إِلَيْهِ… بقلم ولاء شهاب

لِتَعْلَمْ أيُّها الغائِبُ خَلْفَ أَسْوارِ التِّيهِ وَالعَدَمِ:
أَنَّهُ في لَيْلَةٍ مِن لَيالِيهِ
المُتَشَحَّةِ بِالظَّلامِ الحالِكِ،
كانَ يَئِنُّ فِيها كَعادَتِهِ،
يَتَمَنّى أَنْ يَراكَ،
وَيُبْلِغَكَ مِنْهُ السَّلامَ…
وَيُرْسِلُ لَكَ،
وَلَوْ نَبْضَةً واحِدَةً
مِنْ فَيْضِ نَبَضاتِهِ،
الَّتي لا تَتَوَقَّفُ عَنِ
الهَمْهَمَةِ بِاسْمِكَ،
وَالكَثِيرِ مِنَ الثَّرْثَرَةِ،
وَالعِتابِ، وَالمَلامِ…
سَمِعْتُهُ وَهُوَ يُناجِيكَ
خِلْسَةً عَنِّي،
وَتَواعَدَ مَعَكَ سِرًّا
كَي يَلْقاكَ فِي المَنامِ…
صَرَخْتُ فِيهِ بِضَجَرٍ،
وَنادَيْتُهُ:
يا قَلْبِي…
أَإِلى هَذا الحَدِّ
أَصْبَحْتَ لا تَرى أَحَدًا سِواهُ؟!
أَلا تَرى كَمْ مِنْ عاشِقٍ حَوْلَكَ،
يَتَمَنّى وُصْلَكَ،
أَوْ يَنالَ القُرْبَ مِنْكَ؟
هَلْ خُنْتَ وَعْدَكَ لِي؟
أَتُريدُ أَنْ تَلْقاهُ رُغْمًا عَنِّي،
وَلَوْ طَيْفًا يَسْرِي بِكَ فِي حُلْمِكَ؟
أَمَا كُنْتَ تَحْلِفُ لِي،
بِأَنَّكَ كَرِهْتَهُ،
بَعْدَما تَجَرَّعْتَ مَعَهُ
كُلَّ أَلْوانِ الغَدْرِ،
وَالجحودِ، وَالهَوانِ؟
يا قَلْبِي،
وَحْدِي رَأَيْتُ أَقْنِعَتَهُ،
الَّتي كانَ يُبَدِّلُها ،
وَهُوَ مَعَكَ بِلا خَجَلٍ…
وَحَتّى كُلُّ كَلِماتِ الغَزَلِ
كانَ يَخِيطُ حُرُوفَها كَمُراوِغٍ حَذِقٍ…
آهٍ مِنْكَ…
وَيْحَكَ،
انْفُضِ الغِبار عَنْ عَيْنَيْكَ…
فَوَاللهِ ما سَكَنَّتْهُ يَوْمًا،
وَلا أَحَبَّكَ ..
كانَ يَتَلاعَبُ بِكَ دَوْمًا،
مِثْلَما تَلاعَبَ بِغَيْرِكَ…
فَتَفَكَّرْ يا قَلْبِي قَليلًا،
وَلْتَسْمَعْ نِدائيَ الأَخِيرَ:
اتْرُكْهُ فِي جَبِّ الخذلان ،
وَأَلْقِهِ فِي طَيِّ النِّسْيانِ ،
فَما خُلِقْنا لِنُسْتَنْزَف فِي سَرابٍ،
ولا لِنَمُوتَ ألفَ مرّةٍ،
في انتظار ميلاد أملٍ من حبٍ عقيم…







