د. فيروز الولي تكتب :بلقيس… قناة بتمويل خارجي وواجهة يمنية تُلام على كل شيء

في اليمن، هناك عادة قديمة لا تموت:
إذا سقطت شجرة في الغابة، نلوم من كان يقف تحتها…
وإذا أُغلقت قناة ممولة من الخارج، نلوم الوجه اليمني الموجود في الصورة.
ولهذا كل السهام اليوم تتجه نحو توكل كرمان، وكأنها ماكينة طباعة الدولار، أو رئيسة مجلس إدارة الدولة القطرية–التركية المتحدة.
بينما الحقيقة البسيطة تُقال هكذا:
قناة بلقيس مشروع لجهات تمويلية خارجية، وتوكل مجرد “علامة تجارية” وواجهة سياسية، لا أكثر.
أول كذبة: أن بلقيس قناة “يمنية صِرفة”
لو اجتمع الفنيون الأتراك والمنتجون القطريون وطاقم التحكم المستورد في غرفة واحدة،
لما بقي سوى المذيع اليمني وهو يسأل نفسه:
“كيف أصبحت أنا الدليل الوحيد على أن هذه القناة يمنية؟”
بلقيس كانت دائماً مزيجاً من المال القطري، الرؤية التركية، والعنوان اليمني.
يعني مثل مطعم يمني في إسطنبول:
الاسم يمني… لكن الشيف تركي… والنكهة تركية… والسعر قطري.
ثاني كذبة: أن توكل هي من أغلقت القناة
الناس يتخيلون أن توكل استيقظت فجراً، شربت قهوة، ثم قالت:
“خلّونا نطفّي القناة اليوم… زهقنا.”
بينما الحقيقة أن قرار الإغلاق يأتي من مكان أبعد من مسافة صنعاء–الرياض.
الممول هو من يدفع… والممول هو من يطفئ اللمبة.
هذه ليست مؤامرة ولا بطولة ولا خيانة.
هذه أبسط قواعد السوق:
الإعلام الذي يعيش على الأوكسيجين الخارجي يموت بمجرد أن يفصل أحدهم مقبس الكهرباء.
ثالث كذبة: أن القناة كانت تصنع وعياً عربياً
دعونا نكون صريحين حتى العظم:
المجتمع العربي لا يتابع اليمن إلا عندما تظهر كلمة “عاجل”
أو عندما يشتبك طرفان بتغريدة.
لا قناة بلقيس ولا عشر قنوات أخرى غيّرت هذا الواقع.
كلها مشاريع تصرخ في فضاء لا يسمع إلا نفسه.
المشهد الحقيقي: موظفون يمنيون ضحايا “المونة السياسية”
العاملون اليمنيون في القناة هم الضحية الحقيقية:
لا نقابة تحمي،
لا دولة تسأل،
لا عقود تحفظ حقوقهم،
وكل شيء مرتبط بالمزاج السياسي في الدوحة أو أنقرة أو الجماعة التي لا تعترف بالجغرافيا أصلاً.
الإخوان… اللاعب غير المعلن ولكن الواضح جداً
التمويل القطري–التركي ليس “عمل خير”،
هو جزء من شبكة إعلامية أوسع تخدم أجندة سياسية معروفة.
يمنية؟
طبعاً لا.
عابرة للحدود؟
نعم، وبفخر.
بلقيس كانت مجرد “فرع محلي” ضمن هذه الشبكة.
وكل من يتظاهر بعدم معرفة ذلك… إما جاهل أو ممثل مبتدئ في مسرحية باهتة.
المضحك: الهجوم على توكل بدل مواجهة الحقيقة
اليمني لا يريد مواجهة الحقائق الثقيلة، فيلجأ للأسهل:
اللوم الشخصي
التخوين
تحويل النقاش إلى قصة “بطولة وخيانة”
بينما القصة الحقيقية واضحة كالشمس:
قناة بتمويل خارجي… انتهى تمويلها.
هذا كل شيء.
لكن كيف سيعيش بعض الناس بلا دراما؟
مستحيل.
الخلاصة التي قد لا تعجب أحداً
إغلاق بلقيس ليس خسارة وطنية، وليس مؤامرة على الإعلام اليمني، وليس انكساراً لحرية التعبير.
إنه فقط سقوط ورقة من شجرة ممولة من الخارج.
مثل عشرات المشاريع اليمنية التي تبدأ قوية… ثم تختفي بمجرد أن يغيّر الممول مزاجه.
الرؤية القاسية للخروج من هذا المستنقع
1. إعلام يمني بتمويل يمني، لا ببطاقة ائتمان أجنبية.
2. تشريعات تحمي الموظف اليمني من أن يصبح “كبش فداء” عند كل أزمة.
3. تحرير الإعلام من شبكات الإخوان وغير الإخوان، ومن مزاج الممول الخارجي.
4. بناء إعلام يحترم عقل اليمني، لا يعامله على أنه جمهور ساذج يصدق أي رواية تُرفع عليها صورة يمنية.
إلى أن يحدث ذلك…
كل قناة يمنية بلا تمويل وطني ستظل معرضة للإغلاق بمجرد مكالمة واحدة.
والجمهور سيستمر في عادة اليمنيين الخالدة:
“نلوم من في الصورة… وننسى من في الخلفية.”









