نازك حكيم// أسوار وجدران//مجلة العربي اليوم

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم، وباللهِ نهتدي، وعلى نهجِ رسولِ الله نقتدي.
أولُ ما أبتدئ به الحديث هو عن الأسوار والجدران.
لكلِّ بيتٍ سور، ولكلِّ بيتٍ جدار، ولكن… من خلف تلك الجدران، ومن وراء تلك الأسوار، تتشابه الحكايات وتختلف المصائر.
أسوار في كل مكان: في المحكمة، في المدرسة، في المنازل، بل وحتى في السجون.
أنا لا أحدثكم عن مكانٍ بعينه، بل أحدثكم عمّن يسكنون خلف هذه الجدران، عن أناسٍ قد يتملكهم الخوف والرأي، وقد يعيشون بحريةٍ ومستوى من الوعي والإدراك.
نحن خلف الجدران، نعم، لكننا نستطيع أن نلامس العالم بأسره من خلال هاتف، أو رسالة، أو محادثة عابرة. نستطيع أن نصل إلى الآخر، إلى الناس، إلى الحياة… ولكن لا بدَّ من القيود.
القيود التي تُفرض علينا، والتي تُرغمنا أحيانًا أن نصمت، أو أن نتراجع.
وأقول لكم: لا تُكثِروا الالتفات إلى كثيرٍ من الكلام، ولا تجادلوا من ليسوا على مستواكم في الوعي والفكر.
فالجدران ليست دائمًا سجنًا، بل قد تكون حماية،
والأسوار قد لا تكون حبسًا، بل أمانًا يحيط بكم من كل اتجاه، يحميكم من أنفسكم أحيانًا، ومن شرور الآخرين أحيانًا أخرى.
غير أن الهاتف النقال اليوم بين أيديكم، وأنتم من يجعل هذه الأسوار والقيود تحكم إرادتكم، وتتحكم في مصائركم.
فلا تجعلوا السفينة تسير بلا مرسى، ولا تتركوا حياتكم تمضي في بحرٍ هائج بلا بوصلة. بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم،
*جيلُ الشباب* ليس كجيلِ الآباء، وليس كجيلِ الأجداد.
جيلٌ جاء بشيءٍ من الوضوح، وشيءٍ من الخيال، وشيءٍ من السرعة التي غيّرت ملامح الحياة.
نرى كثيرًا من الشباب ينساقون خلف الهواتف النقالة، ومنهم من لا يعلم ما يقول، أو لا يُدرك حقيقة ما يجري حوله.
أقول لكل شاب ولكل شابة:
أنت خلف الجدار، في بيتك، في مدرستك، في الشارع، في أي مكان كنت، تحمِل هاتفك النقال بين يديك.
لكن اعلم أن هذا الهاتف هو عالمك الآخر…
عالمٌ قد يأتيك منه الخير، وقد يأتيك منه الشر.
لا تندفع خلف الآخرين بلا وعي،
ولا تكن سهلَ الانقياد،
كن حريصًا على نفسك، وحريصًا على غيرك،
في كتاباتك، في كلامك، في أفكارك، وحتى في كل ما تنشره.
لا تنشر شيئًا قبل أن تُدرك ما خلفه، وما حوله، وما الذي قد يترتب عليه.
فهناك أطفال صغار، وهناك جيل جديد يتعلّم منكم،
وهناك آباء وأمهات يحاولون جاهدين حماية أبنائهم من هذا العالم المفتوح.
اجعل ما تنشره جميلًا…
اجعله رسالة،
واجعل حضورك في هذا العالم الرقمي نورًا لا ظلامًا.
كونوا بذرة خير، وبذرة إنسانية، وبصمة نظيفة في حياة الآخرين.
انشر ما هو مفيد وجيد للمجتمع،
وكن صادقًا مع نفسك أولًا،
واعمل لله سبحانه وتعالى، يزدك من خيره،
وكن واعيًا بمن حولك من جيلك، لتفهم وتُدرك الأمور كما هي، لا كما يُراد لك أن تراها.
هذه رسالتي لكم…
فكونوا الجيل الذي يُبنى به المستقبل، لا الذي يُهدم به. الفصل الثاني: اعمل على الخير
اعمل على الخير، وكن فاعلًا للخير في كل مكان، وفي كل زمان.
اجعل رسالتك، وصوتك، وكل ما تنشره، عملًا يُحسب لك لا عليك، ومواظبةً لكل إنسان مثقف، واعٍ، مُدرك لمعنى الخير وصناعته.
النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا بكل خير، أوصانا أن نُبلّغ الرسالة، وأن نؤدي الأمانة.
والأمانة هي أنت…
هي الكلمة التي تخرج منك،
وهي الرسالة التي تصدر عنك،
سواء كتبتها في هاتف، أو نشرتها في مجلة، أو سطّرتها في جريدة، أو ضمّنتها كتابًا.
كتابك لا يظهر إلا منك،
ولا يُعرف إلا بقلمك،
وحين تكتب… اكتب ما يلامس قلبك، وما تؤمن به، وما تريده أن يكون أثرًا لك في هذه الحياة.
لكن اعلم يقينًا أن الله سبحانه وتعالى سيحاسبك على كل كلمة تقولها،
وسيُكافئك على كل كلمة تجعل أيامك سعيدة، وتجعل أيام الآخرين أسعد.
حاول أن توصل الخير لكل الناس،
لكل الأجيال،
للشباب،
للأطفال،
لكل قلب يمكن أن تلامسه كتاباتك، أو تصل إليه مشاعرك، أو توقظه آمالك.
واجعل عملك خالصًا لله سبحانه وتعالى.
أنا أحاول أن أوفّق بين الأمور والكتابة،
أحاول أن أسرد لكم بعض كلماتي،
وأحاول أن أقول لكم:
نعم، أنا خلف جدران بيتي،
لكنني أستطيع أن أصل إليكم من خلال كتاباتي، ومن خلال كلماتي.
أكتب لكم ما يفيدكم، وما يفيدني، وما يفيد أطفالي.
فأنا أمّ، وأُربّي أجيالًا قادمة،
أحاول أن أُنشئهم على أحسن صورة،
وكل جيل أنا مسؤولة عنه،
سواء كنتُ أمًّا، أو إنسانة، أو كاتبة.
وأحاول أن أصل إلى كل قارئ، وإلى كل جيل، فأقول لكم أيها السادة الكرام:
كونوا على يقين أن الله سبحانه وتعالى سيوفقنا،
ويوفق كل من يريد إيصال العلم،
وإيصال الكلمة الصادقة النابعة من القلب. الفصل الثالث: الرسائل
لكلِّ كتاب، ولكلِّ مقال، ولكلِّ مجلة، ولكلِّ جريدة، رسائلُ تظهر بين السطور، ومعانٍ تُدركها العقول الواعية، والقلوب التي تفهم الكلمة وتحترم أثرها.
فالرسائل لا تُكتب حبرًا فقط، بل تُكتب وعيًا، وإحساسًا، ومسؤولية.
اجعل في كتابك، وفي مقالك، وحتى في كلماتك التي تخرج من لسانك، رسالةً لكل شاب ولكل شابة.
اجعلها كلمات خارجة من قلبك أنت،
من روحك أنت،
اجعلها تلامس القلب قبل الأذن،
وتُشعل الفرح في العين قبل أن تسكن في المشاعر.
كن صاحب فكرة، وكن صاحب هدف.
اجعل في كل كلمة ومضة،
وفي كل سطر رسالة،
وفي كل عبارة توجيهًا، وأملًا، وشكرًا للشباب، وللشابات، وللجيل القادم.
أعلم أيها الشاب، وأيتها الشابة، وأعلم أيها الجيل المقبل،
أنتم الأجيال التي نأمل بها الخير،
وأنتم من سيصنع العالم الآخر، والعالم المستقبل.
أنتم من سيرافق جيلنا، وجيل الأطفال الذين من بعدكم،
لأننا أصحاب أطفال، وأصحاب عقول، وأصحاب قلوب لهم مكانة عظيمة في صدورنا.
اجعلوا كل كلمة ثمرة،
وكل فعل هدفًا،
وكل أمل عملًا.
لا تُجبروا أنفسكم على كلامٍ لا يحمل معنى،
ولا ترغموا أرواحكم على فراغٍ لا فائدة منه.
لكن كونوا مُصرّين على هدفٍ واضح،
وليكن هدفكم مجتمعًا أفضل،
وبيئةً أجمل،
ومستقبلًا يزهر بالثقافة،
ويعلو به العلم،
ويتألق فيه الأدب.
صونوا الكلمة،
واحفظوا الرسالة،
ووفقكم الله، ووفقنا جميعًا لما فيه الخير. فصل الرابع *باب المثقفين*
لكلِّ سورٍ باب،
ولكلِّ جدارٍ باب،
ولكلِّ بيتٍ باب…
لكن هناك أبوابًا تُفتح،
وأبوابًا يجب أن تُغلق.
أغلق كل بابٍ يأتيك منه ريحٌ غير طيّبة،
أو كلامٌ سيّئ،
أو فكرٌ يجرّك إلى ما لا يُشبِهك.
وافتح أبواب الأمل،
وافتح أبواب الثقافة،
وافتح أبواب العلم والعمل.
هناك أبواب للمثقفين،
تُفتح عبر صفحات التواصل،
أو من خلال المجلات،
أو عبر المقالات والكتب.
افتح لنفسك بابًا من خلالهم،
واجعل تواصلك معهم أكثر نُضجًا واتزانًا.
اجعل لك حضورًا يوميًا،
ولو بكلمة صباح الخير،
ولو بعبارة مساء النور،
ولو بقراءة صامتة.
لا أقول لك: انشر،
ولا أقول لك: أبدع فورًا،
ففي هذا العالم أدباء يريدون أن تصلهم الرسائل،
ويريدون أن تُفهَم كلماتهم.
حاول أن تفهم ما يقولون،
وتأمّل معانيهم،
وتدبّر حروفهم.
فهذا باب من أبواب النجاة،
باب الصدق،
باب الأمل،
باب العمل.
وأغلق أبواب الكلام البذيء،
والفكر الفارغ،
والمجالس التي لا تُشبهك،
ولا تُقدّرك،
ولا تفهم مكانك ولا مجالك.
مكانك أنت من تُحدده،
وأنت من تصنع مقعدك بين المثقفين،
وبين اللامعين،
وبين النجوم.
لا تجلس في مجلس لا يُقدّرك،
ولا يَعرف قيمتك،
ولا يحترم فكرك.
حتى وإن كنت في بيتك،
على أريكتك،
أو في عزلتك…
اجلس بما يليق بك.
احمل هاتفك،
وقل في قلبك:
السلام عليك أيها المثقف،
السلام عليك أيها الكاتب.
كن صديقًا لمن يُشبهون عقلك،
ويُلامسون فكرك،
ويوافقون قلبك.
كن قلبًا حيًا بين المثقفين،
وقائدًا بالكلمة،
وصادقًا في حديثك.
سترى برهان نفسك بنفسك،
وستكتشف أنك ترتقي مع كل كلمة،
ومع كل جملة تكتبها بصدق.
أنت لست إنسانًا عاديًا،
الله سبحانه وتعالى خلقك،
وجعل في قلبك نورًا،
وفي فكرك وعيًا،
وجعلك قريبًا من الحقيقة والواقع.
أنت في طريق اكتشاف ذاتك،
ففكّر مليًّا قبل أن تُقدم على أي شيء،
ولا تكتب ومضةً واحدة
قبل أن تُدرك معناها،
وقيمتها،
ومن سيقرؤها…
جيلك؟
أم من هو أكبر منك؟
أم من هم أصغر منك؟
اكتب…
واقـرأ…
وافهم المثقفين من حولك،
فالناس من خلالك سيعرفون من أنت،
وكيف تفكّر،
وكيف تُواكبهم. الباب الخامس: الذاكرة
لكلِّ إنسان، ولكلِّ شخص، ولكلِّ مكان وزمان، ذاكرة.
ذاكرة ممتلئة بالعلم، والدراسة، والتجارب، والكلمات، والمواقف.
لقد كنتَ يومًا على مقاعد الدراسة،
ربما طالبًا جامعيًا،
أو طالبًا في المرحلة الإعدادية،
أو في المتوسطة،
أو في الابتدائية.
درستَ على يد معلّم، أو معلّمة، أو مدرس،
قالوا لك يومًا كلمة، أو حكمة…
فحاول أن تحصدها،
وأن تمنحها صدرًا وصوتًا،
وأن تفهم معناها،
وأن تتأمل فيما قيل لك.
أبوك له أثر،
وأمك لها أثر،
وإخوتك لهم أثر،
وكل إنسان مرّ بحياتك ترك فيك كلمة، أو موقفًا، أو فكرة.
فلا تجعل التأثير السلبي يسكن داخلك،
واجعل للكلمة معنى،
واجعل لها طريقًا نحو النجاح.
وحاول أن تبحث في ذاكرتك عن كل ما هو مميّز لك،
وعن كل ما يمنحك الثقة،
واخزن في عقلك وذكرياتك ما يليق بك كإنسان،
كشخصٍ خلقه الله سبحانه وتعالى،
فأحسن خلقه، وأحسن صورته، وجعله في أحسن هيئة.
ذاكرتك…
إما أن تجعلها كتابًا،
أو مقالًا،
أو مجلة،
أو جريدة،
لكن اختر كلماتك بعناية،
وكن قدوة لمن خلفك،
وقدوة لمن حولك،
وقدوة لكل طفل،
ولكل شاب،
ولكل شابة.
لا أقول لك: حارب الناس،
ولا أقول لك: تجاهلهم،
بل أقول لك:
كن أنت كما أرادك الله سبحانه وتعالى.
اعمل على الخير،
فالخير مردوده لك،
ونتائجه ستعود عليك قبل غيرك.
اجعل ذاكرتك مخزنًا للكتب،
ومخزنًا للكلمات،
ومخزنًا للحِكم.
وكل ما ادّخرته من عبارات،
وكلمات،
ومفردات…
حاول أن تترجمه،
وأن تجمعه،
وأن تصيغه،
وأن تجعله كلماتٍ مثمرة،
وشجرةً يانعة،
تعطي أُكلها حين تنضج.
ولا تجعل من يرميك بالحجارة يُسقط كلماتك،
ولا تجعل الإحباط يُسقِط حروفك فتضيع سُدى.
ولا تجادل الجاهلين،
ولا تمنح ثقتك لمن لا يستحقها،
بل حاول أن تكون ثابتًا كما أنت.
ستجد حولك من لا يُقدّر الكلمة،
ومن لا يفهم معناها،
لكن تذكّر دائمًا:
خير الكلام ما قلّ ودلّ.
كن صادقًا في قولك،
وملامسًا لقلوب الآخرين،
ستجد لصدى كلامك أثرًا،
وسترى حروفك كأنها كُتبت من ذهب.
نحن نكتب كلماتنا،
ونحمل حروفنا،
ونريد لها أن تصل إلى الآخر،
لأن المستقبل يُبنى بما نقوله،
وبما نكتبه،
وبما نعمل به.الباب السادس: النجاح
النجاح…
هي كلمة من ستة أحرف،
لكن معانيها لا تُحصى،
فلا تستهِن بأي كلمة،
ولا تستهِن بطريق النجاح.
النجاح لا يعني أن تُزاحم الناس،
ولا أن تُقصي غيرك،
بل يعني أن تفرض نفسك بكلماتك الصادقة،
بأفعالك النابعة من القلب،
بمسارك النظيف،
وبنيّتك الخالصة.
كلماتك الخارجة من أعماقك
هي فضاء النجاح،
وهي فضاء التأمل،
وهي نافذة المستقبل.
لا تخضع لكلامٍ واهن،
ولا لكلامٍ يُقال بلا وعي،
ولا لما يخرج من أفواهٍ لا تُدرك قيمة الكلمة،
ولا تُحسن إيصال المعنى.
حاول أن تنجح من ذاتك،
ومن قدراتك،
ومن طاقتك.
تعرّف على نقاط ضعفك لتُقوّيها،
واكتشف نقاط قوتك لتُحافظ عليها.
واجعل كل كلمة تخرج منك صادقة،
واستمر في طريق النجاح،
فالنجاح مواصلة لا توقّف،
وعطاء لا انقطاع.
النجاح هو الفوز،
والفوز هو العطاء،
والعطاء أن تواصل السير مع الناس،
وأن تصل إلى قلوبهم قبل أن تصل إلى أيديهم.
النجاح سرٌّ إلهي من الله سبحانه وتعالى،
والفوز الحقيقي أن تكون صادقًا في عملك لله،
وأن يكون عطاؤك نابعًا من نية نقية.
وقد يكون النجاح:
شهادة،
أو كلمة طيبة،
أو إطراء،
أو حتى تصفيقًا من الناس.
لا أقول لك: لا تفرح بالتصفيق،
ولا أقول لك: تعلّق به،
بل أقول لك:
اجعل نجاحك نابعًا من داخلك أولًا.
اجعل لنفسك فرصة:
فرصة للعطاء،
وفرصة للأمل،
وفرصة للنقاء.
نقِّ قلبك،
ونقِّ فؤادك،
وكن كما أنت…
صادقًا، نقيًّا، واضحًا.
كن لامعًا بين الناس،
أنت كالورد في حضوره،
وكالمعدن في قيمته.
ومعدنك ثمين،
ومعدن كلماتك هو الصدق.
اجعل من نفسك هدفًا للإصلاح في المجتمع،
ولا تكن سهمًا ضائعًا في هواء المستقبل،
بل اجعل سهامك أهدافك،
وأهدافك كلماتك،
وكلماتك أفعالًا.
اجعلها أهدافًا جميلة،
جليلة،
راقية،
تواكب كل جيل،
وتجعل منك قدوة لهم في الطريق. الفصل السابع: المفهومية
المفهومية كلمة تُقال،
وكلمة تؤثّر،
وكلمة تخرج من أفواهنا فتحمل معها المعنى والاتجاه.
فما هي المفهومية؟
هي أن تفهم ما حولك،
وأن تُدرك أن كلماتك،
ومجالك في العمل،
في البيت،
في الدائرة الحكومية،
في الورشة،
في الجامعة،
في المدرسة…
كل ذلك هو هويتك، وهو مفهومك في الحياة.
أنت مهندس،
أو طالب،
أو معلّم،
أو مدرس،
أو عامل،
مفهومك هو العمل،
ومفهومك هو النجاح،
ومفهومك أن تواكب الناس،
وأن تستطيع أن تصل إلى قلوبهم قبل أن تصل إلى مواقعهم.
المفهوم هو الإدراك،
والوعي،
والإحساس بأنك قادر،
وأنك ناجح بينهم.
أنت خلف الأسوار،
وخلف الجدران،
لكن…
هل تستطيع أن تصل كلمتك؟ نعم.
هل تستطيع أن تصل للآخرين؟ نعم.
هل تستطيع من خلال كتاباتك،
وكلامك،
وعملك،
ورسمك،
وحروفك…
أن تصل إلى أهدافهم وقلوبهم ومسامعهم؟ نعم.
الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة،
والكلمة الخبيثة كالشجرة الخبيثة،
فاجعل كلماتك طيبة،
وافهم ما تقول،
وكن واعيًا لما تكتب.
المفهوم الحقيقي
أن تكون أنت الناجح بينهم،
وأن تكون أنت القادر على إيصال كل ما هو مفيد،
وكل ما هو نافع،
للمجتمع،
وللأفراد،
وللأسرة،
وللأب،
وللأم،
وللأخ،
وللأخت،
وللشاب،
وللشابة.
أنت وقلمك معًا…
اكتب،
واعمل،
وتقدّم.
حتى وإن كنت مهندسًا،
ففي مجال عملك ستحمل قلمًا،
ذلك القلم الذي أقسم الله به:
﴿ن والقلم وما يسطرون﴾
وما أنت بنعمة ربك بمجنون.
جعل الله القلم شاهدًا،
وجعل القلم ناطقًا بالحق،
وجعل القلم أداة للوعي والنور.
فاجعل قلمك سلاحًا،
سلاحًا لمن لا سلاح له،
فالقلم هو سلاحك أنت.
احمله دائمًا،
واكتب به كل ما هو مفيد،
وكل ما هو جميل،
وكل ما يخدم المجتمع.
كن صاحب صلة بالمجتمع،
وصاحب إرادة قوية،
وقادرًا أن تحمل سلاحك كل يوم:
قلمك،
ودفترك،
وورقتك،
وكتابك.
سواء كنت طالبًا،
أو معلّمًا،
أو مهندسًا،
أو مدرسًا…
اجعل قلمك دائمًا بين يديك،
واكتب للمستقبل،
وسِر نحو الإبداع،
وكن الإنسان المبدع في كل مجالالخاتمة
المرأة التي تجعل الكلمة حقّها،
والكلمة منطوقها الأصلي،
هي المرأة التي لا تتنازل عن صوتها،
ولا تفرّط في معناها،
ولا تساوم على صدقها.
هي المرأة التي تجعل من الحرف طريقًا،
ومن العبارة رسالة،
ومن الكلمة حياة.
لا تتكلم عبثًا،
ولا تكتب فراغًا،
بل تزرع في كل جملة أثرًا،
وفي كل سطر أملًا،
وفي كل كلمة ضوءًا لا ينطفئ.
المرأة التي تجعل الكلمة منطوقها الأصلي
هي التي تعرف أن الكلمة مسؤولية،
وأنها أمانة،
وأنها قد ترفع إنسانًا،
وقد توقظ أمة،
وقد تغير مصيرًا كاملًا.
هي التي تمسك بالقلم كما يُمسك بالسلاح الشريف،
سلاح الوعي،
سلاح الإصلاح،
سلاح الحقيقة.
تكتب لتمنح،
وتقول لتبني،
وتخبر لتُحيي القلوب.
هي التي لم تنتظر الإذن لتكون،
ولم تنتظر التصفيق لتستمر،
بل جعلت من صدقها طريقًا،
ومن صبرها جسرًا،
ومن حلمها وطنًا يسكنها وتسكنه.
وفي النهاية…
تبقى المرأة التي تجعل الكلمة حقها،
وملاذها،
وصوتها،
ومنطوقها الأصلي،
هي المرأة التي لا تُنسى،
لأنها كتبت نفسها في قلوب الآخرين قبل أن تكتبها على الورق.
وهنا تنتهي الصفحات…
لكن لا تنتهي الرسالة. . الإهداء
أُهدي هذه الكلمات،
وهذه الكتابات،
وهذه الحروف والجُمل…
إلى أبنائي وبناتي،
وإلى كل جيلٍ يقرأ ويعي الكلمة الصادقة،
وإلى كل من يحب الكلمة،
ويفهم معنى النجاح،
ويُدرك أن المثقف والإنسان الواعي
هو من نجعل له من بيوتنا مكانًا،
وبين أُسرنا حديثًا،
نفتح له أبوابنا،
ونجعله ضيفًا دائمًا،
وزائرًا كريمًا،
يرافقنا في كل حين.
نجعل مفرداتنا له،
وكلماتنا له،
ونشكره على ثقته،
ونشكركم جميعًا على ثقتكم.
إهداءٌ مني لكم أيها الجيل الجميل،
أيها الجيل… أبنائي وبناتي.
هذا كلامٌ صادر من قلبي،
أحمله إليكم محبةً،
وتحمله رسائل السلام،
وتحمله طيور المعاني،
لتصل إليكم كل رسالة،
وكل إهداء،
وكل كلمة صادقة.
نحن نواكب نجومًا،
ونواكب مبدعين لامعين،
لكن حاولوا أن تفهموا كتاباتنا،
وأن تتأملوا كلامنا،
وأن تعودوا بذاكرتكم إلى الخلف قليلًا،
لتعرفوا من أين بدأنا،
وكيف وصلنا.
كونوا قدوة لأنفسكم أولًا،
وقدوةً للمجتمع ثانيًا،
فهكذا تُبنى الأجيال،
وهكذا تُصان الكلمة،
وهكذا يُصنع المستقبل.









