د . أنور ساطع أصفري يكتب :المواطن العربي .

المواطن العربي في ظل أنظمة إستبدادية قمعية عاش لسنواتٍ طوال مهمشاً مُصادر الرأي ، فاقداً لحقه الطبيعي بالمشاركة الفاعلة في صناعة القرار السياسي والإقتصادي في البلاد ، وأي مواطن عربي هو أحد ضحايا هذه الأنظمة الفاسده ، المواطن الذي جثم على كاهله كابوس الفقر والقمع والجوع والفساد الذي تفشى في كل أنحاء البلاد العربية المترامية الأطراف ، ومصادرة الحريات العامة ، فتعطش هذا المواطن لحريته المحنّطة ، وكرامته المهدورة وديمقراطيته المزيفة ، فأن يهبّ وينطلق المواطن العربي للمطالبة بحقوقهِ هو حقٌ مشروع ، ومطالبه مُحقّة ، والتي هي من أبسط مبادىء حقوق الإنسان .
ولكن مع الأسف فإن أزلام الأنظمة يُشوّهون مسيرة الجماهير النبيلة ، ومن ثُمّ يتحدثون عن مُبررات ، وكأنهم تناسوا بأن صوت الشعب هو ليس مُنتج مُسبق الصنع وليس بمستورد ، لأن الثورة الديمقراطية إن لم تكن وليدةً ومحميّةً محليّاً فلن تقوى على العيش والنمو والبقاء . فمطالب الشارع العربي هي طفلٌ شرعي وُلِدَ ولادةً قانونية محلّياً .
وهذه الثورات إنطلقت وتنطلق لأسباب كثيرة أهمها :
* تفشي الفساد في البلاد حيث وصل إلى أعلى معدلاته .
* مصادرة الحريات وكم الأفواه كانت هي سياسة النظم السائدة ، وإعتمدت على أجهزتها المخابراتية القمعية الفاسدة لتحقيق سياستها هذه ، حيث تم وضع كل مواطن تحت دائرة المراقبة والبحث والمتابعة ، فامتلأت السجون بالمعتقلين السياسيين والنشطاء ومعتقلي الرأي .
* الإذلال والتهميش والاستخفاف بالمواطن وصل إلى مستويات خيالية ولا تزال الأنظمة العربية تسلك نفس هذا السلوك حتّى مع المجتمع الدولي .
* البطالة ، وخاصّة أن 40% من العاطلين عن العمل هم في سن 30 عاماً وأصغر .
* الفساد المستشري في البلاد ، حيث يعيش أزلام الأنظمة العربية العيش الرغد مقروناً بالغنى الفاحش المسلوب من المال العام للدولة على حساب قوت ومال الشعب وكل مواطن . بينما المواطن يعاني أزمته الحياتية اليومية لمفرده.
* إهمال مطالب المواطنين والأقليات في المجتمعات العربية . فكل مكوّنات المجتمع يجب أن يتمتعوا بأبسط مبادىء التعايش وحقوق الإنسان والحصول على كافة حقوقهم وغير منقوصة .
الشعب العربي إستطاع أن يكسر حاجز الخوف ، وأن يرفض مقولة التمديد الروتيني ، وأن يشجب التعامل مع الشعب من خلال العصا والقمع والعنف .
بكل تأكيد إن التاريخ يُخطُّ بقلم الأقوياء ، فيدوّن ما يشاء ويرسم ما يريد ، ولقد علّمنا التاريخ بأن الشعب هو الأقوى .
فعلى أصحاب الكراسي والمصالح والمناصب والمكاسب أن يدركوا حقيقة الأمور ، وبأن الشعب يستطيع أن يصل لمفرده إلى أهدافه بدون أوصياء يسلبونه خطواته وآرائه ، وأن يُبعد عن طريقه كلّ من خانه وإستهتر بحقوقه وبمطالبه المحقّة .









