أشبهُ المدينة.. شعر: د. ناديا حمَّاد

أشبهُ المدينة
ولدتُ في صباحٍ رماديّ،
حين كانت الأرصفة تتهجّى أسماء العابرين،
كانت المدينة تفتح عينيها على ضوءٍ خافتٍ يشبه الحنين.
أمي كانت تزرع الريحان في شقوق الجدران،
وأبي يعلّق صمته المبتل على حبل الغسيل
وأنا… كنت أراقب كلَّ شيء من نافذةٍ
لا تطلّ إلا على قلبي.
كبرتُ، وكبرت معي المدينة
كلما مشيتُ، تمدَّدت شوارعها
تحت قدمي
وكلما بكيت، انهمر المطر على زجاج المقاهي،
كأن مدينتي كانت تبكي معي،
أو لأجلي.
تعلمتُ أن أقرأ وجوه الناس كما تُقرأ الصحف القديمة،
أن أميِّز بين ضحكةٍ حقيقية،
وأخرى مستعارة من إعلانٍ تجاري
وأن أترك قلبي في محطات السفر
لعل أحدهم يجده ويعيده إليّ،
مع تذكرةٍ نحو البدايات.
.أنا ابنة “طرطوس”
في حقيبتي رائحة بحرها
وصوت الباعة المتجولين
وخيبة الحب الأول
وأمل الحب الأخير
أكتب قصتي على جدرانها
وأمشي بثقةٍ امرأةٍ تعرف أن المدينة تشبهها،
وتقيس ظلها بنصف قمر
وأنها مهما ابتعدت،
ستظلُّ تعود إليها
كما يعود الضوء إلى النافذة
حين يقرِّر النهار أن يبدأ من جديد.
د. ناديا حمّاد
10/12/2025
– ألمانيا-









