكبرى مما يستدعي أن تضع الدول العربية والإسلامية أمنها ومصالحها واستقرارها بكفة مقابل المصالح الأمريكية بالكفة الأخرى..؟
الشعب الفلسطيني يرفض إقصاء منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد كما يرفض أي مشروع بغيابه لايمكنه من الحرية والإستقلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف..؟!