مراثي الحلم السيزيفي…..بقلم أحمد نصر الله

مراثي الحلم السيزيفي
بجنونٍ شرِهٍ،
يتقافزُ جلجامشُ الأخير
على شجرةِ الوهمِ
الضاربةِ بجذورِها القوية
في أعماقِ ثمانينَ غفلةٍ… وزيادة.
يحاولُ أن يُسقِطَ
ثمرةَ الجوعِ
من فمِ فكرةٍ عرجاء،
لكنَّ صخرةَ سيزيف
تبتلعُ الحلمَ قبل سقوطه،
فيصطدمُ بطوابيرِ النملِ الزاحف
على جدارِ ذاكرتهِ المتآكلة،
التي لا تُسعفُها
كلُّ آبارِ البترولِ المتفجّرةِ
من أصابعِ نيرونَ .
يخرجُ صوتُهُ من صومعةِ “الترندات”،
ملفوفًا برغوةِ اللاشيءِ،
بعقلٍ معلَّقٍ على مشجبٍ:
“لا جديدَ يُقال،
ولا قديمَ يُعاد.”
إذْ المعنى ليس
إلا اختناقًا أنيقًا
في حنجرةِ الضوء.
رأسُ الحكمةِ
ملتصقٌ بدُبُرِ جواري هولاكو،
وسنووايتُ لا همَّ لها
سوى اغتصابِ الذئبِ المسكينِ
ليلَ نهار،
بينما تُصفّقُ لها المرآةُ
وتقولُ:
“أنتِ لذّةُ الهذيانِ الضاحك،
وحشرةُ الجمالِ الخالدة.”
يطلقُ رصاصةً نحوَ ذاكرته،
يطعنُ حنينَه إلى وجهِه القديم
بخنجرِ البلادة،
يركلُ ظلَّه،
ويصبُّ غضبِه
على الضوءِ المسلَّطِ
على سَوأةِ مراياه،
حيث يختبئُ بروميثيوس،
يحاولُ إشعالَ نارٍ جديدةٍ
من رمادِ الوجوه.
يقفزُ مرةً أخرى،
يلتقطُ العدمَ المكدَّسَ
في خزائنِ الوقت،
غيرَ عابئٍ بوصايا الغيم،
ولا بنبوءاتِ الريح،
التي تهمسُ باسمِ حورس
قبل أن تنكسرَ جناحاهُ
في فضاءٍ مرهونٍ بالعبث.
بينما يدخلُ البحرُ محرابَه،
يُشعلُ غليونَه،
ويتركُ للموجِ الحكم،
وللريحِ مهمّةَ دفنِ الصدى
تحتَ طرقاتِ الهرولة،
حيث يضحكُ أوديسيوس أخيرًا،
وقد نسيَ طريقَ العودة.