ذكرى مقتل الخليفة العباسي جعفر المتوكل.

كتب:تامر الزغاري
بنى مدينة كنجة في القوقاز ودور في العراق والمئذنة الملوية ومقياس نهر النيل في مصر، قُتل وتم قتل القتلة وأتى بعده خلفاء عباسيين أقوياء كالمعتضد والمكتفي والمقتفي والناصر وغيرهم.
ففي مثل هذا اليوم.
–
قتل الخليفة العباسي العاشر جعفر المتوكل على الله “محيي السنة”.
وكان ذلك في 4 شوال 247 هجري
والموافق في تاريخ 861/12/11 م.
–
هو الخليفة ابو الفضل جعفر المتوكل على الله بن الخليفة محمد المعتصم بن الخليفة هارون الرشيد بن الخليفة محمد المهدي بن الخليفة أبو جعفر المنصور، ولد في منطقة اسمها “فم الصلح” -حاليا في محافظة واسط العراقية- وكان ذلك في 17 شوال 206 هجري والموافق في تاريخ 822/03/15 م وامه خوارزمية اسمها “شجاع”، وكان منهمكا في الفقه والسنة والعلم، وهو اول الخلفاء المتمذهبين بالمذهب الشافعي في الفقه.
–
–
صفاته الجسدية
–
–
كان المتوكل مربوعاً أسمر خفيف شعر العارضين.
–
–
تولي الخلافة.
–
–
توفي اخيه الخليفة هارون الواثق بالله في 847م ولم يعهد لاحد قائلا “حملتها وانا حي فلن احملها وانا ميت”، فقام المجلس العام بترشيح ابنه الامير محمد بن الواثق واخيه الامير جعفر بن المعتصم وتم انتخاب اخيه جعفر بن المعتصم خليفة للمسلمين.
–
–
النهضة العمرانية.
–
–
من اهم مزايا عهد المتوكل الاهتمام بالعمارة فبنى المدن والمساجد والقصور ومنها:
* بنى مدينة المتوكلية.
* بنى وطور مدينة الدور.
* شيد المسجد الجامع ومئذنته الشهيرة الملوية في سامراء.
* بنى بناية مقياس النيل.
* بنى من القصور الشاه والعروس والغريب والبديع والبرج والشبداز والجعفري.
–
–
اظهار السنة والقضاء تماما على مسالة خلق القرآن.
–
–
أمر المتوكل في عام 849م بإظهار السنة، والقضاء على مظاهر الفتنة التي نشأت عن القول بخلق القرآن، وامر بالغاء النقاش والجدال في هذا الامر. واعتقل كل المسؤولين من المعتزلة وصادر املاكهم، وعين يحيى بن الاكثم قاضيا واكرم الامام احمد بن حنبل، وكان لا يولي احد الا بمشاورة ابن حنبل.
وكتب إلى كل أقاليم الدولة بهذا المعنى. كما استقدم المحدِّثين والعلماء إلى مدينة سامراء وطلب منهم أن يحدثوا بحديث أهل السنة لمحو كل أثر للقول بخَلْق القرآن.
–
–
بناء مدينة كنجة في القوقاز
–
–
رأى والي أرمينيا وأذربيجان محمد بن خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني في رؤيا أن صوتاً يخبره بأن هنالك كنزاً مخبئاً تحت إحدى التلال الثلاثة في تلك المنطقة، وقال له الصوت أيضا أن يستخرج هذا الكنز ويستخدمه في بناء مدينة في مكان إستخراجه.
–
وبعد إستيقاظ الوالي إحتار في الأمر، وهل يستحق أن يبلغ الخليفة العباسي بالحلم أو لا، ولكنه قرر في النهاية إرسال رسالة إلى الخليفة يبلغه بالحلم، حيث إعتبر نفسه مؤتمن على ولاية من ولايات التي يحكمها الخليفة العباسي، وعندما وصلت الرسالة إلى الخليفة العباسي وكان الخليفة العباسي أنذاك جعفر المتوكل، تعامل الخليفة مع الحلم بجدية، وأرسل أمراً للوالي بالبحث وإستخراج الكنز إن وُجد.
–
وبالفعل بدأ والي أرمينيا وأذربيجان بالحفر وعثر على الكنز، وكان الكنز عبارة عن خزنة سرية ضخمة لإحدى الإمبراطوريات السابقة وهذه الخزنة مليئة بالذهب والمجوهرات والكنوز، وأرسل الوالي للخليفة يبشره بالعثور على الكنز، فأرسل الخليفة للوالي يأمره بإرسال كل ما عثر عليه للخليفة، وأن الخليفة سيتكفل ببناء المدينة وسيرسل لها الأموال والرجال والمهندسين لبنائها بأسرع وقت وبأفضل صورة.
–
وبالفعل أشرف الخليفة العباسي جعفر المتوكل بنفسه على بناء المدينة ليكتمل بنائها في عام 859م، وقام بتسميتها مدينة “كنز” وحُرف إسمها لاحقا إلى “كنزة” ثم “كنجة”، وأصبحت مركز حكم العباسيين في بلاد القوقاز، والمنطلق لجيوشهم، وأبدع الخليفة في بناء المدينة بأجمل صورة حيث كانت مدينة متكاملة مزينة بالعمارة العباسية المميزة التي شملت البيوت والقصور والأسواق والحدائق والمساجد.
–
وكما أن الخليفة قام بمكافئة الوالي محمد بن خالد الشيباني على أمانته وجهاده وجهاد أسرته، وذلك بجعل منطقة صغيرة تدعى شيرفان والتي تقع بين بحر قزوين ونهر كورا منطقة ذات حكم وراثي لأسرة الوالي ليحكموها بإسم الخليفة، فقام الوالي بإرسال إبنه هيثم ليحكمها.
–
–
محاولة القضاء على الاتراك.
–
–
استشعر المتوكل خطر اتساع نفوذ القادة الاتراك فقام بنقل دار الخلافة من قصر الجوسق الى قصر العروس الخالي من الاتراك ثم سعى الى الابتعاد عنهم بشكل نهائي ففكر بنقل عاصمته الى دمشق ليبتعد فاستقر في دمشق مدة شهر ولكنه لم يحتمل مناخها فعاد الى سامراء وهو متخذا قرارا ببناء عاصمة جديدة خالية من الاتراك.
وبمجرد عودته قام باعتقال قائد الاتراك ايتاخ وقام بمصادرة املاك القائدين وصيف وبغا، وقام بالتضييق على القادة الترك، وعزم على انهاء بناء المدينة المتوكلية لتكون عاصمته الجديدة الخالية من الترك.
–
–
مقتله.
–
–
لم تكن قلوب قادة الجند الأتراك مطمئنة إلى المتوكل وخاصة بعد اعتقاله لقائدهم ايتاخ ومصادرة املاك وصيف وبغا وتضييقه على القادة الاتراك واقتراب اكتمال بناء عاصمته الجديدة المتوكلية، فتآمروا بقيادة باغر التركي على قتله ونفذوا خطتهم حينما كان في فراش المرض في قصره في سامراء فقتلوه بسيوفهم وقتلوا معه صديقه الفتح بن خاقان، وكان ذلك في 4 شوال 247 هجري والموافق في تاريخ 861/12/11 م.
–
–
مصير قتلة المتوكل.
–
–
في عهد الخليفة المنتصر قام ابن المتوكل الموفق طلحة بقتل يغلون الصغدي حيث ضربه بالحديد على رأسه جهارا نهارا، وفي عهد الخليفة المستعين قام بجمع باقي القتلة بما فيهم قائدهم باغر التركي وقام باعدامهم.
***** المصادر:
1) البداية والنهاية، ابن كثير
2) تاريخ الخلفاء، السيوطي
3) تاريخ الإسلام،الذهبي
4) الكامل في التاريخ، ابن الأثير
5) Russian Azerbaijan, Tadeusz Swietochowski
6) The Monuments of Ganja Khanate of the Period form 1606–1804, Seyyaf Sednik oqli Pashayev
7) معجم البلدان، ياقوت الحموي









