مُعلّق أنا في حقو الفراغ…بقلم محمد نبيل كبها

كنت هناك.. لوحدي كنت هناك.. في عماء، كان السواد منداحاً، فراغ واسع بلا أرض تمسكه، ولا بُعد يرسمه، وفجأة ظهرت حمامة أمامي، لم يكن سوا أنا والحمامة، جعلت تحدق بعين ناقدة في عيني، وجعلت أحدق في عينها، شعرت وكأنها تعرفني، ولكني لم أعرفها في باكورة الأمر، حتى لاحظت أن في وجه الحمامة شبه ما من وجهي، رأيت في ملامحها عبقري يهذي.
حطت على كتفي، حملتني الحمامة، فتحت نافذة الفراغ، وطارت بي، ولَجَت في لحظة شبق أنتولوجي في اللامكان، لأجد نفسي أمام شجرة صوفية معلقة في حقو الفراغ، فراغ آخر ليس كالفراغ.
جلست الحمامة فوق الشجرة، وجلست أنا تحتها، ولم تكن كالأشجار، وفي برهة اشتهاء ميتافيزيقية ابتلعت الشجرة الحمامة في سهوبها، ثم جعلت تحدق بعين ناقدة في عيني، لم يكن سوا أنا والشجرة، شعرت وكأنها تعرفني، ولكني لم اعرفها في باكورة الامر، حتى لاحظت أن في وجه الشجرة شبه ما من وجهي، رأيت في ملامحها مجنون يذوي.
قفز ذهن الشجرة الى ذهني ، الوجود كله أصبح في ذهني، تزاحمت العوالم، وكان هناك أكثر من كائن يسكنني، سمعت حديث النملة، ونواح الوردة، وصرخات جندي من ورقة.
أحسست أنني في كل شيء، وضعت مني، شاهدت ديناميكية الإنتخاب فوقي، أرنب مرعوب يهرب من انحناءات الافعى، والافعى تسعى لضمه داخل تكويرة جسدها الدوغمائية، عندما ابتلعت الأفعى الأرنب كنت مرعوباً ومرتاحاً في نفس الوقت.
في معدة الأفعى شاهدت المؤامرات وهي تحاك، وشاهدت القاتل الحقيقي الذي ضغط على الزناد، وشاهدت أكاذيب توزّع فوق المقبرة، أسفلها ببضعة مترات كان سنجاب يدند بأغنية لسعاد، شاهدت وشاهدت وشاهدت حتى جاءت قذيفة من روح السواد وبلعت الشجرة.
حاولت ان أهرب من ذهن الشجرة، حاولت الشجرة أن تهرب من ذهني، ولكني وحلت في زفراتها ، رأيت موتي، وعند خروجي روحي عرفتني، كنت أنا الشجرة.. كنت أنا الشجرة.. وبقيت معلقا في حقو الفراغ!!







