رمادي….بقلم سليمان أحمد العوجي

باهتٌ أنا كتشرينِ الحُبِّ،
لا صحراءَ وَحشةٍ،
ولا أُنسَ السّراب.
لا صيفَ الدوالي،
ولا قنوطَ اليَباب.
نشيدٌ بنصفِ عينٍ ينام،
وقصيدةٌ لا يُوشِّحها غياب.
رَمادٌ إن شئتَ أنا،
بقايا حريقٍ!
رماديٌّ أنا إن شئتَ،
بينَ السّوادِ والبياض.
على كتفَيَّ مَلَكانِ
بدفاترَ بيضاءَ ونعاس.
يُغادرُ أهلُ الحيِّ،
وتبقى البيوتُ فاغرةَ الوجعِ.
أحرُسُ أحزانَها،
وأحتفظُ بحكاياها
طازجةً في ثلّاجةِ صمتي.
على سورِ الوداع
ما زالَ شالُها يَهذي
منذ أندلسِ الضياع.
كلّما فَرَكَتْ خاتمَها
أتسمرُ في قعرِ المكان،
وأبقى حيّاً ما استطعتُ.
تدخُلُ ذاكرتي المُسنّةُ
مَبْرَةَ النسيان،
ولا يبقى منها إلّا
عجائزُ لريحانِ الخميس.
كالماءِ أنصِبُ فخَّ السكينةِ
لِقَمَرِ المساءِ، ولا يأتي.
أتكوَّرُ كصِفرِ الحياد،
لا أَشتمُ ولا أُهلِّل،
لا أُبخِسُ ولا أُجمِّل.
زَبَدٌ يصنعُ ممالكي
بلا عُروشَ ولا رعيّة،
بلا حدودٍ ولا هُويّة.
لا تُسرَجُ لها خيلٌ
لِغزوٍ أو رُهان.
أمُرُّ على مناماتي
كقطارٍ سريعٍ
يعبُرُ الغابات،
ولا يحفَظُ من قاماتِ
الشجرِ شيئاً.
لا يَثلِمُ ظُفرُ اليأسِ
خدَّ أمنياتي،
أحتفي كلَّ مساءٍ بخيباتي،
أرتّبُ لهنَّ أرائكَ الوقت.
تهزُّ الريحُ شجرةَ نومي،
فلا يأبَهُ عصفورُ النُّعاس.
لا أُعاتبُ أَملاً نسيني يوماً
على مقعدِ انتظار.
ما همَّني وأنا أعمى القلبِ
إن أَسرجَتْ خيلَ ابتسامتها
وأقبلتْ…
فحصوني أسقطَها التتار،
وقلاعي سباها الغبار.
ما همَّني ما يكدِّسُ
في بطونِ الليلِ
ذئابُ النهار،
ولا قهقهةُ المحتفلين
بتمامِ المليار،
ولا خسارةُ وصيفةٍ
بالتاجِ (عشَّموها)
قبل أن تُضيِّعَ
مفاتيحَ القرار.
أضحكُ لجدالِ الغنيِّ
في سعرِ الكفن،
وأجرِ نحّاتِ الشاهدة.
راهنتُ ما استطعتُ
على فرحِ السواقي،
فابتلعها بحرٌ
متلاطمُ الجشع.
خذلني الرومُ والفُرسُ،
وأضرمَ الأهلُ
في ثيابي النار.