هو الذي كان.. شعر: محمد الليثي محمد

يغضُّ الطرفَ عن روحي المعذّبة
ويلملمُ أجزائي المبعثرة
كأنَّه يهبطُ من على كتفي
إلى قبرِه
يدخلُ إلى التراب
أو يدخلُ التراب فيه
في صمتٍ أيضاً
يسحبُ الشعرةَ المتبقِّية
بينَ الخارجِ والداخل
في الداخلِ أصواتٌ كثيرة
في الخارجِ صمتُ الوحدة
شاهدة مرآة بجانبِ الباب
دخلت فيها
رأيتك ترتدي بعضَ أخطائي
بعض ذنوب الماضي البعيد
حلمت بأنِّي أخرجُ من جلدي
كثعبانٍ يبحثُ عن وطن
عندَ الفجرِ، أيقظنِي
قالَ لي:
سوفَ يجيءُ يومٌ آخر
يبيضُ الحمامُ على بابِ البيت
وتنسجُ الجدَّةُ خيوطَ العنكبوت
بلا نظارة طبِّيَّة أرى العالم
وبلا حقائب يتَّسعُ القطار
يطيرُ حافرُ الفرسِ
بينَ حروفِ الكلمات
وأنت مستندٌ إلى ركنِك المجهول
تحبُّ أن تعيشَ الحياةَ.. انتظار
ماذا تنتظر؟
لم يبق غير الموت
في المحطةِ القادمة
ذهبَتِ الصحَّة
وذهبَ الحبُّ
وجاءَ طائرُك المكسور
ليجلسَ على بقايا نافذتك
هل لديك رغبة في الحياة؟
أم عدت تحملُ رائحةَ الطيبين
اِحذر العرباتِ في شارعِ الإسفلت
وأنت تمشي على صوتِ زفيرك
صاح بي: ليسَ القبرُ قبرَك
وإنَّما أسرج حصانَك
وأسبح في مهبِّ الريح
لقد غادرَ المتفرجون
أرضَك
وأصبحَتِ المراكبُ متعبة
ما يهمُّك هو؟
ماذا سيحدثُ بعدَ ساعة ؟
نُداوي جراحَ الأمس
ونكتبُ: إنَّ الموتَ لن يأتي
حتى لو ماتَ الناسُ جميعاً
وإنَّ الموتَ يُخطِئ الطيبين
ونحنُ من الطيبين
يفعلونَ الذنوبَ
ويظنونَ أنَّها أعمالٌ حسنة
سقطَ الحصانُ
وأخذنا النفق الرمادي
لتتسعَ البحيراتُ
وترتفعَ السنابلُ
ويعودَ المطرُ الخفيفُ
ليُطَبْطِبَ مجرى الروح
ونعودُ نولدُ.. من جديد
وفي داخلِنَا رائحةُ الخطايا
أهبط من على كتفي
إلى قبرِك
تلك نهاية الرحلة
شعر: محمد الليثي محمد – مصر









