أخبار العرب

انكسار المغول ونهاية كابوسهم

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

في أواخر القرن السابع الهجري، كان العالم الإسلامي لا يزال يعاني من آثار الغزو المغولي المدمّر. سقطت بغداد، وانتهت الخلافة العباسية، لكن دولة المماليك في مصر والشام وقفت صامدة كالصخرة، بعد أن كسرت زحف المغول في معركة عين جالوت الخالدة.
غازان خان، حاكم الإيلخانيين في فارس والعراق، لم ينسَ أبدًا أن المماليك هم العقبة الوحيدة أمام سيطرته الكاملة على الشام والحجاز. كان يراهم عدوًّا لا يهدأ، يؤوون الخليفة العباسي ، ويحتضنون كل منشقّ مغولي، ويرفضون الخضوع له.
في سنة 699 هـ، جمع غازان جيشًا هائلًا عبر الفرات، اجتاح حلب وحماة، ثم التقى بالجيش المملوكي في وادي الخازندار قرب حمص. كانت هزيمة مرّة؛ انهار جناحا المماليك وقلبهم، وفرّ السلطان الناصر محمد بن قلاوون إلى دمشق ثم إلى القاهرة. تقدّم المغول كالسيل الجارف، احتلوا حمص، نهبوا القرى، ثم حاصروا دمشق. أغلقت الأبواب، وخرج وفد من العلماء والقضاة يطلب الأمان. منح غازان الأمان شفويًا، لكن جنوده لم يلتزموا؛ نهبوا أحياء بأكملها وأحرقوها.
بقي المغول أربعة أشهر يعيثون فسادًا، حتى بلغهم خبر تجميع جيش مصرى ضخم في مصر، فعادوا أدراجهم تاركين حامية صغيرة سرعان ما انشقت وبايعت المماليك.
لم يستسلم غازان. بعد ثلاث سنوات فقط، في رمضان 702 هـ، عاد بجيش أكبر وأعتى، يقال إنه تجاوز المائة ألف مقاتل، بقيادة نائبه قطلوشاه. عبر الفرات مجددًا، ابتلع حماة، وكاد يبتلع دمشق ثانية. عمّ الرعب، وأخلى الناس الأسواق، وتراجع جيش الشام خطوة خطوة.
لكن السلطان الناصر لم يكن غافلاً. سار بجيشه المصري كالبرق حتى لحق بفلول إخوانه في مرج الصُفَّر جنوب دمشق، قرب قرية شقحب.
في اليوم الثاني من رمضان، اصطف الجيشان. كان المغول أكثر عددًا وخيلهم تملأ الأفق، لكن المماليك تعلموا من هزيمتهم السابقة، فأعدوا أنفسهم إعداد الأبطال. دارت المعركة من الفجر إلى غروب الشمس؛ انهارت ميمنة المماليك أولاً، ثم عادت أقوى بعد أن قاد السلطان بنفسه الدعم لها، بينما انهارت ميمنة المغول ولم تعد. حلّ الليل، فتسلق المغول جبل غباغب القريب يلتمسون ملجأ، فحاصرهم المماليك طوال الليل كحلقة من نار.
في اليوم الثالث، فتح #المماليك ثغرة في الحصار ليخرج المغول على دفعات، فاستُقبلوا بوابل من السيوف والسهام. ذُبح عشرات الآلاف، وأُسر الآلاف، ولم ينجُ قطلوشاه إلا مع حفنة من رجاله، تاهوا في الصحراء فمات أكثرهم عطشًا أو غرقًا في السباخ.
عاد السلطان الناصر إلى #دمشق فاتحًا منتصرًا. استقبلته المدينة بفرحة لم ترَ مثيلها: زُيّنت الشوارع بالحرير والورود، أضيئت المآذن والمساجد، سيق الأسرى المغول في السلاسل، دوّت الطبول، وارتفعت الأصوات بالأناشيد والقصائد حتى ارتجفت جدران الشام ابتهاجًا.
كانت شقحب الضربة القاضية التي حطمت أسطورة الجيش #المغولي الذي لا يُقهر. من ذلك اليوم لم يعود المغول يجرؤون على غزو كبير للشام، وبعد ثلاثين سنة فقط تفككت دولة الإيلخانيين إلى دويلات متناحرة، وانتهى الكابوس المغولي إلى الأبد.
هكذا، وبعد أكثر من نصف قرن من المقاومة الدامية، كتب المماليك بسيوفهم ودمائهم نهاية الطوفان المغولي في قلب العالم الإسلامي.
#دولة_التلاوة #christmas #مصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock