فيس وتويتر

حافظ المرازي يكتب :تكسير البيض على شاشة الجزيرة

مثلما يوجد مثل غربي يقول: لايمكنك عمل عجة بدون تكسير الكثير من البيض، يوجد ايضا مثل آخر يقول: قد تُكسّر الكثير من البيض بدون أن تعمل منها عجة واحدة!
المثل الأخير هو انطباعي حين تستعرض قناة إخبارية كبيرة مثل الجزيرة عضلاتها على الشاشة بعدد مراسليها وقدرتهم على تغطية كل بعد او جانب من تطور او خبر على الساحة الدولية مثل الجهود الأمريكية الحالية للتوصل إلى تسوية لحرب روسيا على اوكرانيا.
هذا الاستعراض التليفزيوني بعدد المراسلين هو إبهار بصري مطلوب، بإظهار قدرات القناة وتمكن مراسليها من الصحفيين المحترفين، الذين بغطون للجزيرة الأحداث ليس فقط من أغلب عواصم العالم بل ومن عدة مدن هامة، وهي قدرات لا تفكر حتى قناة إخبارية أخرى في العالم سواء امريكية او غربية، أو بالأحرى لاتقدر غيرها ماليا على نشرهم بهذا العدد والعتاد والإمكانات المهولة، طالما تسمح الظروف السياسية وليس المالية بهذا الانتشار!
في إحدى فتراتها الإخبارية اليوم، حشدت الجزيرة على الشاشة سبعة من مراسليها معا على الهواء ليجيبوا على أسئلة مذيع النشرة عن تطورات الوساطة الامريكية لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية. وكانوا من اليمين لليسار (حسب صورة الشاشة أدناه):
١- كييف- تامر الصمادي
2- ميناء توركو: فنلندا (مناورات الناتو): محمد البقالي
3- برلين- عيسى طيبي
4-موسكو- أمين درغامي
5- لندن (البرلمان البريطاني): أسدالله الصاوي
6- ستراسبورغ (مقر الاتحاد الأوزوبي): نورالدين بوزيان
7- واشنطن (البيت الأبيض): وجد وقفي
لكن اقتصر الأمر على تقديم كل مراسل على حدة، رغم جمعهم على الشاشة معا، وبترتيب اهمية انخراط المدينة الموجود بها في الحدث، أي كييف ثم موسكو ثم واشنطن وهكذا. واقتصرت مداخلة كل منهم على سؤال افتتاحي من المذيع عن الجانب المتعلق بمكانه وإجابته المفصلة، ثم الانتقال للمراسل التالي وهكذا..
اي ان المراسل السابع في ترتيبه للحديث، انتظر ستة قبله يتحدث كل منهم وهو في الهواء والريح او البرد إن كان خارج مبنى، بينما هو متسمر على الشاشة، لايملك هرش رأسه او حك أنفه، أمام الكاميرا التي قد تضع صورته على الهواء بجوار غيره في اي لحظة! وكذلك المراسل الذي تحدث اولا كان عليه الانتظار حتى ينتهي ستة بعده حديثهم وهو لا يفعل ولن يفعل شيئا آخر.
لم يحدث تداخل او تبادل آراء فيما بين المراسلين والمذيع لتبرير جمعهم معا، أي لعمل عجة مخلوطة لذيذة مشوقة بدلا من تكسير كل بيضة على حدة، وفي رتابة متوقعة، دون القدرة على خلطها بباقي المزيج!
يجب ان نفكر في كيفية الاستفادة من هذه الإمكانات الرهيبة للقناة، والتي يجب ان تكون مثار فخر لتوفرها لقناة عربية، وألا نكتفي بتلك اللقطة الأولى لإبهار جمع سبعة مراسلين معا، والتي يمكن تسجيلها لدقيقتين واعادتها في نهاية اللقاء بعد ان يفرغ كل مراسل من فقرته المستقلة وينصرف لحاله، إن كان هارون الرشيد الإعلامي وصانع المحتوى في غرفة الأخبار غير قادر على الاستفادة من جمع كل حظاياه معا في شاشة واحدة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى