الماضي والحاضر/بقلم / نازك حكيم/العراق

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
المقدمة: الماضي والحاضر
الماضي هو ماضينا، هو ماضي أجدادنا، وماضي أجيالٍ عاشت زمنًا لم تكن فيه حداثة ولا تكنولوجيا، لم تكن فيه هواتف نقالة ولا حواسيب، وكان التطور فيه بسيطًا محدودًا.
أما اليوم، فنحن نعيش في زمن التكنولوجيا المتقدمة، في عصر الذكاء الاصطناعي والتطور السريع الذي غيّر ملامح حياتنا اليومية بشكل كبير.
وفي هذا الكتاب سنتطرق إلى أهمية التكنولوجيا، وأسرار تأثيرها في تفاصيل حياتنا، وكيف يواكب كبار السن هذا التطور من حيث الحداثة، والصناعات، والهواتف النقالة، والحواسيب، وغيرها من مجالات التطور المتسارع. الفصل الأول: مقال
في هذا الفصل سأتحدث عن مقالٍ أعجبني في إحدى المجلات التي قرأتها، وهو مقال للكاتبة ندى محمد جعفر التي كانت معي ورافقتني في مسيرة طموح امرأة. لقد ألهمني هذا المقال كثيرًا، وكان سببًا مباشرًا في دفعـي لكتابة هذه الرواية.
يتناول مقال ندى محمد جعفر موضوع كبار السن والحداثة، وكيف يواكب كبار السن هذا التطور المتسارع في عالم التكنولوجيا، وكيف يعيشون ضغط السرعة من خلف الشاشات، وسط هذا التطور التكنولوجي الكبير. كما تسلط الضوء على التحديات التي يواجهونها في التعامل مع الأجهزة الحديثة، والهواتف النقالة، ووسائل التواصل، وكل ما فرضه هذا العصر من تغيّرات سريعة في نمط الحياة. فصل الثاني *كبار السن ومشقَّة اكتساب الحداثة .*
ندى محمد جعفر
يمرُّ الإنسان بمراحل عديدة وتطرأ عليه أحداث ومواقف متنوعة ومتغيرة ويصغي لأفكار ومحاورات ومحادثات وقصص،
بعض من هؤلاء الناس يحاول الإفادة من تلك الأحداث والمواقف والقصص ، ويبدأ بقراءة ما يحيط به من الناس والأشياء معا ، ثم يأخذ ببناء شخصيته ويؤسس لتجربته متخذا من هذه المواقف تجربة ؛ شخصية/ يومية /حياتية./ معرفية/ اجتماعية..
ويتغاعل هذا النوع من الناس تفاعلا دؤوبا ومستمرا مع الأحداث من أجل ان يواكب كل ما هو جديد ومغاير لا سيما السيل التكنولوجي الذي أحدث هزة علمية ومعرفية فريدة ، حيث قدّم هذا السيل للمجتمع معارفا ذات إنساق كثيرة ؛ إعلامية وطبية وهندسية وفنية وثقافية وأدبية وموسيقية فضلا عن أحداث تاريخية وجغرافية ، حقا إنها ثورة من المعلومات الكبيرة مكتسبة عن طريق الشبكة الإلكترونية، وتم اختصار ملايين الأميال بمجرد ضغظ ( زر ) على الشاشة الزرقاء .
ولكن في الوقت نفسه وتحديدا
في الضفة الأخرى نرى بعض الناس يصيبهم الضجر والعجز والملل والخيبة في التفاعل ولن تظهر عليهم اي بوادر استجابة مع الأخرين وبما يحيط بهم من أمكنة وتراث وحضارة وقصص وأحداث ومواقف متنوعة وعلوم التكنولوجيا ، ولم يتفاعلوا مع تجارب الأخرين من أجل الأفادة منها ولعل الأسباب عديدة أهمها البيئة وتأثيرها بشكل واضح على حياة الإنسان
والبيئة هنا متعددة الأشكال قد تكون البيت أو الأسرة او ربما الحي السكني أو المدينة أو البلد … الخ
وربما قد يكون الجانب النفسي مثل العزلة وحب الوحدة والسكون وعدم الانتماء والتفاعل مع الآخر.
وقد يكون السبب في التقدّم بالسن هذا الأحساس والشعور يعدّ إداة قاتلة لكل الطموحات والتطلعات والرؤى المستقبلية التي يسعى إليها الإنسان ، الإنسان عموما يعيش من أجل ان يبقى متعلما ، يظل بحاجة إلى العلم والمعرفة إلى آخر لحظة ، والمعلومة ليست فئوية بل تنطلق للناس كافة ، وهي غير مخصصة لفئة عمرية ما . لقد غيَّب قسم كبير من هؤلاء انفسهم عن التواصل الاجتماعي ؛ الواقعي والافتراضي معا بفعل هذا السكون واليأس .
إذا نكتشف من خلال هذه القراءة تأثير البيئة والوعي في حياة المرء وهذا التاثير مهم جدا في صناعة الحياة أو في صناعة الموت ، وعلى سبيل المثال بيئة موظفي الحسابات تختلف عن بيئة الأديب كل منها له بيئته الخاصة وينبغي على كل واحد منهما التفاعل مع بيئته حتى وإن كان هذا التفاعل محدودا نوعا ما ، فلا بد أن يتماشى مع أحداث تلك البيئة ويطوّرها شيئا فشيئا ، ولا يخفى على أحد بأن البيئة متغيرة ومتجددة ومتنوعة وقد تمرُّ بمراحل عديدة لهذا لا بد أن يتغير الإنسان بتغيير متطلبات البيئة ولا يقف وراء شيء تالف وقديم .
بقلمي ندى محمد جعفر فصل الرابع *البيئة*
تختلف البيئة من مكانٍ إلى آخر، ومن شخصٍ إلى آخر، فبيئة الأديب ليست كبيئة الدارس، وليست كبيئة الباحث أو الموظف. وقد لا يكون هذا الاختلاف جذريًا دائمًا، لكنه قد يكون بسيطًا أحيانًا، ومهمًا ومؤثرًا أحيانًا أخرى. فهناك بيئات متعددة ومختلفة: بيئة سامة، وبيئة صالحة للحوار، وبيئة تشجّع على الترحال والتجربة، وبيئة تحتضن الإنسان بالكلمة والفكرة.
وتتطرق لنا ندى محمد جعفر إلى الحديث عن البيئة السامة والبيئة العادية، وأنواع البيئات المختلفة، وأهمية البيئة في مواكبة الحداثة، ودورها في حياة كل موظف، وكل مواطن، بل وفي تشكيل وعي المجتمع بأكمله. كما تسلّط الضوء على البيئة في المجتمع العربي عمومًا، وفي المجتمع العراقي على وجه الخصوص، وما تحمله من تحديات وتأثيرات مباشرة في سلوك الإنسان وطموحه ومستقبله. *الطريق إلى الذات البشرية *
في هذا الفصل سنتحدث عن الطريق إلى الذات البشرية، ذلك الطريق الخفي الذي لا يُرى بالعين، بل يُسلك بالقلب والعقل معًا. سنغوص في كيفية التيه حين يفقد الإنسان اندفاعه نحو ذاته، وكيف تتبعثر ملامحه بين الضعف والتردد والانكسار. ثم نتابع تحوّلاته الدقيقة، من ذاتٍ متعبة مثقلة بالخيبات، إلى ذاتٍ واعية تستعيد قوتها شيئًا فشيئًا، حتى تتحول إلى شخصية قوية، صادقة مع نفسها، قادرة على الوقوف من جديد، وصناعة معنى مختلف للحياة.الذات البشرية ليست خطوات تُساق وتُسَيَّر كيفما اتُّفِق، بل هي كلمات صادقة تنبع من القلب قبل العقل. هي قوة كامنة في الشخص، وتمتد لتصبح قوة للأشخاص من حوله. غير أن الطريق ليس دائمًا نقيًّا؛ فقد تكون هناك بيئة سامة، وأشخاص سامّون، يحوّلون الكلام إلى طاقة سلبية، ويطفئون النور في داخل الإنسان دون أن يشعر. عندها يبدأ البحث عن طريق، عن مخرج، عن سبيلٍ إلى الخلاص.
للبيئة تأثير عميق لا يُستهان به، فهي إما أن ترفعك نحو ذاتك، أو تسحبك بعيدًا عنها. لكن الحقيقة الأهم أن الذات البشرية لا تُمنح من الخارج، بل تولد في داخلك: في قوتك، في ثباتك، في تضامنك مع نفسك، وفي وقوفك الصادق إلى جانب ذاتك.
ويبقى السؤال الأهم: كيف يستطيع الإنسان أن يتخلّص من البيئة السامة والأشخاص السامّين؟ هنا تبدأ أهمية الوعي، وتظهر قيمة تنمية الذات، لا كخطوات محفوظة، بل كرحلة إدراك، واختيار، وبناء داخلي يعيد للإنسان قوته، وصوته، وطريقه إلى نفسه من جديد. ومن خلال دراستي عن التمنية البشرية قرأت
ما يالي للاستفاده من تطوير الذات
وفي طريق العودة إلى الذات البشرية، لا يكفي أن نمتلك النية وحدها، بل لا بد من أدوات تعيننا على الثبات والنهوض من جديد. فتنمية الذات ليست ترفًا فكريًا، بل ضرورة نفسية وروحية، ومن أهم طرقها:
1. القراءة يوميًا: فهي غذاء العقل، والنور الذي يبدد عتمة الجهل والخوف، وتفتح أمام الإنسان أبوابًا لم يكن يراها من قبل.
2. التغلّب على المخاوف: لأن الخوف أكبر سجن يحبس الإنسان عن ذاته الحقيقية، وكل مواجهة له هي خطوة نحو قوة أعمق.
3. التغذية الراجعة من الناس: فالإنسان لا يكتشف عيوبه وحده دائمًا، والآراء الصادقة مرآة تكشف لنا ما خفي من أنفسنا.
4. الإقلاع عن العادات السيئة: لأنها تثقل الروح، وتسرق الطاقة، وتقيّد الإرادة دون أن نشعر.
5. تجنّب الأشخاص السلبيين: فبعض النفوس تنقل الهزيمة قبل الكلمات، والابتعاد عنها حماية للذات قبل أن يكون قسوة.
6. التعلّم من الأخطاء: فالسقوط ليس نهاية الطريق، بل أحيانًا هو بدايته الحقيقية.
7. تحديد الأهداف: لأن من يسير بلا هدف، يتعب أسرع، ويتيه أكثر.
8. التمرين يوميًا: فالقوة الجسدية بوابة مهمة للقوة النفسية، وكلاهما يكمل الآخر.
9. التفكير الإيجابي: ليس إنكارًا للألم، بل إيمانًا بأن النور ممكن مهما طال الليل.
وهكذا يتضح أن الطريق إلى الذات البشرية لا يُبنى دفعة واحدة، بل يُشيَّد خطوة خطوة، ووعيًا بعد وعي، حتى يصل الإنسان إلى ذاته أكثر صدقًا، وأكثر قوة، وأكثر سلامًا. فصل الخامس *الاستقلالية *
الاستقلالية مفهوم شائع، لكنه أعمق مما يظنه البعض. فليست الاستقلالية أن ينفصل الإنسان عن من حوله، ولا أن يخرج عن السيطرة أو يتمرد على كل شيء، بل هي أن يكون ثابتًا في عقله، راسخًا في ذاته، وواعيًا بقدراته. الاستقلالية أن تكون إنسانًا طموحًا، قادرًا على إيجاد نفسك في طرقك الخاصة، وصناعة حلولك المتواصلة، وبناء فرصك مهما ضاقت الظروف.
هي أن تمنح ذاتك لحظات للقراءة، ومساحة للتفكير، وساعات للهدوء، وحقًّا في الأمل. أن تكون مستقلًا بذاتك، مستقلًا بحياتك، مستقلًا بقراراتك التي تنبع من قناعتك لا من ضغوط الآخرين. فلا أحد يستطيع أن يغيّر ما في داخلك، ولا مشاعرك، ولا طموحك، لأن هذه هي مساحة حريتك الحقيقية.
الاستقلالية هي أن تدرك أنك أنت الشخص الوحيد القادر على قيادة ذاتك، وصناعة شخصيتك الطموحة، وحماية نورك من أن ينطفئ، مهما تبدلت الوجوه وتغيّرت الطرق. فصل السادس *انكسار *
تصفعك الساعة التاسعة بانكسارٍ لا يُسمَع صوته، لكنه يُوجِع القلب. في هذا الفصل، نتحدث عن شخصٍ مثقل بالانكسارات، يحمل شغفه بيد، وحزنه باليد الأخرى. عن حبٍّ للعمل يجاور حاجته للراحة، عن نقيضين يعيشان في داخله في آنٍ واحد: ضوءٌ وظلام، أملٌ وانطفاء.
نحن لا نعرف معنى الظلام حتى نرى الضوء، ولا ندرك قيمة الضوء حتى نذوق عتمة الظلال. هكذا هي الحياة: حياة وموت، حب وشغف، أمل وعمل… كلمات نسمعها كل يوم، لكن قليلًا منّا من يفهم معناها حقًّا حين تُختبر في لحظات الانكسار.
الانكسار هنا لا يأتي من فراغ، بل يولد بعد طموحٍ كبير، بعد أحلامٍ ارتفعت عاليًا ثم اصطدمت بالواقع. يأتي موجعًا، محمّلًا بالألم، حين لا يمنحك من حولك الدافع الصحيح، ولا القوة التي تحتاجها، ولا الأمل الذي تبحث عنه. لكن، رغم كل ذلك، يبقى في داخلك شعورٌ أقوى من الانكسار… شعور يدفعك نحو الهدف، نحو الاستمرار، نحو المعنى.
أنت قادر على مواكبة هذا الألم، وقادر على أن تسير في طرقٍ عديدة، لكن هناك دائمًا من يجعل الأمكنة مظلمة، والعمل ثقيلًا، والأيام سوداء في عينيك. أشخاصٌ يطفئون الشغف بدل أن يوقظوه، ويزرعون الشك بدل أن يمنحوا الثقة.
وهنا يتردد السؤال المؤلم:
أين بصيص الأمل؟ وأين شغفك للعمل؟
تأتي الانكسارات أحيانًا بسبب أشخاصٍ يواجهونك بالقسوة، أو يثقلون دربك بالحسد، أو يجهلون قيمة ما تحاول أن تصنعه. قد يكون دافعهم الغيرة، أو الحقد، أو ضيق الأفق، أو عجزهم عن فهم حلمك. لكن الحقيقة التي لا تتغير: أن انكسارك، مهما كان موجعًا، لا يملك حق سرقة شغفك… إلا إن سمحت له بذلك.
فالانكسار ليس نهاية الطريق، بل إحدى محطاته القاسية التي تكشف لك معادن الناس، وتعيد تعريفك بذاتك من جديد. *أنا أعلم *
في هذا الفصل السابع، أتحدث عن الناس ومن حولنا… عن الوجوه القريبة، والقلوب البعيدة أحيانًا. أعلم يقينًا أن حولي كثيرين أعزّاء، لكن السؤال الذي يتكرر في داخلي:
هل هم يحبونني لذاتي؟
أم يحبون حلمي؟
أم يحبون شغفي بالعمل؟
أم يحبون نجاحي وطموحي؟
أدرك أن بعضهم قد يستهزئ بي، أو يتنمّر عليّ، أو لا يتمنى لي النجاح أصلًا. فالطريق لا يخلو من الأصوات المؤلمة، ولا من القلوب التي تتغذى على التقليل من الآخرين. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى الاستهزاء في كتابه، حين استُهزِئ بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقيل عنه ما ليس فيه، فقيل مجنون، وقيل ساحر، رغم أنه جاء بالحق المبين.
لكن الله سبحانه وتعالى علّمنا درسًا عظيمًا حين قال لنبيه الكريم بما معناه: أن يُعرض عن المستهزئين، وألا ينشغل بهم، وألا يجعل كلماتهم توقف الطريق أو تسرق السعي. فهم لا يملكون من الأمر شيئًا، ولا من النجاح نصيبًا.
وهكذا أفهم اليوم أن الاستهزاء لا يأتي فقط من الغرباء، بل قد يكون من أقرب الناس إلينا. وقد لا يكون بألفاظٍ مباشرة، بل بنظرة، أو كلمة ناقصة، أو صمتٍ جارح، أو حسدٍ خفيّ يقتل الفرح ببطء.
وأنا أعلم…
أعلم أن الله معي.
وأعلم أن ما دام الله معي فلن يخذلني أحد، وإن خذلني الجميع.
أعلم أن حولي من لا يريد لي الخير، وأعلم أيضًا أن هناك من يحمل لي المحبة الصادقة. وهنا أقف عند القرار الأصعب:
من أرافق؟
ومن أواصل؟
ومن أترك خلفي؟
فالقرار قراري وحدي…
أن أختار من يضيف إلى روحي نورًا، لا من يطفئها.
أن أسير مع من يدفعني للأمام، لا من يشدّني إلى الخلف.
فطريقي هو طريقي، وتعبّي هو تعبّي، ونجاحي هو حقي الذي لن أسمح لأحد أن ينتزعه من يدي. *فصل التمييز *
في هذا الفصل نتحدث عن التمييز… لا بوصفه تمييزًا في الوجوه أو الأشخاص، بل تمييزًا في الأثر، وفي العطاء، وفي من يمنحك العمل ومن يمنحك ثمرات العمل. فالناس يشبهون الأشجار؛ هناك شجرة مثمرة، وهناك نبع ماءٍ متدفق، ولكن يبقى السؤال الأعمق:
من الذي يجعل هذا الماء مدرارًا لا ينقطع؟
ومن الذي يجعل تلك الشجرة بستانًا من ورد، وشجرةً تعطي أُكُلها كل حين؟
التمييز ليس أن نحيط أنفسنا بأشخاصٍ قليلي الإرادة، ولا بمن يستهلكون طاقتنا دون أن يضيفوا إليها. وليس التمييز أيضًا أن نختار من يحرقون الأخضر واليابس بغيرةٍ أو حقدٍ أو ضعف نفس. بل التمييز الحقيقي هو أن نختار أشخاصًا يفهمون ما نقول، ويفكرون بعُمق تفكيرنا، ويحملون طموحًا يشبه طموحنا، ويحبون العمل والممارسة، ويريدون لنا الخير والإصلاح كما يريدونه لأنفسهم.
فالإصلاح في المجتمع لا يبدأ بالخطب ولا بالشعارات، بل يبدأ حين تجد نفسك بين أشخاصٍ:
– مجددين بالثقة،
– ناعمين في أرواحهم،
– ثابتين في قيمهم،
– ذوي حضورٍ له وزنه،
– وإحسانٍ لا يُنسى.
قيمتك في ذاتك أن تختار من يستطيع أن يشدّ على يدك لا أن يخذلها، أن يقف على ساعدك لا أن يثقله، أن يأخذك إلى برّ الأمان لا إلى دوّامة الشك، وأن يدفعك نحو طريق النجاح، ومساحة التميّز، ونقطة التألق.
فالتمييز ليس رفاهية، بل هو وعي…
وعي بمن تمنحه قربك، ومن تشاركه طريقك، ومن تسمح له أن يكون جزءًا من رحلتك إلى ذاتك وإلى نجاحك. *فصل التاسع النهوض *
هو يوم الفعل.
النهوض هو يوم الاستيقاظ بعد طول سكون.
هو اللحظة التي يتحوّل فيها النوم إلى إرادة، والتردد إلى حركة.
تذكّر هذا جيدًا:
اجعل أيامك جميلة.
اجعل يومك يومًا سعيدًا لا يومًا مُثقلًا بالتكرار والتعب.
قل لنفسك: هذا يومي الأول.
وآمن أن بعده سيكون دائمًا يوم آخر.
هذا يومك…
يوم عملك،
يوم حركتك،
يوم نهوضك الأول الحقيقي.
وتذكّر أن لكل شيء في الحياة نهوضًا:
نهوض بعد سقوط،
ونور بعد ظلام،
وبداية بعد انتظار طويل.
اجعل نهوضك يومًا سعيدًا.
ولا تجعل أيامك عبئًا على غيرك.
ولا تجعلها باهتة فارغة.
املأها بالمعنى، وبالسعي، وبالأمل.
نحن نعينك على النهوض والتجدد،
وعلى الإيمان بأن كل يوم يحمل فرصة جديدة لتكون أفضل مما كنت بالأمس.
حاول أن تبحث عن الطرق والوسائل التي توصلك إلى هدفك وإلى مستقبلك.
فكّر… خطّط… ثم تحرّك.
ضع طموحك أمام عينيك.
دعه الصورة التي تستيقظ عليها كل صباح.
انظر أمامك دائمًا… إلى الأمام.
ولا تنظر خلفك.
لأن النظر إلى الخلف قد يربكك،
وقد يضعف خطاك،
وقد يعيدك إلى ما تجاوزته بالفعل.
النهوض ليس حركة جسد فقط،
بل هو قرار روح.
وحين تختار أن تنهض…
فأنت تختار الحياة. فصل العاشر *الاستمرارية *
الاستمرارية هي أن تظلّ حاضرًا في حياتك، ثابتًا في دعوتك، مواظبًا على عملك، مؤمنًا بنجاحك، مهما تعبت الخطوات ومهما طال الطريق. أن تصعد سلّم النجاح درجة بعد درجة، وسُلّمًا بعد سُلّم، دون استعجال ودون يأس. فالصعود يحتاج نفسًا طويلًا، والإيمان بأن كل درجة تقرّبك من القمّة.
قد يبدو النزول أحيانًا أسهل من الصعود، لكن الصعود هو الذي يصنعك، وهو الذي يغيّرك، وهو الذي يمنحك معنى التعب. فكل سُلّم، مهما طال، له نهاية، لكن الفكر لا نهاية له، والعلم لا سقف له، والنجاح لا يقف عند محطة واحدة.
الاستمرارية هي أن تواصل التعلّم، وأن تبقى في حالة سعي دائم، وأن تحسن التواصل مع الآخرين المجتهدين، أولئك الذين يشبهونك في الإصرار، ويقاسمونك التعب والأمل. هي أن تجعل من عملك رسالة، ومن يومك خطوة، ومن وقتك استثمارًا لا هدرًا.
وحين تستمر، تصبح موظفًا في حلمك، لا عبدًا لليأس.
تعمل لأنك تؤمن، وتواصل لأنك تعرف أن الحياة، بالاستمرارية، تكون أجمل، وأكثر صدقًا، وأكثر جدارة بأن تُعاش. فصل الحادي عشر *أفكارك *
هي سلسلة من السلاسل المهمة، لا تنقطع ما دمت حيًّا، ولا ينبغي لك أن تهملها أو تستهين بها. كل فكرة تلمع في عقلك هي بذرة مشروع، أو حلم، أو بداية طريق. لا تترك أفكارك تضيع في زحام النسيان، بل حاول أن تصوغ كل شيء، واكتب كل شيء، ودوّن في دفترك، حتى لو كان دفترًا صغيرًا.
اكتب ما تقوله في الليل، ذلك الوقت الذي تكون فيه أكثر صدقًا مع نفسك؛ في الليل أنت مُلهم، وأنت شاعر، وأنت كاتب، وأنت بطل من الأبطال. لكن في سلاسل الأفكار، إن لم تُدوَّن، يتلاشى كل شيء، ويضيع كل شيء، وتُنسى أجمل الخواطر وكأنها لم تكن.
حاول أن تصوغ كل ما يخطر في بالك، حتى لو كان بسيطًا أو صغيرًا، ولا تتركه مجرد نقاط عابرة. فكل إنسان يملك نقاط ضعف، كما يملك نقاط قوة. اصنع من ضعفك قوة، ولا تجعل قوتك سببًا لسقوطك. تعلّم كيف تتحكم في ذاتك، لا كيف تتركها تُهزم.
قوِّ ذاكرتك بالقراءة المستمرة، وواكب الكتب والأدباء، وتعلّم من التجارب، وكن مُلهمًا لنفسك قبل أن تكون مُلهمًا لغيرك. افرح بإنجازاتك مهما كانت صغيرة، ولا تجعل اليأس رفيقك الدائم.
استمر في التفكير، واستمر في الإلهام، وكن سعيدًا في عملك، راضيًا بسعيك، فالأفكار التي تُحترم اليوم، هي التي تصنع نجاح الغد. *فصل النجاح*
هو سرّ من أسرار الحياة، لا يُمنَح، ولا يُشترى، ولا يقتصر على شهادةٍ تُعلَّق على الجدار، ولا على توقيع أستاذ، ولا على منصب في عمل. النجاح هو قمّة تُصعد على سلّم طويل من التعب، والإصرار، والسقوط، والنهوض.
النجاح تكريم يُقال لإنسانٍ طموح، لإنسان جعل من أفكاره سلسلة لا تنقطع، ومن عمله جهدًا دؤوبًا لا يعرف الكلل. استيقاظك في الصباح، وسعيك كل يوم، ومحاولتك المستمرة… كل ذلك يجعلك إنسانًا ناجحًا، حتى وإن لم تصفق لك الدنيا بعد.
الإنسان الناجح هو الذي يطمح دائمًا للمزيد، ويسعى للتألق، ويؤمن بأن الطريق لا ينتهي عند محطة واحدة. أنت من يدعم نفسه، وأنت من يمنح ذاته الثقة. لا تجعل الآخرين سببًا لفشلك، ولا تمنحهم مفاتيح إحباطك.
الفشل قد يقود إلى الانهيار والسقوط إن استسلمت له، لكنه قد يكون أيضًا درسًا إن فهمته، وقوة إن تجاوزته. أمّا النجاح، فهو سلسلة من أفكارك، وإلهامك، وصبرك، وإيمانك بنفسك.
كن في المجتمع أو بعيدًا عنه، في الضوء أو في الظل، المهم أن تكون إنسانًا ناجحًا في داخلك، مواظفبا في حلمك، صادقًا مع طموحك، ومؤمنًا بأنك تستحق أن تصل. *الخاتمة *
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خير الأنام محمد وعلى آله وصحبه أجمعين … هذه الكلمات ليست مجرد حروف على ورق، ولا عبارات تُصاغ لتملأ الفراغ. إنها مرآة أعمال وإنجازات، نبض طموح وصدى نجاحات. كلمات نابعة من القلب، صادقة، ولدت بعد عمر طويل، بعد مسيرة حافلة بالجهد، وبعد مشهد موكب الناس وفهرهم. اقرأوها بتمعن، لعلها تجد صدى في قلوبكم وتنال رضاكم واستحسانكم. إهداء
أهدي هذه الكلمات وهذه الكتابات وهذا الكتاب لكل من يقرأها ويفهمها ويعرف قيمتها. هذه الكتابات والكلمات لكم، أيها القراء، لكم أيها العزاء. إليكم ومنكم نحن. كما ترون، قد تسيرون على نفس الخطى وتكررون نفس المنوال، لكن لكل منكم بصيرته وفهمه. وهناك من لديه رؤية وأفق مختلف.
يقرأها القراء والأشخاص الذين يعون الكلمة ويمنحونها معنى وصياغة، ويجعلون لها عنوانًا يليق بها. شكراً لكم على اهتمامكم، وللقراء تكم، ولدعمكم المستمر. شكراً لتفاهمكم، ولأولئك الذين ساهموا في نشر هذا الكتاب وجعلوه يصل إلى قلوب الجميع.









