وسائد صمت….بقلم فاضل عباس

وسائد صمت
يا وسائد الصمت،
كم من أسرارٍ مرت دون
أن يتركنَ أثرًا
سوى رجفةٍ خفيّةٍ في الريش الأبيض…
يا وسائد الصمت ،
هذه الليلة ليست كسائر الليالي،
أنفاسُها تسكن الغرفة
كما تسكن الفكرةُ رأسي
حين أكون على حافةِ اليقين.
كل زفرةٍ منها ليست
مجرّد هواءٍ ينساب من رئتين،
بل تاريخٌ صغيرٌ يتشكّلُ في الظل،
تنهيدةٌ طويلة تجرُّ معها
ظلال الأسئلة التي لا تُجاب،
كأنها تقول لي دون كلام:
هل فكّرت يومًا من أين يأتي الهدوء،
وإلى أين يذهب حين نرتجف؟
يا وسائد الصمت،
أنفاسها تؤرقني
لأنها تذكّرني بما هو
أعمق من حضورها
تذكّرني أنّ الوجود لا يُقاس بالحركة،
بل بالفراغات التي تتركها
الأصواتُ حين تسكت،
وبالمسافةِ التي يعبرها
المعنى دون أن يُقال.
يا وسائد الصمت ،
كل نفسٍ منها يفتحُ فجوةً بيني و أنا،
فجوةً أسقطُ فيها كفيلسوفٍ
ضائعٍ بين الإدراك والتأمل
أنفاسُها تشبه سؤالًا بلا إجابة:
متى يبدأ الوجود؟
هل عند أول شهيقٍ،
أَمْ عند أول من يصغي لذلك الشهيق؟