رؤي ومقالات

أحمد رمضان خليفه يكتب :برنامج((دولة التلاوة)) … زاوية نظر أخرى.

لا يختلف اثنان على شغف الجمهور ببرامج توعوية هادفة في زمن طغت عليه موجات العُري والتفاهة. وما أجمل أن نستعيد مكانة التلاوة القرآنية وأن نُنعش أحد أركان القوة الناعمة المصرية التي تفرّدت بها عبر عقود، حتى لُقّبت مصر بـ«دولة التلاوة» لتمكّن حفّاظها وفرادتهم الصوتية التي تجمع بين الإمتاع والاتقان، في مقابل مدارس مجاورة أخرى يغلب عليها التصنع ويكثر فيها اللحن وغياب الانضباط.
ورغم الإشادة العامة بالبرنامج، تبقى هناك بعض الملاحظات التي قد تُسهم في اكتمال الصورة:
1) أهمية وجود مذيعة متخصصة
كان من الأجدى الاستعانة بمذيعة ذات خبرة في البرامج الدينية، تمتلك خلفية راسخة في أحكام التجويد والمقامات الصوتية، لتعرف متى تمنح الضيف مساحته ومتى تتدخل. فالحضور المعرفي يضيف قيمة أكبر من المقاطعات غير الموفّقة والابتسامات الموجّهة للمشاهدين. ولا ننسى أن الإذاعة والتلفزيون يضمان أقسامًا كاملة للبرامج الدينية بها مواهب مدفونز ، إضافة إلى إذاعة القرآن الكريم العامرة بالكفاءات.
2) البهرجة البصرية
يشوب البرنامج قدرٌ من المبالغة في الديكور وحركة الكاميرا التي تُعامل المتسابقين كما لو كانوا نجوم برامج ترفيهية صاخبة؛ زاويا حركية من أسفل لأعلى، وتقريب وإبعاد سينمائي. كل ذلك كان يمكن استبداله بديكور هادئ يحفظ وقار أهل القرآن ويليق بجلال هذا المقام.
3) غياب التخصص عن بعض لجان التحكيم والضيوف
لم يُستدعَ أساتذة كليات القرآن والشريعة، ولا ضيوف عرب معروفون بتمرسهم في علم التجويد، مثل الدكتور أيمن سويد. وفي المقابل برز حضور باهت للبعض ممن اكتفوا بالعاطفة وتشجيع المتسابقين دون إضافة فنية حقيقية، رغم أن دورهم الأساس هو الإثراء العلمي والتقويمي.
4) تغليب الجانب الجمالي على الجانب التوعوي
طغت الجوانب النغمية والجمالية على مهمة تعليم المشاهد أساسيات التلاوة الصحيحة بيسر وسهولة، خصوصًا أن أغلب الجمهور لم يدرس التجويد بعمق لانشغالات الحياة، ومع اختفاء الكتاتيب في المدن واقتصارها على بعض القرى.
5) الاعتماد على اتجاه فكري واحد
برزت مشاركة وعّاظ غير متخصصين في علوم القرآن مثل الشيخ جابر بغدادي والشيخ مصطفى حسني، في مقابل غياب من هم أكثر أهلية وأعمق خبرة. وهو ما جعل بعض المتابعين يتساءلون عن معايير الاختيار: هل هي الكفاءة أم الولاء الفكري؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى