حمزه الحسن يكتب:لا تقصوا الأجنحة الصغيرة

تقول أيليني كازنتزاكي زوجة الروائي الشهير كازنتزاكي مؤلف زوربا اليوناني في كتابها” المنشق ،: سيرة مشتركة” بعد وفاته،
إنها لم تجد يوماً كازنتزاكي غاضباً بتلك الصورة العنيفة كما في تلك المرة في زيارة له تحمل له الكتب والرسائل في عزلته على البحر،
لكنها اعتذرت منه في انها لم تجد مناسباً أن تجلب معها ” ديوان شعر” لشاعر شاب وجدت ان الديوان لا يستحق،
مما أخرج كازنتزاكي عن طوره أكثر كتاب القرن العشرين أخلاقية بشهادة البير كامو ويصاب بنوبة غضب من أيليني وهي ايضا كاتبة وقال لها أن يكون الكتاب جيدا أم غير جيد ليس هذا واجبك. لقد تذكرني. بحث عن عنواني. كتب لي اهداءاً وهذا وحده يستحق الشكر والاحترام.
تذكرت موقف نيكوس كازنتزاكي وأنا اقرأ نصا لكاتبة عراقية تقول ان شابة قدمت لها روايتها وكتبت لها الاهداء على روايتها، وعندما قرأت الرواية كما تقول وجدتها عبارة عن خواطر انشائية لا تتوفر فيها شروط الرواية كما حددتها الكاتبة،
ولم تكتف بذلك بل أوغلت في تحطيم تلك البادرة العفوية من شابة مبتدئة وشرشحتها بالتفصيل وكان يجب بدل هذا التشنيع تقديم ملاحظات خاصة في اطار رسالة بدل هذا التنكيل المخجل بالشابة كما نفعل عادة مع نصوص بسيطة متواضعة.
كان انطون تيشخوف يصاب بنوبة تشنج عندما يقدم له شاب قصة من قصصه لكي يعطي رأيه فيها وكان يردد عبارة :” لا تقصوا الاجنحة الصغيرة”.
ان الهدية وحدها واختيار الشخص والاهداء بادرة جميلة تستحق الثناء والتقدير بصرف النظر عن طبيعة النص وكان يجب مراعاة تجربة الشابة وعفويتها وهذا الكلام القاسي قد يدمر كل رغبتها في الكتابة.
مرة وصلتني مخطوطة رواية من كاتبة خليجية في أول عمل لها وتريثت أربعة شهور لصياغة رأي مخفف لأن النص كان متسرعاً ومفككاً لكني تمكنت من تقديم ملاحظات هادئة عن أخطائي أنا في التجربة الروائية بطريقة التفافية لكي لا أثقل عليها،
وهي اليوم روائية شهيرة وكانت ثقتها بي كافية لتحطيمها.
مرات كتبت هنا انصح الكتاب الشباب أن يكونوا دقيقين في عرض أعمالهم الأولى ولا يعرضوا كتابهم الأول لكل من حمل لقب كاتب أو روائي أو ناقد ‘إلا بعد الفحص والتدقيق لكي لا يحصل معهم ما حصل مع هذه الشابة التي تلقت صفعة عنيفة مقابل هدية قدمتها بكل براءة ولطف وثقة.









