محمد شهود يكتب :ساعة التخلي الأميركي عن الناتو دقت

لا تتوقف الإشارات الأميركية لأوروبا بأن واشنطن تعيد ترتيب التزاماتها الأمنية في القارة -ولو جزئيا- وتدفع الأوروبيين خطوة خطوة إلى مواجهة سؤال كان يؤجل دائما وهو ما إذا كانت أوروبا تستطيع حماية نفسها إذا خف الوزن الأميركي؟
في الأيام الأخيرة، اجتمعت ثلاث إشارات في اتجاه واحد،،، رسائل متشددة من البنتاجون، ولغة صادمة نسبيا في استراتيجية الأمن القومي 2025، وتمهيد من داخل قيادة الناتو نفسه لفكرة تقليص الوجود الأميركي.
2027.. مهلة أميركية
ما تسرب من نقاشات داخل واشنطن يفيد بأن الولايات المتحدة تريد أن تتولى أوروبا غالبية قدرات الدفاع التقليدية للناتو، من الاستخبارات إلى الصواريخ، وكل هذا بحلول 2027.
والأهم ليس التاريخ فقط، بل ما وراءه، فإذا لم تقتنع واشنطن بالتقدم الأوروبي، فقد تتوقف عن المشاركة في بعض آليات تنسيق الدفاع داخل الحلف.
حتى الآن، لا توجد إجابة حاسمة عن كيفية قياس هذا التقدم، ولا إن كانت المهلة تمثل موقف الإدارة بالكامل أم ضغطًا من داخل البنتاجون. لكن الرسالة السياسية وصلت بالتأكيد.
أوروبا، وفق ما تسرب أيضا، ترى مهلة 2027 غير واقعية. السبب أن بعض القدرات الأميركية لا يمكن تعويضها سريعا بالشراء وحده، خصوصًا قدرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع التي أثبتت أهميتها في حرب أوكرانيا.
ثم إن سلاسل الإنتاج وطلبات التسليح المتراكمة تجعل بناء البديل الأوروبي مسألة سنوات، لا شهور.
وخلال اجتماع لوزراء خارجية الناتو الأسبوع الماضي (غاب عنه ماركو روبيو)، قال نائب وزير الخارجية الأميركي كريستوفر لاندو إنه من “الواضح” أن على حلفاء الناتو تحمل مسؤولية الدفاع عن أوروبا.
وكتب لاندو على منصة إكس: “إدارات أميركية متعاقبة تقول هذا بشكل أو بآخر طوال حياتي تقريبًا… لكن إدارتنا تعني ما تقوله”.
**ماذا تقول “استراتيجية الأمن القومي 2025” عن أوروبا؟
الوثيقة الصادرة أمس تضيف طبقة سياسية جديدة على النقاش العسكري.
هي لا تتحدث فقط عن عبء دفاعي يجب أن ينتقل إلى أوروبا، بل عن أوروبا التي تحتاج لـ“تصحيح مسار”.
ومن بين أولويات السياسة الأميركية تجاه القارة:
1- أن تقف أوروبا على قدميها كدول متحالفة ذات سيادة.
2- “تنمية مقاومة لمسار أوروبا الحالي داخل الدول الأوروبية نفسها” وهي صياغة تحمل رسائل واضحة تجاه اتجاهات الاتحاد الأوروبي الراهنة.
3- فتح الأسواق الأوروبية أمام المصالح الأميركية، وربط الشراكة بمفهوم “المعاملة العادلة”.
هذه لغة تقول ضمنيا إن واشنطن لا تريد فقط أوروبا أقوى عسكريا، بل أوروبا مختلفة سياسيًا أيضًا.
أما عن الناتو ومصيره.. تصريحات القائد الأميركي الأعلى في الناتو بأن أوروبا يمكنها أن “تكون بخير” مع عدد أقل من القوات الأميركية بدت كأنها تهيئة للرأي العام قبل تغيير أكبر في التموضع، خصوصا مع حديث متصاعد عن نقل ثقل أميركي نحو الأميركتين والإندو-باسيفيك.
وفي مسار أوكرانيا، يشعر الأوروبيون أن واشنطن تتصرف بمنطق أنها وسيط مستقل أكثر من كونها قائد الحلف (المتضرر من الخصم روسيا). حتى أنها تغييب عن النقاشات الرئيسية في المفاوضات.









