بلومبيرج خريطة القوة بـ 2 تريليون دولار: الكشف عن الشبكة المعقدة التي تحكم إمبراطورية أبوظبي الاستثمارية العالمية!

بينما قد لا تستغرق قيادة السيارة عبر مدينة أبوظبي أكثر من 30 دقيقة، فإن هذه المدينة الصغيرة تخفي داخلها كيانات مالية تدير أكثر من 2 تريليون دولار – وهو مبلغ يتجاوز اقتصاد هولندا وسويسرا مجتمعين. الرسم البياني المرفق من بلومبرغ ليس مجرد قائمة بالاستثمارات، بل هو خريطة قوة تكشف لأول مرة عن الشبكة المعقدة والمترابطة من الصناديق السيادية، والشركات القابضة الملكية، والمديرين التنفيذيين الذين يحكمون هذه الإمبراطورية المالية الهائلة ويحددون مسارها.
لقد تحولت أبوظبي من مجرد مصدر للنفط إلى “عاصمة رأس المال” العالمية، وهذا هو دليل التشغيل الخاص بها.
1. أولًا: الأركان الثلاثة – عمالقة الثروة السيادية
على عكس معظم المدن، تمتلك أبوظبي ليس صندوقًا سياديًا واحدًا، بل ثلاثة، لكل منها شخصيته واستراتيجيته الخاصة:
جهاز أبوظبي للاستثمار (ADIA) – العملاق الصامت (1 تريليون دولار): هو الأقدم والأكبر. يُعرف تاريخيًا باستثماراته الضخمة والحذرة، حيث يقوم بتخصيص عشرات المليارات لصناديق الأسهم الخاصة والتحوط الكبرى (مثل BlackRock و Blackstone). إنه يمثل “المال القديم” والثقيل في أبوظبي.
شركة مبادلة للاستثمار (Mubadala) – آلة عقد الصفقات العالمية (330 مليار دولار): هو الصندوق الأكثر نشاطًا وديناميكية. أصبح “مبادلة” معروفًا كواحد من أكثر المستثمرين غزارة في العالم، حيث أبرم أكثر من 300 صفقة في السنوات الخمس الماضية، مع التركيز بشكل كبير على التكنولوجيا والائتمان الخاص والذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة وأوروبا.
القابضة (ADQ) – البطل الوطني (263 مليار دولار): هو الصندوق الأصغر والأسرع نموًا. يركز “القابضة” بشكل أكبر على الاستثمارات داخل الإمارات والمنطقة، حيث يمتلك أصولًا استراتيجية تمتد من شركات الطيران إلى البورصات، لكن لديه أيضًا طموحات عالمية جريئة (مثل الاستثمار في دار المزادات Sotheby’s).
2. ثانيًا: الدائرة الداخلية – الرجال الذين يحركون التريليونات
تتركز القوة النهائية في أيدي عدد قليل من الشخصيات المحورية:
الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان (الاستراتيجي الأكبر): هو الشخصية المحورية في هذه الشبكة. بصفته رئيسًا لكل من ADIA و ADQ، بالإضافة إلى الشركة القابضة الدولية (IHC) والمجموعة الملكية (Royal Group)، فإنه يشرف بشكل مباشر على غالبية الثروة السيادية والخاصة للإمارة.
الشيخ منصور بن زايد آل نهيان: شخصية قوية أخرى، يشغل منصب رئيس مجلس إدارة “القابضة” (ADQ) وله استثمارات عالمية بارزة.
المديرون التنفيذيون (التكنوقراط): إلى جانب أفراد العائلة الحاكمة، هناك مديرون تنفيذيون أقوياء مثل خلدون المبارك (الرئيس التنفيذي لمبادلة) ومحمد حسن السويدي (الرئيس التنفيذي لـ ADQ ووزير الاستثمار الإماراتي)، الذين يمثلون الوجه الاحترافي العالمي لآلة عقد الصفقات في أبوظبي.
3. ثالثًا: التحول الاستراتيجي الكبير – من النفط إلى هيمنة الذكاء الاصطناعي
الخريطة لا تظهر فقط حجم الثروة، بل تظهر أيضًا التحول الاستراتيجي الجذري الذي تقوم به أبوظبي.
الهدف: تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط.
الوسيلة: استخدام الثروة النفطية الهائلة للسيطرة على الصناعات المستقبلية، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي.
الدليل المادي: تُظهر الخريطة استثمارات بمليارات الدولارات في هذا القطاع: من G42 (شركة الذكاء الاصطناعي الرئيسية في أبوظبي)، إلى الاستثمار في Waymo (السيارات ذاتية القيادة من جوجل)، وصولًا إلى إنشاء كيان جديد مخصص للذكاء الاصطناعي (MGX) يستهدف جمع أصول بقيمة 100 مليار دولار. والأهم من ذلك، الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية التي تشغل الذكاء الاصطناعي، مثل الاستحواذ على Aligned Data Centers بقيمة 40 مليار دولار والاستثمار في مراكز البيانات الفرنسية بقيمة 31 مليار دولار.
4. رابعًا: “الجيل الجديد” – شبكة من الكيانات المتخصصة
إلى جانب الصناديق الثلاثة الكبرى، أنشأت أبوظبي شبكة معقدة من الكيانات الجديدة والأكثر تخصصًا لتنفيذ استراتيجيتها بسرعة ومرونة:
الشركة القابضة الدولية (IHC) و 2PointZero: كيانات ضخمة ومتشعبة تستثمر في كل شيء من SpaceX إلى علامة Savage X Fenty التجارية.
لونيت (Lunate) و XRG: شركات متخصصة تم إنشاؤها مؤخرًا لإدارة الأصول البديلة (مثل الاستثمار في صندوق التحوط Brevan Howard) والاستثمار في قطاع الطاقة على التوالي.
باختصار، هذه الخريطة ليست مجرد عرض للثروة، بل هي إعلان عن استراتيجية مدروسة ومتعددة الأوجه لتحويل أبوظبي من عاصمة للنفط إلى “عاصمة لرأس المال” العالمي. إنها تظهر كيف يتم استخدام الثروة الهائلة ليس فقط لتحقيق عوائد مالية، بل أيضًا لبناء نفوذ عالمي، وتأمين مكانة رائدة في الثورات التكنولوجية القادمة، وضمان الازدهار في عالم ما بعد النفط.
السؤال الأكبر الآن: مع هذا التركيز الهائل لرأس المال والقوة في أيدي عدد قليل من الكيانات والقيادات المترابطة، هل سيتيح لأبوظبي في أن تصبح القوة التكنولوجية والمالية المهيمنة عالمياً، أم أن هذا التعقيد قد يخلق مخاطر نظامية جديدة للاقتصاد العالمي









