رؤي ومقالات

الشاعر الكبير فاروق شوشة والإبداع الأدبي : دراسة في الأثر الفكري والأدبي

بقلم الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي..

مقدمة منهجية: تجديد الشعر العربي في العصر الحديث

لقد عرف الشعر العربي على امتداد تاريخه حركات تجديدية متنوعة بدأت منذ العصور الأولى لتاريخ الأمة الإسلامية. وعندما جاء العصر الحديث، جاء ومعه مناهج فكرية وفنية وسياسية واجتماعية وأدبية تكاد تكون مختلفة عن المناهج السابقة. وقد واكبت هذه المناهج الحديثة حركة شعرية عرفت باسم (الشعر الحر) أو شعر التفعيلة، التي مثلت نقلة نوعية في البناء والإيقاع والرؤية.

تحاول هذه الدراسة الوقوف على تجربة رائد من رواد هذا التجديد، وهو الشاعر الكبير فاروق شوشة (1936م – 2016م)، الذي رحل عن عالمنا في 14 أكتوبر 2016م. وبحكم العلاقة الوثيقة التي جمعت الباحث بالشاعر،

وبحكم تكوينه العلمي والثقافي ومنهجه الفكري والشعري المعتدل، وُجدت تجربته نموذجاً موضوعياً للإبداع الأدبي في العصر الحديث. يتناول هذا المقال بالتحليل والتقييم الأثر الفكري والأدبي والجمالي لشوشة، مستنداً إلى سيرته العلمية ومنجزه الشعري والنثري، لبيان موقعه في خارطة الأدب العربي المعاصر.

أولاً: التكوين العلمي والثقافي ومنهج الاعتدال

وُلد فاروق شوشة في محافظة دمياط سنة 1936م، وتخرج في دار العلوم بجامعة القاهرة سنة 1956م، وحصل على دبلوم كلية التربية بجامعة عين شمس سنة 1957م. إن حياة الشاعر منذ بدايتها كانت علمية وثقافية هادئة ومتزنة، بعيدة عن المفاجآت والمنعطفات الحادة، ما انعكس على تجربته الشعرية، فنجده ينحو نحو المحافظة الملتزمة، مع التجديد المنبثق من أصول وقواعد ثابتة.

إن الشاعر أو المبدع عموماً لا يولد مبدعاً، ولكن يولد وبداخله ملكة واستعداد فطري يمثل العنصر الذاتي أو الذوقي، الذي يتكامل مع العنصر الموضوعي الذي

يتكون من مجموع الصفات والخصائص الفكرية والاجتماعية والسياسية والدينية التي يحيا في ظلالها المبدع. وقد خضعت شخصية فاروق شوشة لتأثيرات بيئية وثقافية عميقة:

1.المؤثرات الاجتماعية والبيئية: تأثر الشاعر بالبيئة الريفية التي نشأ بها، والتي طبعت وجدانه بعالم الشعر. كما كانت والدته، ذات الثقافة العالية، عاملاً مساعداً، بالإضافة إلى قيمة الحب وأثرها في مسيرته الفنية، ورافد الطبيعة الخصبة (إقليم دمياط) الذي غذّى قريحته بالخيال والتأمل.

2.المؤثرات الفكرية: تشكل وجدان الشاعر الفكري عبر القراءة المتعمقة، وتأثير الأساتذة، وطبيعة عمله الإعلامي والثقافي الذي صقل رؤاه.

3.المؤثرات الدينية والصوفية: كان لنشأة فاروق شوشة في أسرة تتسم بالتدين والصلاح، وعلاقته ببعض الشيوخ الصوفيين، أثر كبير في تبلور حسه الديني. وقد تجلى هذا الاهتمام في دراسته وتأليفه، مثل كتاب (أحلى عشرين قصيدة حب في الحب الإلهي)، الذي قدمه بمقدمة صافية تحت عنوان (الرحلة في بحار العشق).

وقد اقتبس الشاعر من أجواء الصوفيين وصورهم ومعاجمهم في شعره الخاص، كما في قصيدته التي تحمل العنوان ذاته:
يا محبوبي / وحدي / بعدك أعبر هذا الليل الموحش…

ونرى في هذه الأبيات توظيفاً لألفاظ مثل (محبوبي)، (أعبر هذا الليل)، (فيض الرؤيا)، وهي ألفاظ مشبعة بعبق المعجم الصوفي، ما يؤكد عمق التزام الشاعر الروحي.

ثانياً: مسيرة النتاج الشعري وتطور التجربة الفنية

بدأت رحلة الشاعر مع نظم الشعر في المرحلة الثانوية، حيث ألف مسرحية شعرية بعنوان (على مسرح التاريخ). أما النشر الرسمي فكان بإصدار ديوانه الأول (إلى مسافرة) سنة 1966م، إلا أنه أكد أن تجربته الحقيقية بدأت قبل ذلك بعشر سنوات بقصيدة (ضاع في الزحام). توالت بعد ذلك دواوينه: (العيون المحترقة) (1972م)، (لؤلؤة في القلب) (1973م)، (في انتظار ما لا يجئ) (1979م)، (الدائرة المحكمة) (1983م)،

والتي جُمعت في الأعمال الشعرية الكاملة (المجلد الأول) عام 1985م. ثم تلتها دواوين أخرى منها: (لغة من دم العاشقين) (1986م)، (يقول الدم العربي) (1988م)، (هئت لك) (1992م)، وأخيراً (سيدة الماء) (1994م).

يشير التفاوت في الفترات الزمنية بين إصدار الدواوين إلى أن الشاعر لا يتكلف الشعر أو يتصنعه، بل يترك للقصيدة فرصة التبلور والإفضاء الذاتي، وقد يعود ذلك أيضاً إلى طبيعة عمله ومسؤولياته. ولكن في المحصلة، ظل الشاعر مخلصاً للشعر، وأصبح نتاجه الشعري يأخذ صورة شبه منظمة ومستمرة.

اكتنفت التجربة الشعرية لفاروق شوشة إطاران رئيسيان:

1. الإطار الوطني والسياسي: عالج الشاعر من خلاله الموقف الذاتي والموضوعي من مصر والوطن العربي، وتفاعل مع أحداثها، متجلياً بوضوح في ديوانه (يقول الدم العربي). كان شعوره قوياً يحفز على كل ما هو نبيل وجميل لوضع الوطن في مكانته اللائقة.
2. الإطار الإنساني والوجودي: وهو إطار أشمل، يصور فيه الشاعر الإنسان وغربته وخوفه، ويمثل لبنة أساسية في تجربته العامة. حاول الاقتراب من الهم الشعري الأول للإنسان وإبراز القضايا الكونية المتشابكة مع الواقع الإنساني، من خلال مفاهيم مثل الحب والخير والحق.

لقد صبغت قضية الإنسان الرؤيا العامة للشاعر، وتجلت أظهر ما يكون في ديوان (سيدة الماء)، حيث جاءت أغلب المواقف الشعرية مصورة علاقة الإنسان بالطبيعة والكون، رغم تشبع بعض الصور بمسحة سوداوية قاتمة، كما في قصيدة (رحيل النوارس)، حيث يتساءل:

أم هو الحلم / يخلع بعض الأمان من القلب / بعض السكون.ومع ذلك، يبقى للجمال والحب والأمل القيمة والمثال الذي يرافق الشاعر في درب الواقع المرير.

ثالثاً: الخصائص الفنية واللغوية والمنهج المعتدل في التجديد

تميّزت تجربة فاروق شوشة الشعرية بعدة خصائص فنية تؤكد ملكته العربية الخالصة ومنهجه الفكري المعتدل:
1. التجديد الملتزم ومرجعية التراث: كان الشاعر يميل إلى التجديد المنبثق من قواعد وأصول ثابتة وراسخة مستقاة من التراث العربي. والدليل الأبرز على ذلك هو مزجه بين اللونين المشهورين في الشعر العربي: الشعر العمودي وشعر التفعيلة. فقد كان يجمع بينهما في القصيدة الواحدة أحياناً، ولم يخل أي ديوان من دواوينه الثمانية الأولى من قصائد عمودية، ولم يتخل عن هذا المزج إلا في دواوينه الأخيرة، مؤكداً بذلك موقفه الرافض للتطرف والجموح الفني.
2. اللغة والصورة الشعرية: جاءت لغته عربية شرقية الملامح، تنهل من معين عربي صرف، وصبّت في قالب تركيبي وبياني يخضع للقواعد العربية. كانت صوره الشعرية محملة بلفحات عصرية جميلة، توظف التراث والبلاغة العربية في قالب يتناغم معه، جاعلاً من التراث أداة من أدوات التوصيل الشعري إيماناً بقيمته.
3. توظيف الأسطورة والرمز: وظف فاروق شوشة الأسطورة والرمز بجميع أنواعهما، بأسلوب يمزج بين الموقف والأسطورة مزجاً يجعل من الأخيرة عامل كشف وبوح معرفي وشعوري ينغمس في عناصر التجربة الشعرية.
4. الإيقاع الموسيقي: وائم الشاعر في موسيقاه بين الموسيقى ذات التفعيلات المركبة والموسيقى الخفيفة. وكان يمزج بين موسيقى بحر الطويل وبحر المتدارك في القصيدة الواحدة، وهو ما يعكس مرونته وقدرته على استيعاب المقومات الموسيقية للشعر العربي.

أقوال الكاتب (الأستاذ الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي) عن فاروق شوشة:

1. عن تجربته الشعرية:
“تميزت تجربة فاروق شوشة بالتوازن بين الأصالة والحداثة، فجمع بين روعة التراث وحيوية العصر، مما جعله نموذجًا للشاعر الملتزم بقواعد الفن دون أن يفقد روح التجديد.”
2. عن لغته الشعرية:
“لغة شوشة شرقية الملامح، تنهل من معين عربي صافٍ، لكنها تسبك في قوالب معاصرة تمنحها حياة جديدة.”
3. عن توظيفه للرمز والأسطورة:
“استطاع شوشة أن يذوب الرمز في تجربته الشعرية ذوبانًا يجعل منه كاشفًا للبوح المعرفي، لا مجرد زخرفة لغوية.”
4. عن تأثير البيئة فيه:
“نشأته الريفية في دمياط، وتفتح عينيه على جمال النيل وخصوبة الأرض، غذّت خياله بصور طبيعية أصبحت جزءًا من نسيج قصائده.”
5. عن موقفه من القضايا الإنسانية:
“عبر شوشة عن هموم الإنسان بصدق، فجاءت قصائده مرآةً للغربة والقلق الوجودي، لكنها لم تخلُ من بصيص أمل يضيء دروب اليائسين.”

خاتمة: أثر فاروق شوشة في الحياة الفكرية والثقافية

إن رحلة فاروق شوشة الشعرية والأدبية، التي تتبعناها بإيجاز، تمثل “زمن الحلم الجميل” الذي يفيء على الإنسان بالحب والسمو والطهر والشفافية. لقد انصهرت في أعماقه اللغة العربية روحاً وإحساساً، فصارت تجربته تخوماً وأبعاداً فنية لها دلالات فكرية ونفسية وأدبية عميقة.

لقد كان فاروق شوشة شاعراً يسعى إلى العودة بالقصيدة الشعرية إلى صياغة جديدة للعالم، وإلى إعادة الهيبة والسطوة للشعر في الحياة المعاصرة. وبعيداً عن منجزه الشعري، فقد كان له أثر لا يُنكر في الحياة الثقافية والتعليمية من خلال عمله الإعلامي (برنامج لغتنا الجميلة وغيره)، الذي ساهم في ترسيخ الذوق اللغوي الرفيع والحس الجمالي لدى أجيال متعاقبة.

يُعد فاروق شوشة مثالاً للأدب والشعر الجميل الذي يجمع بين أصالة التراث وضرورة التجديد، ملتزماً بمنهج فكري معتدل، ما جعله رمزاً للإبداع الأدبي الرصين ومُجدِّداً لا ينسلخ عن جذوره. إن تقييم أثره لا يقف عند حدود الإبداع الشعري فحسب،

بل يمتد ليشمل دوره كـمُثقف عضوي ساهم في تشكيل الوعي اللغوي والجمالي في العالم العربي. لقد ترك رحيله فراغاً كبيراً، لكن منجزه يظل مرجعاً أساسياً لكل دارس وباحث في حركة التجديد في الشعر العربي الحديث.

رابعاً: القصيدة التذكارية “إلى روح فاروق شوشة” وتحليلها الأدبي

تتويجًا للعلاقة العلمية والإنسانية التي جمعت الباحث بالشاعر الكبير فاروق شوشة، يقدّم الأستاذ الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي هذه القصيدة في ذكرى رحيله، تعبّر عن عمق الصداقة والوفاء بين مثقفين جمعتهما محبة اللغة العربية وصدق الكلمة.

تمثل القصيدة نموذجًا لتجسيد التفاعل بين التجربة الشخصية والرؤية الجمالية، إذ تتحول مشاعر الحزن والحنين إلى لغة رمزية رفيعة تُعيد إحياء الشاعر الراحل من خلال الكلمة ذاتها التي عاش لأجلها.

قصيدة: “إلى روح فاروق شوشة”
بقلم الأستاذ الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي
يا شاعرَ الحرفِ، يا أنغامَ مُلتَحِمٍ
في الصدقِ والضوءِ والإيقاعِ والْقَلَمِ
يا من سكنتَ لغاتِ الضادِ مُبتَهَجًا
كأنّ في نَفَسِ الأكوانِ من نَغَمِ
من “دمياطَ” الغيمِ حتى القلبِ في “قُصَفٍ”
تُعانقُ البحرَ، لا تخشى من العَدَمِ
علّمتَنا أنّ في الألفاظِ ذاكرةً
تُعيدُ للروحِ ما ضاعَت من الحُلَمِ
يا فارسَ الشعرِ، إنّ الحرفَ يذكُرُنا
أنّا التقينا على معنى من الكَلِمِ
في المجمعِ العربيِّ، القلبُ مُنبَسِطٌ
والعلمُ يجري على الألسنِ كالدِّيمِ
حدّثتَني عن رؤى الإنسانِ في وَطَنٍ
يُعيدُ للأمةِ المكلومةِ النَّسَمِ
واليومَ أكتبُ من كوسوفا رسالَتَنا
من مَوطنِ الشِّعرِ والإيمانِ والقِيمِ
يا من غفَوتَ على ألحانِ قافيَةٍ
تُصلّي الحرفَ في محرابِهِ الأُمَمِ
نمْ في سلامٍ، فإبداعُك في وَطَنٍ
من نورهِ يُستضاءُ الحرفُ والعَلَمِ

التحليل الأدبي والفكري للقصيدة

1. البنية الدلالية والوجدانية

تتخذ القصيدة منحى رثائيًا إنسانيًا يتجاوز التعبير العاطفي المباشر إلى بناء رؤية فكرية عن الخلود الأدبي. فالشاعر (الدكتور بكر إسماعيل) لا يرثي الجسد، بل يحتفي بالفكر الذي بقي حيًّا في الوعي الجمعي للأمة.
إن النداء الافتتاحي” يا شاعر الحرف، يا أنغام ملتَحِمٍ” يحمل دلالتين: الأولى وجدانية تعبّر عن الارتباط الشخصي، والثانية رمزية تمثل اتحاد الحرف بالصوت والمعنى، أي اكتمال التجربة الشعرية في وعي المتلقي.

2. الرمز المكاني والبعد الثقافي

يتكرر في القصيدة الرمز المكاني (دمياط – كوسوفا – المجمع العربي)، ليجسد جسر التواصل الثقافي بين المشرق العربي والبلقان، وهو ما يرمز إلى وحدة المصير الثقافي العربي – الإسلامي.

يظهر المكان هنا فضاءً للذاكرة الشعرية، حيث دمياط تمثل الطفولة والبدايات، بينما كوسوفا تمثل استمرار الرسالة الشعرية في الضمير الكوني.

3. البنية الإيقاعية والموسيقى الداخلية

اختار الشاعر بحر الكامل الذي يتميز بقدرته على الجمع بين الرصانة العروضية والعاطفة الرقيقة. تكرار الأصوات الممدودة (الـم، النم، القلم) يمنح النص موسيقى خافتة حزينة تتناسب مع جو الرثاء، لكنها في الوقت نفسه تبعث نغمة التسليم والسكينة.

وهذا التوازن الإيقاعي هو في ذاته تحية لروح فاروق شوشة، الذي اشتهر بدقته الموسيقية في الإلقاء والإنشاد.

4. الصورة الشعرية والمعجم الرمزي

تقوم الصورة على ثنائية الحياة والخلود، وتتحول المفردات إلى رموز فكرية:
•“الألفاظ ذاكرة” ← دلالة على اللغة كحافظة للهوية.
•“محراب الأمم” ← رمز للقصيدة بوصفها معبدًا روحانيًا يجتمع فيه المبدعون.
•“من كوسوفا رسالتنا” ← إحالة إلى الامتداد الثقافي الذي يتخطى الحدود الجغرافية نحو وحدة إنسانية.

5. وحدة التجربة وصدق التعبير

تتسم القصيدة بوحدة عضوية مكتملة؛ فكل بيت منها يلتقي مع الآخر في المضمون العام: الاحتفاء بفاروق شوشة بوصفه ضميرًا أدبيًا وإنسانيًا.
ويظهر الصدق العاطفي واضحًا في البنية الخطابية التي تجمع بين نغمة الرثاء ونبرة الاعتزاز، مما ينسجم مع ما عبّر عنه الدكتور بكر إسماعيل في دراسته من أن شوشة “جمع بين الأصالة والحداثة دون أن يفقد روح التجديد”.

خاتمة تحليلية

إن هذه القصيدة ليست مجرد تأبينٍ لشاعرٍ رحل، بل هي بيان أدبي في الدفاع عن القيمة واللغة والإنسان.
يُعيد الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي عبرها رسم صورة فاروق شوشة كرمزٍ للإبداع العربي النقي، ويربط بين الرسالة الثقافية للشاعر المصري ودور المثقف الكوسوفي في الحفاظ على الجسر الحضاري المشترك.

إن القصيدة، بما تحمله من موسيقى داخلية وصور رمزية ووحدة وجدانية، تمثل استمرارًا طبيعيًا لروح الشعر العربي الأصيل الذي آمن به فاروق شوشة، ورسالة وفاء إنساني بين كوسوفا ومصر، بين الذاكرة والخلود.

——————-
كاتب الدراسة:

السفير والممثل السابق لكوسوفا لدى بعض الدول العربية
عضو مجمع اللغة العربية – مراسل في مصر
عضو اتحاد الكتاب في كوسوفا ومصر
E-mail: [email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى