رؤي ومقالات

سلام مسافر يكتب :هل سعى لينين لإقامة وطن لليهود في القرم؟(2)

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

يُعتبر يوسف روزِن، مدير القسم الروسي في منظمة «جوينت»، صاحب فكرة الاستيطان اليهودي في القرم.
تأسست منظمة «جوينت» لمساعدة اليهود المحتاجين حول العالم.
ومنذ عام 1921 حاول روزِن إقناع رئيس اللجنة التنفيذية لجمهورية القرم السوفيتية، يوري غافين،بتخصيص أراضٍ بور لليهود مقابل مساعدات مادية وتقنية من الولايات المتحدة.
يقول المؤرخ والباحث السياسي غينادي كوستيرتشينكو في مقابلة مع برنامج “رحلة في الذاكرة” للزميل خالد الرشد عبر شاشة ارتي العربية::
“ينبغي القول إن المساعدة قُدمت فعلا؛ خاصة من جانب منظمة “جوينت” الخيرية اليهودية الأمريكية التي تأسست عام 1914 لمساعدة اليهود المتضررين من الحرب العالمية الأولى. ثم صارت تخصص المبالغ على أساس دائم لجميع اليهود المحتاجين بغض النظر عن الأسباب.
في العام 1924 تأسست في إطار “جوينت” شركة فرعية لمساعدة يهود روسيا أطلق عليها “أغرو- جوينت”. وترأسها المهندس الزراعي الأمريكي المتحدر من الإمبراطورية الروسية يوسف روزين الذي كان على معرفة جيدة بروسيا، وبمهنته.ولذلك كان ذا مصلحة شخصية في أن يحصل اليهود على أرض يمارسون الزراعة فيها، أي أن يصبحوا مزارعين”
كان الصحفي المعروف أبرام براغين، رئيس القسم اليهودي في الحزب الشيوعي، من أبرز المدافعين عن الفكرة داخل القيادة البلشفية.
أثار براغين، عبر ماريا أوليانوفا عقيلة فلاديمير إيليتش اوليانوف ( لينين ) والقيادي البلشفي نيكولاي بوخارين، ضجة دعائية حول الجناح اليهودي
في معرض الزراعة السوفيتي عام 1923.
وكان لينين متعاطفًا للغاية مع فكرة إنشاء حكم ذاتي يهودي،وقد كتب عن ذلك عام 1919.
وفي رحلته الأخيرة إلى العاصمة قبل الوفاة من المصح في مدينة
” غوركي ” بضواحي موسكو ورغم إصابته بالشلل الجزئي،توجّه لينين خصيصًا لرؤية الجناح اليهودي في المعرض الزراعي.
وفي نوفمبر 1923، أعدّ براغين مشروعًا لإنشاء منطقة يهودية ذاتية الحكم،بهدف توطين نصف مليون يهودي بحلول 1927في جنوب أوكرانيا وشمال القرم وساحل القوقاز حتى أبخازيا.
وبعد شهر، قدم براغين ونائب مفوض شؤون القوميات، غريغوري برويدا، مذكرة إلى المكتب السياسي
يزعمان فيها وجود اهتمام غير مسبوق من المنظمات اليهودية في أوروبا وأمريكا بتمويل المشروع.
ولبحث الفكرة شُكلت لجنة خاصة برئاسة نائب رئيس مجلس مفوضي الشعب ألكسندر تسوروبا.
وفي فبراير 1924، قررت اللجنة إنشاء ” لجنة لتوطين العمال اليهود على الأرض”والمعروفة بـ”كومزِت”المسؤولة عن توزيع الأراضي على المستوطنين اليهود.
وكان أبرز المؤيدين للمشروع تروتسكي وكامنيف وزينوفييف وبوخارين وآخرون، وغالبيتهم من أصول يهودية.
حتى ستالين، مفوض ( وزير) القوميات آنذاك، كان في البداية متعاطفًا مع المشروع.
ووفقا للمؤرخ مؤلف كتاب ( اسرار سياسة ستالين) غينادي كوستيرتشينكو
في حديثه للزميل الرشد فان ستالين كان يؤيد الفكرة في العلن ويبغضها في السر ويقول ؛
“أفضى المعارض اليساري تيموفي سابرونوف لأصحابه أن ستالين في حديث شخصي معه قال إن ” المكتب السياسي فيه كثير جدا من اليهود. يجب رميهم خارجا. هذا يخلق عداء للسامية”. جرى هذا الحديث في عام 1927. وفي مابعد أعتقل سابرونوف لجهره بذلك”.
ويضيف:
“إذن ليس مستبعدا أن ستالين كان يناضل علنا ضد معاداة السامية وخفية كان يسعى إلى إبعاداليهود من المكتب السياسي: كامينيف وزينوفييف وتروتسكي. وكان يعي أن ذلك سيلقى استحسانا من قبل الرفاق في الحزب، ومن قبل الشعب. وسيكون مفيدا للجميع”.
اما لينين فقد كان كان متحمسا لان يدخل اليهود حقول العمل في الزراعة للتخلص من النزعة البرجوازية السمة الغالبة على مهنهم في المدن.
يقول المؤرخ :
“ستالين يغلب عنده التلاعب بموضوع العداء للسامية لما فيه مصلحة سلطته الشخصية، بينما كان الغالب عند لينين تفكيره بالسلطة السوفيتية عامة كيلا تقضي عليها موجة من العداء الجماهيري الشعبي للسامية”في إشارة إلى أن لينين طالب ايضا بتخفيف الكثافة اليهودية في المنظمات الحزبية القيادية خاصة في أوكرانيا السوفيتية”.
اتخذ الجدل بشأن مستوطنة اليهود في القرم منحا حادا فقد اعلن
مفوض ( وزير) الزراعة ألكسندر سميرنوف في اجتماع المكتب السياسي في 13 فبراير؛ إن التركيز المفرط على توطين الجماهير اليهودية سيكون ظلمًا واضحًا لبقية السكان،وسيكون أمرًا غير مقبول سياسيًا لأنه يخدم مصلحة المعادين لليهود.وإن إنشاء وحدة حكم ذاتي يهودية على أرضٍ غريبة من عناصر وافدة سيكون أمرًا مصطنعًا،ويتعارض تمامًا مع مبدأ تشكيل المناطق الذاتية في الاتحاد السوفيتي على أساس حق تقرير المصير.
دعم سميرنوف مفوض العدل الأوكراني نيكولاي سكريبنيك
وأمين عام الحزب الشيوعي الأوكراني إيمانويل كفيرينغ.لكن مؤيدي المشروع اليهودي انتصروا.
وقررت لجنة «كومزت» بقيادة بيوتر سميدوفيتش تحديد أراضٍ خالية لمستعمرات يهودية في جنوب أوكرانيا وشمال القرم.
وفي يونيو 1924، أُنشئت شركة «أغرو-جوينت» بقيادة روزِن.
وفي نهاية العام بدأت مفاوضات مع الحكومة السوفيتية واقترح روزن تقديم 15 مليون دولار لتوطين اليهود زراعيًا مقابل تسهيل هجرة الصهاينة إلى فلسطين.ولم تُطرح مسألة الحكم الذاتي في القرم خلال هذه المفاوضات.
وفي يناير 1925، أُنشئت في موسكو «جمعية عموم الاتحاد لتوطين العمال اليهود على الأرض – أوزِت»،ورأسها القيادي القديم يوري لارين.
وفي مؤتمر أوزِت عام 1926، اقترح لارين إنشاء جمهورية يهودية وطنية في شمال القرم عبر تنظيم مستوطنات واسعة.ودعم كالينين الفكرة بشرط أن يصل عدد الفلاحين اليهود إلى عدة مئات الآلاف.
لكن هذا أثار ردود فعل سلبية بين السكان، وانتشرت شائعات عن محاولة «استيلاء اليهود على القرم».
وشاع في الشارع تعبير ساخر: “لليهود القرم، وللروس ريم ” في إشارة للمنفى الشهير عهد القيصرية في منطقة ريم.
واتُخذت القرارات المتعلقة بالحكم الذاتي اليهودي بسرية ومن دون مراعاة الوضع المحلي.
في الوقت ذاته، كانت جمهورية القرم تتمتع بحكم ذاتي ودستور منذ 1921، وكانت تعاني من مشكلات كبيرة،منها إعادة توطين تتار القرم من الجبال إلى السهول لحل مشكلة انعدام الأراضي،إضافة إلى عودة عشرات الآلاف من التتار من المهجر .
كما كان يعيش في القرم 50 ألف ألماني منذ العهد القيصري، وقد استقروا في السهول الخصبة.
وبدأ الوضع يتوتر.
يتبع….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock