رؤي ومقالات

حمزه الحسن يكتب :نزع السلاح تقليد أمريكي

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

نزع سلاح المنظمات والحركات الوطنية المعادية للولايات المتحدة من التقاليد الامريكية العريقة في جميع انحاء العالم وفي كل مرة تخلق ذريعة لنزع السلاح ودائما تحت حجة القانون والامن والسلم الاهلي وغيرها من الشعارات الملفقة وغالبا ما تستفيد من ثغرات وهفوات وتصرفات غير مسؤولة من افراد او جماعات في هذه المنظمات التي تتشكل على عجل أمام تهديد عنيف وداهم وينظم اليها خليط غير متجانس من الاعضاء وفي ظروف حرب ليست هناك فرصة للبحث عن هويات اخلاقيات من بشر ذاهبين الى الموت لان الخطر نفسه يخلق هوية اخلاقية جديدة.
خلق منظمة ارهابية مسلحة عنيفة بدعم امريكي واستنزاف موارد الدولة في حرب اشباح متنقلة من مدينة الى اخرى وتحويلها الى دولة فاشلة ثم التدخل الامريكي بذريعة مكافحة الارهاب هو احد اقذر التقاليد الامريكية وعند تحرير الموصل قال جنرال امريكي للفريق الركن عبد الوهاب الساعدي ضاحكاً وهو يضع يده على كتفه:
” خربتم علينا الشغل” أي كنا نريدها حرباً طويلة وهذا الكلام من الساعدي نفسه في مكالمة بيننا وانا مسؤول عن ذلك.
في جميع أنحاء العالم قامت الولايات المتحدة الامريكية في محاربة المنظمات المسلحة الوطنية، التي تأسست لحماية المدنيين من النظم الدكتاتورية ومن الاحتلال، ومن منظمات الارهاب التي صنعتها أمريكا.
اسلوب خلق منظمات ارهابية محلية هو السلوك المعياري النمطي الامريكي في كل احتلال أو هيمنة ومن الفريق الامريكي نفسه الذي عمل
في العراق بعد 2003.
خلال الحرب الاهلية في كولومبيا إضطرت منظمات مختلفة التوجهات لحماية المدنيين من النظام المدعوم أمريكياً،
ومن منظمة” القبعات الخضر” الوحشية التي أشرف عليها كل من السفير الأخير في سوريا روبرت فورد ومهندس خرابها ــــــــــــــ وقد اعترف مؤخرا انه درب الجولاني على اسلوب ادارة الدولة قبل سقوط النظام ــــــــــــ مع الجنرال دافيد بترايوس قائد القوات الأمريكية الأخير في العراق والكولونيل جيمس ستيل و السفير نغروبونتي صقر المخابرات الامريكية وهم فريق صناعة الصراع المسلح والارهاب في العراق،
وقد نكلت هذه المنظمة ـــــــــ القبعات الخضر ــــــــ الوحشية بالابرياء وحرقت
المزروعات مما اضطر مجموعة قوى للتطوع للدفاع عن القرى والمدنيين تحت عنوان جبهة أم 16، أو الحشد الشعبي الكولومبي،
ثم في جبهة بعنوان مختصر فارك Revolutionary Armed Forces of Colombia اي القوات المسلحة الثورية،
واستمرت الحرب الاهلية منذ اواسط الستينات بين النظام وبين الجماعات المسلحة حتى عام 2016،
وكان المحرض الرئيس على الحرب الشركات متعددة الجنسيات وحكومة الولايات المتحدة.
الشرارة التي اطلقت الصراع اغتيال الزعيم الكولومبي خورخي غايتان الشخصية اليسارية، تلتها حملة قمع وحشية في الارياف، وحسب دراسة مركز الذاكرة الكولومبي قتل 220 الف شخص خلال الاعوام 1958 ــ 2013،
وإجبار 5 ملايين على ترك منازلهم بين عامي 1985 ــ 2012،
تشرد 2:3 مليون ومقتل 45 الف طفل حسب شهادة منظمة اليونيسف
واختفاء 8 الاف طفل واجمالي عدد المتضررين 6.7 مليون طفل،
من غير المفقودين حتى اليوم في مقابر مجهولة،
وفي عام 2016 إضطر النظام الى عقد اتفاقية سلام في أوسلو النرويج،
لينهي أطول حرب أهلية في التاريخ.
في نيكاراغوا توحدت القوى الوطنية في الجبهة الساندنستية وتمكنت
من الوصول للحكم مرتين عن طريق الثورة المسلحة وثانية صناديق الاقتراع،
وكالعادة كانت الولايات المتحدة حليفة للنظام العميل، وحاول النظام والولايات المتحدة خلق منظمة ارهابية هي الكونترا Contras بطلب مباشر من الرئيس ريغان،
وتراوحت العمليات من حملة اغتيالات مجهولة المصدر تطال مدنيين وقادة الى حملات مداهمة واسعة ومسح القرى،
لكنها فشلت في النهاية أمام عنف الجبهة الساندنستية المسلحة، حتى إضطر النظام لقبول الجبهة في تفاوض سياسي وانتخابات باشراف دولي وفازت الجبهة،
وكان الشاعر الكبير الراهب أرنستو كاردينال أول وزير ثقافة في الحكومة هو المطرود من بابا الفاتيكان لحمله السلاح، خلافاً لتعاليم الكنيسة.
في السلفادور قامت منظمة ارهابية مدعومة من الولايات المتحدة
باغتيال القس الوطني والشاعر أوسكار روميرو Óscar Arnulfo Romero y Galdámez وهو يؤدي القداس ثم قتل المشيعين، والقس روميرو شاعر ايضا وقصائده تنضح بالحب والجمال وكان يحمي الجميع من حملات المطاردة حتى الشيوعيين.
اسلوب الضرب في المقدس أستعمل في العراق ونحذر منه بلا كلل،
لتندلع الحرب الاهلية في السلفادور وأصابع الاتهام تتوجه نحو الكولونيل السفاح جيمس ستيل خبير الحروب الاهلية الذي حول العراق الى مسلخ بشري وجثث شوارع وقتل عشوائي بين الطوائف باعتراف جريدة الغارديان
ومحطة بي بي سي البريطانية في تحقيق مصور موثق،
وخلص التحقيق الى أن مجموعة القتل والحروب الاهلية في أمريكا الجنوبية
هي المسؤولة عن زحلقة العراق الى صراع أهلي مسلح، لتخفيف الضغط عن القوات الامريكية.
على إثر انقلاب عسكري عام 1979 في السلفادور دبرته الولايات المتحدة،
أدى الى مذابح كبيرة ضد المتظاهرين، مما جعل منظمات طوعية للتحالف في كفاح مسلح ـــــــــــ الحشد السلفادوري ـــــــــ تحت جبهة فارا بوندو مارتي للتحرير الوطني Frente Farabundo Martí para la Liberación Nacional, FMLN وهي تجمع او حشد منظمات،
استمرت الحرب الاهلية 12 عاماً من المآسي الكبرى، والتنكيل بالمدنيين من فرق الموت نسخة داعش،
وكشف تقرير للامم المتحدة ان اكثر من 75 الف ضحية وقعت خلال النزاع وخراب المدن والمقابر الجماعية،
وكانت الولايات المتحدة الداعم الرئيس للنظام وتوفير السلاح
له ولفرق الموت خلال ادارة جيمي كارتر ورونالد ريغان، وفي عام 1992 تم توقيع اتفاقية سلام في المكسيك لينهي الصراع.
في الارغواي تكررت التجربة نفسها بين النظام الحليف لامريكا وبين الشعب،
لكنه وجد نفسه متورطاً في حرب عصابات مدن مدمرة خاضتها
جبهة التوبامورس الوطنية Tupamaros ،
وهي أعقد حرب عصابات في الشوارع الضيقة في التاريخ غير مسبوقة
ومن قادة تاريخيين من النخبة الوطنية المثقفة حتى ركع النظام واعترف بالمنظمة ونزعت السلاح ودخلت في الانتخابات وفازت.
نحن نعرف رئيس الارغواي” الفقير” والبسيط خوسيه ألبرتو الذي وصل
الرئاسة بين عام 2010 ـــ 2015 في انتخابات لكننا لا نعرف أن خوسيه البرتو
الذي لم يغير سيارته ولا منزله المتواضع الذي حوله وهو رئيس الى مأوى لاجئين عرب بعد الرئاسة هو القائد التاريخي لمنظمة التوبامورس وسجن 16 سنة وفر من السجن المحروس والمحصن بمساعدة المنظمة بعد عملية اقتحام لسجن محروس في الجبال وحصين في معركة دموية.
في السبعينات حاولت منظمات أوروبية يسارية تطبيق تجربة التوبامورس لكنها فشلت مثل الالوية الحمراء الايطالية، وجبهة الباسك الانفصالية في اسبانيا، ومنظمة بادر ما ينهوف الالمانية لأنها بلا بيئة حاضنة،
وقد تكون منظمة الجيش الجمهوري الايرلندي السري إستثناء لطبيعة الصراع الطائفي الذي استمر حوالي قرن .
خلق منظمات ارهابية جرى في فيتنام والعراق وسوريا وافغانستان وغيرها.
جربت الولايات المتحدة اسلوب الحرب الاهلية في البيرو،
لتصطدم بمنظمة الدرب المضيء بالاسبانية Partido Comunista del Perú التي أجبرت النظام على الركوع، وحمت المدنيين من مذابح لا مجال لشرحها.
الولايات المتحدة الامريكية غير معنية بطائفة ودين وهوية من تحاربهم شرط ضمان مصالحها،
في السوق لا أحد يعرف المسلم أو اليهودي أو المسيحي بتعبير فولتير
والكافر الوحيد في السوق هو الفقير.
لكن الولايات المتحدة دائماً تختار عناوين خادعة للحرب وللصراع كالحفاظ على القانون ونزع السلاح والديمقراطية،
ويوم إعتذر الرئيس كلينتون للشعب الكولومبي عن دور أمريكا في الحرب الأهلية غضبت الشركات الكبرى من الاعتذار لانه اعتراف صريح.
الحملة الأمريكية المزمنة لنزع سلاح المنظمات الوطنية لا تخرج على الاطلاق عن هدف السيطرة والاخضاع والاستفراد بالسلطة، وبصرف النظر عن تصرفات غير مسؤولة من بعض قيادات هذه المنظمات التي لا يمكن قبولها بحيث خلقت طبقة اولغارشية مالية مرفهة تتناقض مع جوهر الاهداف الوطنية،
لكن الهدف في الجوهر ركيزة أساسية للدفاع ضد الارهاب الامريكي واساليب الخداع المنظم، وكل الحملة لسبب واحد هو السيطرة السياسية والاقتصادية والعسكرية وليس السلم الاهلي وهي الصانع الاول والاخير لمنظمات الارهاب،
وسوف لن تتوقف الولايات المتحدة من محاولات نزع السلاح لكل حركات المقاومة العربية تحت شعارات الأمن والقانون كما كانت ذريعة اسقاط الدكتاتورية التي رعتها وشجعت حروبها وارهابها لسنوات بحجة الديمقراطية واسلحة الدمار الشامل وهي ترعى اليوم نظما قبلية متخلفة لا تعترف بالانسان ولا حقوقه وتمنحها له كصدقات ومكرمات كفتات وتحذره من التمرد لكي لا تصبح مشايخه خرائب كما اشعلوا النيران في دول عربية للعبرة والتخويف.
امريكا باعتراف المجمع القانوني الامريكي أكبر دولة تخرق القوانين باستهتار مكشوف بغطاء من الاعلام الواسع والذرائع الملفقة.
خططت الولايات المتحدة وحلفاء عرب كما اعترف رئيس جهاز المخابرات البريطاني MI6 السابق اللورد ريتشارد ديرلوف في محاضرة صادمة نشرت صحيفة”الإندبندنت”البريطانية تقريرا مطولا عنها بعد سقوط الموصل امتنعت صحف بريطانية عن نشرها، قال بالحرف بشهادة صادمة:
” إن إحتلال الموصل 2014 جزء من عملية أوسع لإبادة الشيعة وتحويل حياتهم إلى ما يشبه حياة اليهود في ظل النازيين الألمان. وانه سمع هذا الكلام من مسؤول المخابرات السعودي بندر بن سلطان ابلغه به قبل عملية 11 ايلول 2001″ أي قبل 13 سنة من ولادة داعش”.
عمل طويل ومنظم وخلق اهداف وعقيدة حارة وبهائم وخلق قصة ومناخ مناسب تجعل هؤلاء الحيوانات البشرية تتحمل مشاق حرب طويلة والموت والخ. وأضاف:
” إن اللحظة القاتلة التي توعد بها بندر بن سلطان الشيعة قد جاءت بعد مذابح الموصل”.
ان الاحزاب الفاسدة الحاكمة مسؤولة ليس فقط عن ضياع وطن بل وعن ضياع ارواح الناس رغم كل التوحش والعدوانية الامريكية والحلفاء العرب وغيرهم في جعل العراق دولة جريحة وراكعة ومنهوبة لسنوات قادمة والخطر الرئيس من داخل العراق وهؤلاء الفسقة هم الثغرة التي ترشح منها الكوارث القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock