رؤي ومقالات

صلاح البلك يكتب:أحلام التحرر قيد ” التحقيق “

حالمون ولدنا في منطقة المستحيل ،حيث الأحلام مؤجلة وقد تكون ملغية دون أن ندري ،يسكننا الخوف ويحتل عقولنا ويغتصب لحظات الفرح القليلة التي عشناها ..تلك أقدارنا ولا فكاك منها وليس هناك أسوأ من أمنيات تبتعد كلما اقتربت أنت منها .
ثلاثة أرباع قرن نحارب ويموت منا مئات الآلاف ويهجر أضعافهم ..نصبر ونعاود الكرة مرة تلو أخرى ولا يزيد سوى الخذلان والدم المهدر على مذبح الحرية فيما يصفق أخوة الدم والعرق والدين للقتلة وتصل بهم الصفاقة حد التحالف معهم والرقص على أجساد الشهداء والتزلج على الدماء الطاهرة وتوزيع الهدايا ومنح الثروات كأنما يكافئونهم على فعلتهم بل يجالسونهم أمام الشاشات ويكيلون المدح لمن جوع الأكباد ومول أكبر مذبحة عبر التاريخ الإنساني.
الحقيقة الموجعة وفق كل المسارات المطروحة تؤكد أننا على شفا سنوات عجاف قد لا يموت فيها حلم التحرير لكنه سيتوارى خلف حلول العجز والضعف والتفسخ التي ضربت الأمة وأصابتها في مقتل وكأنما ماتت ولم تعد فيها حياة .
نحن في أسوأ فترات التاريخ العربي والإسلامي وتلك مشتركات لم يعد التعويل عليها في نصرة قضايانا يجدي نفعاً بعد ما شاهدناه طوال عامين وبعد أن ثبت فشلها عبر التاريخ ..ليس أمامنا سوى القيم الإنسانية التي حركت شعوب الأرض ضد حكامهم لنصرة القضية الفلسطينية في إيرلندا وأسبانيا وكولومبيا وجنوب افريقيا وغيرها من الأمم التي تحسن تقدير أهمية الحفاظ على القيم الأساسية للحضارة الإنسانية وتدافع عن استمرار العمل بها حفاظاً على البشرية من حفنة الأشرار ومصاصي الدماء في كل العواصم المؤيدة للحرب وقصور الحكام فيها وفي بعض دولنا للأسف الشديد .
نحيل تحقيق الحلم لمن يأتي بعدنا من الأبناء والأحفاد مصحوباً باعتراف صريح بأننا أخفقنا طوال العقود الماضية ولكننا لم نيأس وحاولنا رغم القهر والخطوات التي أعادتنا للخلف دون إنجاز المهمة وإن كانت أسطورة المقاومة لا تزال ماثلة أمام العالم ..تسعى للتحرر واستعادة الأرض السليبة ولا تعرف الهزيمة ..بلا امكانيات ولا دعم ممن كان يفترض بهم ذلك ولكنه الخذلان سمة هذه الأمة الواهنة المزيفة .
سننتصر يوما وسنسترد الأرض ومن قبلها الإرادة ..سنرفع الآذان على المنابر ونقرع الأجراس في الكنائس ونصدح بأناشيد النصر ..قد لا نفعلها نحن ولكننا سنشارك بأرواحنا مع أجيال قد يكون الصالحون فيهم أكثر منا عدداً وأشد قوة مما نحن عليه الآن .
سنودع الحلم مؤقتاً ولكننا لن نتنازل عنه وسنكتبه على الشمس التي لا تغيب..ما يغيب عن العين يدركه الوعي ولا يفارق خيال الأجيال من قضى نحبه ومن ينتظر ومن هوفي أصلاب الأباء وأرحام الأمهات ..ما بيد الله نصر سندركه لا محالة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى