رئيس الموساد الجديد مستعد لتوزيع السلاح النووي الإسرائيلي علي “الجيران العرب”

كتب:هاني الكنيسي
منذ أن رشّح النتنياهو -قبل أسبوع- صديقه وسكرتيره العسكري اللواء ‘رومان غوفمان’ لمنصب رئيس جهاز الموساد (خلفا لمديره الحالي ‘ديفيد برنياع’ الذي تنتهي خدمته في يونيو 2026)، لم يتوقف صدور تقارير وتحليلات وتسريبات تبدو في سلبيتها وكأنها حملة “إعلامية/سياسية” مضادة.
ليس سرًا أن الترشيح قوبل منذ اللحظة الأولى بكثير من الاستياء والانتقادات، أولا- لأنه ينتهك البروتوكول المعمول به حيث يتم اختيار رئيس الموساد عادة من داخل صفوف الجهاز الاستخباراتي نفسه (وبالتحديد من بين نواب الرئيس المغادر)، وثانيا- لأن المرشح الجديد، وبرغم خلفيته العسكرية كضابط محترف شغل مناصب قيادية في جيش الاحتلال، يفتقر إلى خبرة العمل الاستخباراتي والتنظيمي مما يجعله غير مؤهل لهذا المنصب الحساس من وجهة نظر كُثُر، وثالثا- لارتباط اسم ‘غوفمان’ بواقعة سيئة السمعة حين وافق أثناء قيادته للفرقة 210 على تجنيد مراهق إسرائيلي لنشر معلومات سرية عبر الإنترنت بهدف التأثير الدعائي في السوشيال ميديا، وتم إلقاء القبض على المجند في مايو 2022 وأمضى 18 شهرا في الحجز قبل إسقاط التهم عنه بعد ثبوت أنه “تصرف تحت التوجيه العسكري”
أما السبب الأهم -وربما الحقيقي- وراء حملة النقد الإعلامي والامتعاض الشعبي من ترشيح ‘غوفمان’، فمرجعه اقتناع الرأي العام الإسرائيلي بأن النتنياهو اختار مساعده المقرّب على أساس الولاء الشخصي والتوافق الأيديولوجي “لخدمة أجندته السياسية وليس لجدارته الوظيفية”، على حد تعبير جريدة ‘هآرتس’.
وفي سياق الحملة، تداول الإعلام العبري أمس مقطع فيديو مثير لمرشح النتنياهو لرئاسة الموساد، أثناء هروبه أمام مقاتلي حماس في هجوم 7 أكتوبر 2023. ويظهر ‘رومان غوفمان’ -الذي كان آنذاك قائدا لقاعدة ‘تسئيليم’ برتبة عميد- في تلك المشاهد وهو يطلق النار خلال اشتباك قرب مستوطنة ‘سديروت’ في غلاف غزة، ثم “يفر راكضا من الساحة” قبل أن يصاب بطلق ناري، ويُنقل لاحقاً إلى مركز طبي في عسقلان لتلقي العلاج. (وبعدها يرقّيه بيبي لرتبة لواء ويعيّنه سكرتيرا عسكرياً في مكتبه!!).
وقبل يومين، تصدّر موقع صحيفة ‘يديعوت أحرونوت’ تقرير آخر، بعنوان “القنبلة: رئيس الموساد المستقبلي لا يعرف اللغة الإنجليزية”. وطبعا، يمكن استنتاج ما ورد في متن التقرير من سخرية واستهزاء بكفاءة ‘غوفمان’، وتشكيك في أهليته لرئاسة الموساد.
إلا أن “أطرف” الموضوعات أو التسريبات التي تداولها الإعلام العبري عن ‘غوفمان’ (بغرض إثارة شكوك الرأي العام في جدارته بمنصب “الجاسوس الأكبر” -وهي التسمية الشائعة في الإعلام الغربي لمن يتولى قيادة الاستخبارات الخارجية)، فكان ما نشرته أكثر من صحيفة بالتزامن، عن ورقة بحثية قدّمها ‘غوفمان’ قبل 6 سنوات، أثناء دراسته بجامعة حيفا لنيل درجة الماجستير في العلوم السياسية، واقترح فيها تزويد كل من مصر والسعودية وتركيا بأسلحة نووية، لمواجهة خطر إيران النووية، “من خلال خلق توازن رعب متعدد الأقطاب في الشرق الأوسط”!!
البحث الذي حمل عنوان “يوم القيامة بالأمس”، ونُشر أواخر عام 2019 كجزء من كورس تدرسه د. ‘عنات شتيرن’ بكلية الأمن القومي، يعالج سيناريو افتراضيًا يطرح فيه من يتقمّص دور رئيس وزراء إسرائيل رؤيته لتحول استراتيجي محتمل في عام 2025، إثر قفزة إيرانية متوقعة في تصنيع الأسلحة النووية. (*لاحظوا هنا طريقة تفكير الأكاديميا الإسرائيلية الاستشرافي والتنبو بسيناريوهات مواجهة النووي الإيراني قبل 6 سنوات)
وبدلاً من مواجهة الخطر النووي الإقليمي بالوسائل العسكرية أو بالدبلوماسية التقليدية، تضمنت ورقة ‘غوفمان’ تصورًا صادمًا من خارج الصندوق: نقل “مدروس” للأسلحة النووية إلى ثلاث دول رئيسية في الشرق الأوسط، بهدف خلق “توازن استراتيجي جديد” متعدد الأقطاب، على غرار التوازن القائم بين الولايات المتحدة وروسيا والصين وأوروبا.
وتعلّق محررة ‘يديعوت أحرونوت’ على ذلك الطرح، قائلة: “حتى كتمرين أكاديمي نظري في سياق افتراضي، فإن ورقة ‘غوفمان’ تعكس تفكيراً استراتيجياً غير مأمون الجانب.. بل وخروجاً جذرياً عن عقيدة إسرائيل الأمنية”
يا ترى هل سيمكن إقناع رئيس الموساد الجديد (بعد ما يستقر ويترستأ في الكرسي) بتنفيذ أفكاره النظرية وتوزيع شوية من الرؤوس النووية التسعين التي تملكها إسرائيل (حسب تقديرات معهد أستكهولم العسكري SIPRI) على مصر والسعودية؟









