كتاب وشعراء

تأتيك أصواتهم ….بقلم أكرم صالح الحسين

ثم..
تأتيك أصواتهم
مسحوبة من داخل الأماكن الموبوءة، أصوات لا تحمل غير العهر وأمنيات الخراب
أمسك هاتفي وأبدأ برسم الأسماء والمواقع لعلي أحظى بقصيدة أو نص يحملني بعيداً عن واقع نعيشه جميعاً وسط هذا العالم الغريب، يمنحني شعوراً جديداً بأن الحياة مستمرة بكل مافيها من فقر وتشرذم وانفكاك، يبعد عني شبح الكهرباء والماء والنت ومصاريف المنزل وأشياء تشكل حاجزاً أمام وجهي ويومي تاركة لي حرية الاختيار مابين البكاء والصراخ.
رغم كل ما يحصل حولي من منغصات مازلت أملك أملاً كبيراً بأن الحياة قادرة على الابتسام والرقص، وأن العصافير تغير مزاج الصباح، أن المطر الذي بلل دمشق سيغسل القلوب والعقول والضمائر قبل أن يغسل الشوارع.
أعود لأقرأ ماكتبته احدى الصفحات التي تصف نفسها بأنها تملك الكثير من الشفافية، أخباراً غريبة تحمل بين سطورها سماً قاتلاً تنشره في الهواء لتشعرك بأن الموت يحيط بك من كل الجهات.
في يوم ما كان لدي صديق، كنت أشعر نحوه بالحب نجلس لساعات طويلة نتحدث عن الشعر والأدب والفلسفة وحين نصل إلى السياسة يحتدم النقاش ويبدأ التوتر بالسيطرة على أجواء الحديث، فأبدأ بالغناء والقاء النكات لأخرج من حديث كنت أعرف نهايته
خمس سنوات مرت حملت معها الكثير والكثير من ساعات الفرح رغم الاشارات المرعبة التي كانت تراودني تجاهه ومع ذلك كنت أحاول السيطرة عليها ولست أعرف لماذا؟
مر الوقت وجاءت لحظة الحقيقة ورفرف العلم الجديد في السماء، هربت عقود من القهر بعيداً وبدأت الحياة تدب من جديد في قلوب تعبت وأنتظرت وقدمت الكثير من أجل الوصول للحظة الحقيقة.
أي خيبة ستشعر بها حين تكتشف أن كل ما كنت تدفنه في داخلك صار واضحاً وبأن الحقيقة التي كنت تهرب منها باتت واقعاً لا يمكن التشكيك به.
من كان يصدق أن الوجوه يمكنها أن تخفي كل هذه الأكاذيب، من كان يصدق أن الشر كان يجلس أمامك ويضحك ويبكي ويحلف لك الايمان أنه هو الخير والنقاء فتصدقه وتربت على كتفه بسذاجة طفل ؟
تحاول أن تستوعب، كيف، ولماذا، دون أن تحصل على اجابة وتبدأ رحلة جديدة ترسم بخيوطها ما كنت غافلاً عنه طوال كل تلك السنوات، تستعيد المشاهد وأنت تعيش لحظاتك الغريبة، تتسائل ولكن دون فائدة!
هذا هو الجنون بعينه
هذه هي الخيانة بعينها
واضحة كشمس النهار،
لكنك ببساطة غير مصدق بأن السواد كان ولا يزال يحاول التغلغل في كل الأماكن ليمنع الضوء من اظهار الحقيقة.
هذا وطني
هنا خلقت وهنا أعيش وسط كل هذه التناقضات والنفاق والأكاذيب والمجرمين الذين يحاولون بكل الطرق أن يطردوا الهواء النقي الذي شعرت به لأول مرة، يخترعون المظلوميات، يتحالفون مع الشياطين، ليثبتوا للعالم بأنهم على الحق.
هؤلاء من يدعون بأنهم أبناء هذه الأرض
أبناء الليمون والزيتون والتفاح، أي أرض أنبتتهم وأي سماء تحتمل كل ذلك الظلام الذي يعشش في صدورهم، وأي عقائد يحملون في رؤوسهم، وأي مصالح تدفعهم ليبيعوا كل شيء من أجل وهم يعيشونه.
الحقيقة جاءت عبرت الحقول والجبال والأنهاء لتفتح الأبواب المغلقة، والعقول المغلقة، وسوف تستمر رغم كل الأصوات التي تنهق هنا وهناك .
ولأنها الحقيقة، لن تتراجع وستمضي قدماً مخلفة وراءها كل الأكاذيب والنفاق والقهر والموت
ستمضي نحو النور
نحو النور..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى