لا تقتلوا يوسف…بقلم د. مصطفي عبد المؤمن

لا تقتُلوا يوسفْ…
فالوطنُ الراحلُ بين خيامِ اليأسِ
ما عادَ يحتملُ المذبحةْ…
والحلمُ، طفلٌ ضائعٌ
يمشي بلا أبويْنِ
في طرقاتِ مدينتِه الجريحة
النازفة دم الابرياء
ودماء الامهات الحائرة…
لا تقتلوا يوسفْ،
فالليلُ مُثقَلُ خطوِه،
والناسُ أمواجٌ من العطشِ المديدِ
تقولُ: هل يأتي الصباحْ؟
والدهرُ يلهو فوق أجسادِ الفقيرِ،
وكفُّهُ جوعٌ…
وقلبُهُ جراحْ.
يوسف…
يمرُّ الآن بين الناسِ
مثل سنابلٍ خضراءَ في زمنِ الخرابْ،
يحملُ رغيفاً للقلوبِ المتعبةْ،
ويقولُ:
هل في الأرضِ متسعٌ
لقومٍ ضاقتِ الأبوابْ؟
لا تقتلوا يوسفْ…
قد جاءَ يسألُكم
مقعدَ الضوءِ الأخيرِ
على طريقِ العائدينَ من المتاههْ،
جاءَ يداوي جرحَ هذا البيتِ
حين تساقَطَ الجدرانُ
واختنقتْ ملامحُهُ القديمة
حين يستنشق الجوارى
دخان هذا الركام
لا تقتلوا يوسفْ…
فالقلبُ يحملُ ما تبقّى من ترابِ الحلمِ،
ما زال يعتبركمْ
إخوتَهُ…
ولو أن الخناجرَ كلَّما ضحكَتْ عيونُهمُ
أضاءتْ في دماهُ.
دعوهُ يخوضُ الانتخاباتِ
كما يخوضُ النهرُ رحلتَهُ إلى البحرِ البعيدْ،
فالناسُ – يا قومُ – انتظارٌ…
والبلادُ أمانةٌ
ما بين أعناقِ العبيدْ.
لا تقتلوا يوسفْ…
فالوقتُ آخرُ ما تبقّى من أمانينا،
وإن ماتَ،
من نُرسلُ للغدِ كي يضيءَ
طريقَ هذا الوطنِ
إن ضاعَ منا…
من جديد؟









