عندما تحول الفرات إلى بحرٍ أحمر في ساعات معركة أُلَيْس: نهر الد.م (ربيع الأول 12 هـ / 633 م)

بعد انتصار #خالد بن الوليد في معركة الولجة، قتل ابني زعيمين كبيرين من نصارى العرب: ابن جابر بن بجير، وابن عبد الأسود العجلي.
ثار نصارى العراق ثورة عارمة، فاجتمعت قبائل عجل وتيم اللات وضبيعة وإياد ونصارى الحيرة، ومضوا إلى #كسرى يزدجرد الثالث يطلبون الانتقام ويستنجدون به.
رأى الكسرى الفرصة سانحة، فأمر قائده الأعلى بهمن جاذويه أن ينضم إليهم بجيش جرار. غير أن أمرًا طارئًا استدعى بهمن عائدًا إلى المدائن، فترك القيادة للقائد المخضرم جابان، الرجل المعروف بدهائه وقسوته.
في قرية #أُلَيْس الصغيرة على ضفاف الفرات في الأنبار، تجمع جيش هائل لم يرَ العراق مثله من قبل: أكثر من 150,000 مقاتل، فرس مدرعون ونصارى عرب يتباهون بأعدادهم الساحقة.
جلس الجيش على ضفاف النهر يأكلون ويشربون في لهو وأمن، واثقين أن لا أحد يجرؤ على مواجهتهم.
وفجأة… ظهر خالد بن الوليد بجيشه الذي لا يتجاوز بضع عشرات الآلاف.
رأى جابان الرايات الإسلامية تقترب، فصاح في جنوده: «دعوا الطعام وقاتلوا!»
فأجابوه ضاحكين: «ننتهي من أكلنا أولاً… هؤلاء لا يستحقون أن نترك لقمتنا لأجلهم!»
اقترح جابان خدعة شيطانية: «نضع السم في الطعام، فإن انتصرنا بقي لنا، وإن هزمنا ماتوا به».
فثارت ثائرة الجنود وصاحوا غاضبين: «نحن أكثر منهم عشرات المرات، ونحتاج إلى سم؟
ابتسم خالد ابتسامة من يعرف أن النصر قد حسم قبل أن تبدأ السيوف.
أمر جنوده بوضع الأثقال، وحمى ظهره بفرقة صغيرة، ثم تقدم بنفسه إلى مقدمة الجيش ونادى بصوت يزلزل الأرض:
«أين ابن أبجر؟ أين عبد الأسود؟ أين مالك بن قيس؟»
ساد الصمت المميت… ثم خرج مالك بن قيس متبخترًا.
عبر خالد الصفوف كالصاعقة، والتقيا في وسط الميدان. ثوانٍ معدودة، وسقط مالك قتيلاً.
ارتفعت صيحة المسلمين كالرعد، وهبطت معنويات العد.و كالحجر في البئر.
أعطى خالد الإشارة… واندفع المسلمون كالسيل الجارف.
قا.تل الفرس بشراسة، وصمد نصارى العرب ينتظرون إمدادات بهمن جاذويه التي لن تأتي أبدًا.
وكان أشد المقا.تلين ضراوة رجال بكر بن وائل من المسلمين، يواجهون إخوانهم السابقين من نصارى القبيلة نفسها بعين لا تعرف الرحمة.
وفي أوج القتال، رفع خالد بن الوليد يديه إلى السماء وأطلق نذرًا هز قلوب جنوده:
«اللهم إن لك عليَّ إن منحتنا أكتافهم، ألا أستبقي منهم أحدًا أبدًا… حتى أجري نهرهم بد.مائهم!»
كأنما فتحت السماء أبواب النصر.
تضاعف حماس المسلمين، وانهارت صفوف العدو انهيارًا مريعًا.
لاذ الفرس والعرب بالفرار نحو النهر، فلاحقهم المسلمون يضربون ويقت.لون بلا هوادة، حتى خاضت الخيول في الد.ماء، وتكتظ النهر بالجث.ث حتى صار أحمر قانيًا… نهر الد.م حقًا.
وانتهى اليوم
واهتز عرش كسرى، وارتفع صوت الإسلام في أرض العراق
وخلَّد التاريخ اسم رجل واحد:
خالد بن الوليد… سيف الله المسلول.









