تقارير وتحقيقات

ما يين زوجة أبو شباب “الإسرائيلية”، و”وعود” الأسطل .. “العين” على ثلاثي حماس

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

كتب :هاني الكنيسي
تضاربت الروايات حول مقتل ياسر أبو شباب زعيم الميليشيا المناهضة لحماس في رفح جنوب قطاع غزة قبل بضعة أيام.
وبين احتفال كثير من الفلسطينيين بموت رجل العصابات والمهرب السابق المتحالف (علنا) مع جيش الاحتلال، وبين حيرة البعض أمام ظروف مقتله وتوقيته وارتباك الرواية الإسرائيلية ليومين (إلى حد التكتم)، برزت ثلاث روايات متناقضة:
الأولى، غزاوية، تقول إنه “ضُرب حتى الموت”، على يد بعض أبناء عائلته المنتمية لقبيلة “الترابين” البدوية، في كمين تم التخطيط له بإحكام، بعدما فاض بهم الكيل من تصرفاته الخسيسة. لكنها تظل رواية غير مكتملة و”لا تتناسب منطقيا مع موقعه كزعيم ميليشيا مدعومة إسرائيليا وله حمايته الخاصة” كما قال أحد الخبراء.
الرواية الثانية، هي الإسرائيلية الرسمية؛ التي تزعم أنه أصيب خلال اشتباك مسلح قرب رفح ونُقل للعلاج إلى مستشفى إسرائيلي بمروحية لكنه توفي متأثراً بجراحه. لكن تأخر الإعلان وصياغة البيان أثارت شكوكا أسئلة أكثر مما قدمت من أجوبة.
أما الرواية الثالثة، فتلك التي يدوّرها الإعلام، وتتسم بكثير من التوابل الدرامية -غير المنطقية أيضا- والتي تتراوح بين دور أيدي حماس الخفية في العملية وانقلاب السحر الصهيوني على العميل الخائن بسبب خلافات داخلية وصراعات على القيادة والغلة.
وبغض النظر عن أي الروايات أقرب للحقيقة، فقد استوقفني شخصيا بروز خبرين متزامنين في الإعلام العبري، ومتصلين مباشرة بفيلم أبو شباب.
الأول، ما ورد في مقابلة مصورة أجراها موقع إعلامي أردني مع مسؤول استخباراتي سابق (لم يفصح عن هويته وتم تغبيش وجهه وترجمة كلامه بصوت -أو فويس أوفر- نسائي، وإن كانت طريقته توحي بأنه إسرائيلي)، والذي زعم أنه عُثر في منزل (مخبأ) ياسر أبو شباب على كميات كبيرة من النقد بعملات متنوعة، وسلاح إسرائيلي الصنع برقم تشغيلي خاص (تستخدمه فقط وحدة النخبة في جيش الاحتلال)، وأجهزة اتصال لاسلكي “مشفّر ” من طراز عسكري متطور، فضلا عن “مواد ممنوعة” لا يمكن لشخص عادي امتلاكها.. والأهم – أو الأكثر إثارة- من كل ما سبق، أنه تم العثور أيضا على بطاقة هوية لزوجة ثانية (بخلاف زوجته الفلسطينية المعروفة باسم آمنة أبو شباب، التي نعته علناً في عدة مناسبات). وتكشف بيانات الهوية (التي عُرضت على الشاشة مع إخفاء الاسم) أن الزوجة “السرية” إسرائيلية الجنسية، واسمها ‘موهداس شيموئيلي’. ويزعم الضيف أن هذه المرأة كانت تقيم مع أبو شباب في رفح حتى قبل أيام من مقتله، حين انتقلت فجأة إلى شقة في حي ‘بزغات زئيف’ شمال القدس، ثم اختفت تماما عن الأنظار، وتوقف رقم هاتفها الإسرائيلي عن العمل.
ويضيف: “موهداس إسرائيلية حتى النخاع، خرجت من رحم الأجهزة الأمنية، وكان لها دور كبير في تجنيد أبو شباب بعد فراره – في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر- من سجن خان يونس (حيث كان يمضي عقوبة بالسجن 25 عاما إثر إدانته بالاتجار في المخدرات). لم يدرك أن ظهورها في حياته لم يكن صدفة، وقيل إنه وقع في حبها، وقيل أيضاً إنه كان يخشى الزواج منها لأنه كان يعلم أن ارتباطه بإسرائيلية ستجعل أي خطوة له في المستقبل محفوفة بالخطر. ومع ذلك تزوجها. لكنه كان حريصا أن يبقى ذلك الزواج سرا حتى على أقرب المقربين منه”.
ويمضي “الخبير الاستخباراتي” في سرد قصة نشأة ياسر أبو شباب الفقيرة وتركه المدرسة ونحوله للنشاط الإجرامي (في سيناء) حتى اعتقاله على يد شرطة حماس عام 2015 والحكم بسجنه. ويصر على أن مقتله لم يكن نتيجة فوضى أو حادث عابر، وإنما كانت “عملية تصفية، اتُخذ قرارها مسبقاً .. مثلما كان تهريبه من السجن قرارا إسرائيليا صُنع خارج غزة”.
ويستفيض في شرح ظروف تجنيد وتدريب أبو شباب -على يد الجيش الإسرائيلي- منذ وصوله معبر كرم أبي سالم، حيث بدأ في تجميع عشرات الرجال من السلفيين والمهربين والمجرمين السابقين،وتزويدهم بالسلاح الإسرائيلي) ليشكلوا معا ما يسمى “القوات الشعبية”، ويعلن حربه على حماس.
ثم ينتقل إلى فصل النهاية، مؤكدا أن قرار “التخلي عن أو التخلص من” أبو شباب جاء بعد أن انتهت مهمته التي جُنّد من أجلها، ومشيراً إلى أن زوجته الإسرائيلية السرية (عميلة الشاباك) ظلت تؤدي دورا محددا حتى اللحظة الأخيرة “وربما أحبته فعلا، لكنها كانت أول من تخلى عنه عندما بدأ الخيط يلتف حول عنقه”. ويدلل على صحة كلامه بظروف اختفائها الغامض وبما عثر عليه الأمن عند مداهمة شقة أبو شباب بعد مقتله، والتي “تؤكد الأغراض الحساسة المنتشرة في أرجائها دون محاولة لإخفائها، أنه لم يتوقع ما كان سيحدث له”.
أما الخبر الثاني، فيتعلق بموجة المقابلات التي أجرتها وسائل الإعلام العبري حسام الأسطل، ضابط الأمن السابق في السلطة الفلسطينية وقائد الميليشيا المناهضة لحماس في غزة والمنضوية تحت “القوات الشعبية” التي تولى قيادتها غسان الدهيني خلفا لياسر أبو شباب. ففي مقابلة مع القناة N12 اليوم (الأحد)، قال إنه لا يخشى أن يكون الهدف التالي زاعما أن حركة حماس لا تجرؤ على الاقتراب منه، وأنه على اتصال وتنسيق دقيق مع الدهيني، مضيفاً: “أنا في خانيونس على خط التماس مع حماس. وقد خرجت عدة مرات من منطقة الخط الأصفر ولم يحدث شيء. أنا فعلاً غير خائف منهم”.
وفي مقابلة “متزامنة” مع صحيفة ‘إسرائيل هيوم’، قال الأسطل:”القوات الشعبية في رفح ستتجاوز غياب أبو شباب. سوف يديرون الأمر، الدهيني يعرف العمل والناس وكل شيء هناك”.
ما يمكن استنتاجه من تصريحات الأسطل “الجوفاء”، أن ميليشيات غزة المتواطئة مع الاحتلال في حالة توتر وارتباك وربما هلع .. والواضح أن “إسهال” المقابلات في الإعلام الإسرائيلي ما هي إلا حملة “دعاية” تسعى ل”طمأنة عملاء الاحتلال” أن الأمور ما زالت تحت السيطرة.
وعلى وقع تلك الدراما، يدعي الإسرائيليون من ناحية بأن في غزة “العديد من قادة الميليشيات المعارضين لحماس”، ويستشهدون في ذلك بتصريحات رامي خلاس (قائد ميليشيا صغيرة في شرق غزة)، وبتعهدات شوقي أبو ناصرة (سجين أمني سابق خدم مع السلطة الفلسطينية) بأن “وفاة أبو شباب تعزز تصميمنا على الاستمرار في محاربة حماس” .. لكنهم من جهة أخرى، مشغولون -حد الهوس- بتحركات حماس على الأرض (خلف الخط الأصفر)، وبخططها لاستعادة السيطرة الأمنية “من خلف ستار سلطة حكم غزة الجديدة”، وبإعادة هيكلة وتنظيم صفوفها العسكرية استعدادا للمرحلة (أو الجولة) المقبلة .. فيتداول الإعلام العبري “بكثافة” معلومات “مبهمة” عمن يسميهم “الناجين الثلاثة”: عز الدين الحداد (الرئيس الحالي للجناح العسكري- القسام)، ورائد سعد، ومحمد عودة. ومعلوم طبعا أن الثلاثي المذكور على قمة قائمة الاغتيال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock