تاريخ العرب

القائد الهمام الجراح بن عبد الله الحكمي

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

في عام 103 هجرية إغارة قوات الترك الوثنيين على بلاد اللان وقاموا بالهجوم على المسلمين في أرمينية, مما دفع أمير أرمينية الأموي معلق بن صفار إلى القيام بحملة على الترك فلقيهم بمرج الحجارة في شهر رمضان من نفس العام, فدارت المعركة وهزم المسلمين وقتل جماعة منهم واستولى الترك على عسكرهم وغنموا ما فيه.
وقد أطمعت هذه الهزيمة التي تلقاها المسلمون على يد الترك في أرمينية الوثنيين الخزر في المسلمين, فاندفعوا نحو الحدود الأرمينية وشنوا غارتهم وتوغلوا في البلاد مما دعا الخليفة الأموي يزيد بن عبد الملك إلى استعمال القائد الهمام الجراح بن عبد الله الحكمي على أرمينية وأذربيجان سنة 104 هجرية وأسند إليه مهمة صد الترك وأمر حربهم, وأمده بجيش كبير وأمره لا بصد الترك فقط عن أرمينية بل وقصد بلادهم.
سار الجراح بجيشه حتى وصل أرمينية ولما سمع الترك بتحرك هذا الجيش ارتدوا عن البلاد الإسلامية التي كانوا قد استولوا عليها, وانسحبوا عائدين حتى نزلوا مدينة باب الأبواب – وهي أحد موانئ بحر قزوين-.
تحرك الجراح بجيشه إلى بلاد الترك فعبر نهر الكر واجتاز إقليم شروان, حتى قطع نهر السمور متجهًا صوب مدينة باب الأبواب, وأخذ الجراح الاحتياطات اللازمة في خط سيره وبث السرايا والطلائع أمامه, ولما وصل مدينة باب الأبواب وجدها خالية, فبث سراياه على ما يجاوره من البلاد ففتح الكثير من القرى والمدن, ثم عبر نهر الران لموصلة الفتح.
علم ملك الترك بفتوحات الجراح في بلاده فأرسل ابنه نارستيك بن خاقان في أربعين ألف مقاتل فنزل عند نهر الران فدارت رحى معركة عظيمة بين الفريقين استطاع الحراج فيه من ساحق جيش الترك, لم يكتفي الحراج بهذا النصر الحاسم بل تحرك وإخضاع تلك المناطق لحكم المسلمين ففتح معظم مدن وحصون الخزر في هذه المنطقة.
وكانت أصعب معارك المسلمين عند حصن بلنجر فلقد دارت رحى معركة رهيبة بين الفريقين عظم فيها الأمر على الجميع ودارت الدائرة على المسلمين وكاد أن يقع الأمير الجراح أسيرًا في يد الترك, لولا أن مَنَّ الله على المسلمين بنصر رائع, وحصار الجراح الحصن ففر صاحب بلنجر في خمسين رجل من قومه.
لما دخل المسلمين الحصن أسر الجراح زوجة صاحب الحصن وأولاده وبعث إليه بالأمان, ورد إليه الحصن وأهله وأمواله ليكون رجل المسلمين في هذا الحصن, فلما رأى الرجل صنيع الجراح معه أسلم وأسلم جميع قومه معه, وكان فتح حصن بلنجر فتحًا مبينًا, فلقد دخل معظم أهل الحصون القريبة منه الإسلام لما سمعوا بعدل المسلمين, وظل الجراح رحمه الله يخرج من نصر إلى نصر حتى لحق بجوار ربه شهيدًا سعيدًا في أوائل عام 112 هِجْرِيًّا بعد جهاد بطولي دامي.
لقد رحل الجراح هذا البطل المغامر بعد هذه الحياة الجهادية الرائع, رحل لكن لم يرحل عن ذاكراتنا, رحل وسنبقى نذكره ما حيينا, ستذكره أجيالٌ وأجيال, لَعَلَّ الله يُخرج رجلاً من أمثاله يعيد المجد للمسلمين.
تاريخ خليفة ابن خياط ** الكامل في التاريخ ** تاريخ ابن خلدون ** الدولة الأموية في عهد يزيد ** الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار ** البداية والنهاية ** تاريخ الإسلام
{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّض أَمْرِي إِلَى اَللَّه ۚ إِنَّ اَللَّه بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock