حروف من شوق” بقلم الكاتبة: اسراء نضال النصيرات /سوريا،محافظة درعا

عزيزي غيث،
لكَ من القلبِ تحية،
ومن الرّوحِ سلام.
أعجزُ عن صنعِ رسالة تليقُ بك، وبمكانتكَ داخل قلبي،
لهذا أنسجُ لكَ من روحي حروفاً تصل إلى أعماقِ قلبك.
إلى غيثي الذي يروي قلبي دفئاً وأماناً،
أتسألني عن اشتياقي لك؟!
ما غيّر ربيعي لخريفٍ جافٍ سوى غيابكَ عني،
اشتقتُ لكلماتكَ التي لا شبيهَ لِدفئها،
اشتقتُ لعينيكَ التي لا أرى الأمان إلا بها،
وعِطركَ الذي يعبقُ في كل مكان، حتى وإن لم تكن لهُ رائحة،
اشتقتُ لوجودك الذي أفتقدهُ مابين الثانية ونصفها،
شوقي لكَ جعلَ جميعَ من حولي أنت.
وبي شوقٌ إليكَ أعلَّ قلبي
ومالي غيرُ قربكَ من طبيبِ
هذا ماقاله الشريف الرضي
وكأنهُ كتبَ شعرهُ في أوردتي ليتسلسل الشوق لأعماقِ قلبي،
فينبضُ حباً وشوقاً لأجلك.
عزيزي غيث
بالرغمِ من هذه الأيام التي لا تجمعنا و كل هذا البُعد والمسافات، تبقى حاضراً دوماً في قلبي وبذاكرتي،
لم اعتد على غيابك، ولا يضاهي أيامي سوى قُربك،
جميع الأماكن من دونك صحراءً قاحلة،
فمتى تعود وتُزهر بعودتكَ أيامي،
كوردةٍ نقيةٍ عذبةٍ، سأكونُ أنا،
تُعطّر أيامك، وتزهو بها أحلامك،
أتعلم ما معنى أن يحتمل المرءُ يوماً بأكملهِ بلا شخصه الذي يُحب،
أهل هذا أشبه بالموت على قيد الحياة؟
يراودُني سؤالٌ دوماً!
ما الذي يُجبرني على تحمل غيابك؟!
فكرتُ طويلاً، وأيقنتُ أن البُعدَ شخصاً قاتل يُدمّرُ كل ما فينا، لكن! هناكَ شخصاً آخر، يحاول زرع الأمل بكل لحظة،
أتدري من هو؟
إنهُ طيفك،
نعم، طيفكَ يراودني أين ما ذهبت، أُحادثهُ بكثرة،
أروي لهُ الماضي،والحاضر،
والمستقبل،
أحضنهُ كلما شعرتُ بشوقٍ يُضعف جسدي،
إني أقاومُ وأحاربُ بعدكَ بأي حيلة،
فمتى ستراكَ عيني واقفاً امامها؟
حينها سيكونُ كل ما حولي جميلاً.
عزيزي غيث
قد أحزنني خبر هالة كما أحزنك بالفعل،
هذه الطفلة البريئة التي اعتدتُ عليها منذ صغر سنها، لسوءِ حظها كان أباها قاسياً عليها،
لا يتصف أبداً بالرحمة، بل بالقسوة والطمع،
زوّجَ ابنتهُ لتاجرٍ كبيرٍ ذو مكانة عالية ودخلٍ مرتفع،
لم يستطع أحداً منعهُ من فعلهِ لقسوته وتهور عقله،
أحتارُ كيف يمكنني التعبير عن شعور والدتها، إنها الآن محطمة كليّاً، والجيران، والأصدقاء، والأقارب، أصابتهم صدمةً قاسيةً بسماعِ خبر وفاتها،
لم يصدّق أياً منهم حتى رأوا بأعينهم، حتى أنا!
نعم، في أولِ لحظات سماعي للخبر لم أصدّق أبداً،
وظننتُ أنهُ مجرد إشاعة عابرة، حتى سمعتُ صياحَ أمها، واخوتها،
لأحدثكَ عنها
كانت هالة طفلةٌ تتميز عن غيرها من الاطفال،
طموحة و ذكية،
فيها من صفات الحسن ما لا يشابهُ أحداً غيرها،
تحلمُ بأن تصبحَ طبيبةً تداوي المرضى،
لكن أبيها من زرع بها المرض،فقتلها باتخاذه قراراً خاطئاً لإرضاء نفسه الطماعة بالمال،
فكيف لطفلة ببرائتها وليونة عقلها أن تحتمل مسؤوليات أكبر منها ومن عمرها، فقد حملت تسعة أشهر عاشت فيها عذاباً قاسياً لم تشعر مثله من قبل، حتى حان موعد ولادتها وتوفت بغرفة العمليات، ربما جسمها قد تعبَ من كل هذا العَناء، فحتماً لم يحتمل.
فقد تحملت تعب تسعة أشهر لكي ترتاحَ بعدها،
لكن بالموت،وليسَ بطفلٍ!
أتسائل،كيف يمكن لآباء مثل هؤلاء الاستغناء عن أغلى ما يملكون من أجل المال؟
إنها جريمة قاسية تقتل زهوراً بريئة ليس لها ذنباً بشيء سوى أنها تقبلت العيش مع أُناسٍ لا يعرفون الرحمة.
فمن أفضل نِعم الحياة أن تحظى بأهلٍ يحبونكَ ويُشعرونكَ بأمانٍ دائِم،
أحمدُ الله بأنهُ رزقني بأبٍ وأمٍ لا مثيلَ لهمُا،
ورزقني بكَ يا أجمل وأحنّ ما رزقتُ بهِ.
سأنتظرُ رسائلكَ لي بكلِّ حبٍّ وشَوق.









