د.فيروز الولي تكتب :الطفل الذي ضُرب من أجل عَصن قات… عندما تتحول اليمن إلى معسكر تربية على القهر

في اليمن، طفل يُسحَب من شعره ويُجلد من أجل غصن قات.
ليس لأن القات كنز قومي… بل لأن القهر أصبح عقيدة شعبية، تُمارس باسم الرجولة المرعوبة.
في بلد يضرب فيه الكبار الصغار… لا تحتاج إلى بحث عن الإرهاب: هو ينمو في البيوت، بين الأسنان الملوثة بالقات، وفي الأيدي التي تهوي على جسد طفل بينما ترفع رأسها أمام المسؤول الفاسد.
هنا لا يبدأ القات كمخدر… بل كـ “منهج حكم”:
القيادي يرهب الدولة، الدولة ترهب المواطن، والمواطن يتدرب على “السلطة” بجلد طفل.
مشهد صغير… لكنه فضيحة وطن كامل.
التحليل النفسي: الطفل ضحية دولة تمارس العلاج بالضرب
الطفل لم يُهزم بالضربة… بل بالرسالة:
“أنت بلا قيمة… إلا إذا أصبحت جلادًا.”
هذا هو العلاج النفسي اليمني:
صناعة جلاد جديد كل يوم.
طفل يبحث عن مكان حول المفرشة… فوجد مكانًا تحت الحذاء.
هذه ليست تربية… هذه تكرار هندسي للقهر.
التحليل الاجتماعي: مجتمع يورث الجريمة كالممتلكات
في اليمن، الجريمة لا تحتاج لمدرسة… الأب مدرسة، والشارع مدرسة، والقات امتحان الرجولة.
ما حدث لهذا الطفل ليس خطأ فرديًا… بل ممارسة تقليدية: عضلات على الضعفاء، وذيل أمام أصحاب النفوذ.
المجتمع الذي يخاف من القبيلة أكثر من القانون… سيظل يمارس العدالة بسروال مقطوع وعصا.
التحليل الثقافي: القات هو “وزارة الهروب الجماعي”
في اليمن لا مجلس وزراء… هناك مجلس قات.
يقرر مصير الناس من بين الأسنان.
القات ليس عادة… إنه طبقة سياسية غير معلنة:
فيه تُدار التحالفات
تُباع القضايا
تُشترى الضمائر
ويُلقّن الطفل أن الوطن لا يُحكم بالقانون… بل بالورقة الخضراء.
البعض يمضغ القات… والقضية تمضغ اليمن.
التحليل السياسي: دولة تبحث عن طفل لتبرهن قوتها
الدولة التي لا تستطيع نزع سلاح مليشيا… تصبح شجاعة فقط أمام جسد طفل.
السياسي الذي يتفاخر باتفاق دولي… يعجز عن حماية جمجمة طفل في قرية.
هذه هي العاهرة السياسية:
تتزين للكاميرات… وتخجل من إنسان.
في حسابات السلطة: الطفل لا يقدم نسبة، ولا منصب، ولا نفط… إذن لا حق له.
التحليل الاقتصادي: القات يبتلع الماء… والطرف الآخر يبتلع البشر
القات في اليمن أهم من القمح، أهم من التعليم، أهم من الحياة.
القات يستهلك الماء… والطفل يستهلك الضرب.
اقتصاد يقوم على ورقة خضراء… ودموع شفافة.
القات تحول إلى ميليشيا اقتصادية أقوى من القانون، أقوى من المدارس، أقوى من الدولة.
تزرع القات لتثمر الجهل.
التحليل العسكري: عند الحاجة… البندقية تحمي الشجرة لا الطفل
السلاح في اليمن أعمى… يرى الشجرة ولا يرى الجسد.
الرجال يحرسون القات بالسلاح، بينما الطفل لا يحرسه أحد.
في اليمن، الأمن يتدخل إذا هددت القات… لا إذا هددت الإنسانية.
هذه ليست ميليشيا… هذا غيبوبة وطنية بالسلاح.
التحليل الدبلوماسي: صفقات فوق الطاولة… وطفل تحت الطاولة
الدبلوماسيون يبتسمون أمام الميكروفون… ويغادرون دون أن يسمعوا صرخة طفل.
العالم يريد ممرًا بحريًا… لا يريد ممر إنسانيًا.
يشترون السلام… ويتركون الضحايا بلا أسماء.
في نشرات الأمم المتحدة… الطفل اليمني مجرد رقم… لا أحد يذكر أن الرقم تلقى ضربة من أجل عَصن قات.
الخاتمة النارية: دولة نخجل منها… وطفل نخجل لأجله
لن تقوم لليمن دولة، ما دام غصن قات أقوى من مستقبل طفل.
لن تُبنى الدولة طالما العصا أقوى من المحكمة.
دولة لا تستطيع أخذ حق طفل… لن تأخذ حق شعب.
ما لم نقف أمام مشهد جلد طفل كما نقف أمام مشهد اغتيال سياسي… سنظل ندور في جحيم واحد:
القيادات ترهب الوطن… الوطن يرهب المواطن… المواطن يرهب الضعيف… والضعيف غدًا سيرهب الجميع.
اليوم طفل مضروب… غدًا قائد جلاد.
هذه سلسلة الإرهاب الحقيقي في اليمن.
رؤيا للخروج من الإدمان والإرهاب
الحل ليس أغنية وطنية ولا بيانًا من سفارة.
الحل صفعة مجتمع على وجه المجتمع.
1 — تكسير قدسية القات
ضرائب فاحشة على تجارة القات
تحويل ماء القات للزراعة والغذاء
منع زراعة القات في مناطق الجفاف
حملات إعلامية تفضح القات كإدمان سياسي
اجعل القات مكلفًا… ليتوقف الناس عن تمجيده.
2 — قانون “ضربة طفل = سجن رجل”
جرائم العنف ضد الأطفال تتحول لقضايا رأي عام
محاكمة المعتدي علنًا
وحدات رسمية لحماية الطفل داخل النيابة
إدخال “حقوق الطفل” في المدارس والمساجد
اجعل الضرب جريمة… لا تربية.
3 — تفكيك سلسلة القهر
تدريب الآباء على التربية بلا إذلال
علاج نفسي جماعي لمخلفات الحرب
تحويل المدارس إلى مناطق آمنة لا ساحات إذلال
كل ضربة تُخلق مشروع جلاد… كسر المشروع قبل أن يُولد.
4 — إعادة تعريف الرجولة
الرجولة ليست بندقية… بل حماية.
ليست صراخًا… بل موقف.
الرجولة الحقيقية: أن تمنع العصا عن الطفل… لا أن تسحبها عليه.
5 — دبلوماسية من أجل الإنسان
ربط الدعم الدولي بحماية حقوق الطفل
فضح المجتمع حين يجلد الأطفال
دعم برامج مكافحة الإدمان بدل دعم “السلام الورقي”
السلام يبدأ من بيت الطفل… لا من قاعة جنيف.
الكلمة التي يجب أن تُقال: “لا”
“لا” للضرب
“لا” للقات كدين اجتماعي
“لا” للهروب تحت ظل نبتة
“لا” للصمت الذي يجعل الجريمة طبيعية
طفل محمي = مجتمع قوي = دولة ممكنة.
غير ذلك… سيظل المستقبل يبكي من أجل غصن قات… بينما اليمن يأكل نفسه من الداخل، ويقول للطفولة:
“نامي يا صغيرة… المستقبل لا يحب الضعفاء.”









