ذاكرة اليَباب…بقلم هادية السالمي

اركضْ بوجهكَ، فإنّ الْوحْلَ في الأذقانِ
للّذي به تَرَفٌ
فالنّخلُ قد سمَّجَه الْغيمُ
و ما طابت سماؤه و ما هَطَلَتْ.
كأنّ صَمْغَ الْقَحْطِ عنه غيَّبَ القمرَ
فاكتفى به سَعَفًا
واتّسَعَتْ في نُسْغِهِ قصائدُ الْجَدْبِ و في المطرِ .
قد شَحَّتْ أعذاقُهُ
مُذْ أرضُه عَقِرَتْ
و سكنت أقواسُه
مُذْ غَلَّها الْقَرَفُ.
اركُضْ بوجهكَ
فَصَكُّ الغفران للَّذي بالْوجهِ قد ركض،
و إنَّهُ أزمنةٌ للصَّبِّ في الصَّبَبِ.
صكُّ الغفران رذاذٌ مِن ظِلالِ الصّمتِ و التِّيهِ
بلا صَخَبٍ.
يأتيكَ بالْمَنِّ و أطواقٍ مِنَ الْغَمامِ
كالصَّدَفِ.
اركُضْ بوجهكَ
تَجِدْ مُغْتَسَلا مِن كَدَرِ الطّينِ،
و فيه أنتَ تعْتَكِفُ.
سيَنْزَعُ التُّفّاحُ منْكَ ظُفْرَهُ
و وَخْزَةَ الْقَشَفِ،
و ستُصَفِّقُ لكَ الْمِرْآةُ
والْجُدْرانُ تبتَسِمُ.
ستَتَعَلَّمُ هناك
كيف تُنْسَى سِدْرَةٌ بالرَّمْلِ تَلْتَصِقُ…
اركُضْ بوجهكَ إلى الْهُناكَ
تَنْعَمْ بِهَوَى الْقِيعةِ و الظُّلَمِ.
تلك الْفاتِنَةُ ،
في وجهكَ يَلْتَمِعُ غَيْمُها و ينْتَثِرُ.
في كفِّها الْقَدَحُ و الْأَعْنَابُ تَخْتَمِرُ.
مَفْتُونٌ بِثَوْبِها بَحْرُكَ و الْبَصَرُ.
في أقداحِكَ
صَبَابَةُ الّتي شَغَفَها يُوسُفُ حُبًّا،
وبهِ كَلِفَتْ…
اركُضْ بالْوَجْهِ إلَيْها و الْوَجْدُ فيكَ يَتَّقِدُ
و لكَ في ذاكِرَةِ الطّينِ
مَنَافِذُ لِأَوْجَاعٍ تَضْطَرِمُ .
و لَكَ في ذاكِرَةِ الْيَبَابِ،
مِعْرَاجٌ لِلْحَيَاةِ والسَّكَنِ…







