كتاب وشعراء

الورد و القمح …..بقلم فاضل عباس

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

الورد و القمح
في تلك الليلة التي كانت السماءُ فيها خفيفةً
كأنها ترتدي جسدًا من بخار،
استيقظ الوردُ مذعورًا
لأنه لم يتعرف على شكله.
كان العطرُ يخرج منه
قبل أن يكتشف هو نفسه
بأي لونٍ يطلّ هذا الصباح.
قال للعطر:
ابقَ أمامي
أحتاجك لأبدو جميلًا
حتى لو لم أعد أعرف من أكون.
لكن العطر،
كائنٌ مشاغب لا يثبت،
ضحك وغاب في أول نسمة.
فشعر الورد أنه عارٍ
إلا من خوفه.
في تلك اللحظة
دخل القمحُ السهل،
يمشي كمن يعرف الطريق
حتى لو غيّرت الأرض شكلها.
كان القمحُ يحمل ظلّه على ظهره
مثل شيخٍ يحتفظ بالذاكرة
خشية أن يسرقها الغيم.
اقترب من الورد وقال له:
الذين يولدون من العطر
لا يعرفون أعمارهم.
أما نحن الذين نولد من الطين،
فكل خطوةٍ لنا
هي فصلٌ مكتوبٌ بالبلل.
رفع الورد رأسه وسأل:
لماذا تنحني دائمًا
هل أتعبك العمر؟
فأجابه القمح:
“أنا لا أنحني،
أنا أصغي.
الطينُ يتكلم كثيرًا
ولا يسمعه إلا الذين جرّبوا الجوع.”
ثم حدّق القمح في السماء طويلًا،
كأنه يقرأ اتفاقًا غير مكتوب،
وقال:
إنها الليلة التي تتغيّر فيها الوعود.
الغيمُ سيصبح أثقل،
و الريحُ ستتذكر اسمها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock