السلطان قلاوون ومحو إمارة طرابلس الصليبية من الوجود.

إمارة طرابلس هي رابع دولة صليبية أقامها الصليبيون و كانت تقع على أراضي لبنان الحالية، و عاصمتها مدينة طرابلس. وقد استولت القوات الصليبية على طرابلس في سنة 1109، وطال عمرها أكثر من الدول الصليبية الثلاث الاخرى بسبب المساعدات التي كانت تتلقاها من طائفتي المسيحيين العرب الموارنة والنصيرية ..
بعد أن قصم السلطان المملوكي المنصور قلاوون ظهر دولة مغول فارس في معركة حمص ، وأمًن جبهته من ناحية الشرق التفت لإمارة طرابلس آخر الدول الصليبية ، وظل يجهز جيشه ليوم الفصل مع هذه الدولة الصليبية لمدة ثمان سنوات ، وفي سنة 1289 م زحف بجيشه الكبير الذي بلغ 40 ألف فارس و 140 ألف من المشاة . وإذا تأملنا هذا العدد الكبير أدركنا مدى التطور الهائل الذي حدث للجيش المملوكي زمن المماليك ذلك أن جيش البطل صلاح الدين لم يصل الى ربع هذا العدد لا في معركة حطين ولا زمن الحملة الصليبية الثالثة …
فقد تحولت دولة المماليك الى دولة عسكرية عظمى حيث قام السلطان الظاهر بيبرس بشراء اعداد كبيرة من المماليك الاتراك الصغار مستغلا علاقاته الجيدة مع دولة مغول القفجاق وروسيا ( مغول القبيلة الذهبية ) وانشأ لهم المدارس والمعسكرات لتنشئتهم تنشئة اسلامية وتربيتهم تربية عسكرية راقية ، وقد واصل السلطان قلاوون هذه السياسة بنفس الزخم لدرجة أن اخبار هذه السياسة وصلت الى أوربا فأقضت مضاجع الغرب الصليبي حتى بدأت العقلية الصليبية والروح الصليبية في الغرب تتهاوى ودب اليأس في نفوس الغرب وأصبح يدرك أنه ليس في مقدوره ارسال حملة صليبية لأن مصيرها سيكون الفناء التام.
ااما الآلات ومعدات الحصار التي أحضرها الجيش الاسلامي بقيادة قلاوون فقد كانت كثيرة جدا حتى أن المنجنيقات بلغت أكثر من مئة منجنيق.
وسرعان ما أحدث الجيش الأضرار والدمار في أبراج وأسوار طرابلس ، فاقتحمها الجيش عنوة ابريل 1289م ، ومثلما فعل في أنطاكية قتل جنود الجيش الاسلامي كل من وجدوه من المحاربين الصليبيين وأسروا نسائهم وأطفالهم وغنموا غنائم ضخمة ، ولم ينج من الصليبيين الا من هرب بالسفن الراسية في الميناء أثناء دك الأسوار. وأصبحت المدينة كلها في أيدي المسلمين ، وأمر السلطان قلاوون بتدمير المدينة وهدم أسوارها وتسويتها بالأرض ليقتل كل أمل في نفوس الصليبيين باحتلالها مرة أخرى.
ثم أمر ببناء مدينة طرابلس الجديدة على تل يقع الى الشرق بعيدا عن ساحل البحر حتى لاتتعرض لهجوم صليبي بحري مباغت ، كما استرد مدينة جبلة التابعة لطرابلس.
وقد استعد السلطان قلاوون في السنة التالية لاسترداد عكا اخر معقل للصليبيين لكن القدر عاجله فمات رحمه الله ولكن ابنه الأشرف خليل بن قلاوون حقق أمل والده فاستردها سنة 1291 م ، وبذلك انتهى وجود الصليبين في الشام …









