مقترح “إعلان الإمارات للحقوق والمبادئ الرقميَّة” إعلانٌ عربي توجيهي يشكِّل خطوةً تأسيسيةً نحو اتفاقية دولية شاملة لحقوق الإنسان الرَّقميَّة
من الندوة الدولية إلى الإطار العالمي:

الشَّارقة – مجدي بكري
اختتمت اليوم في جامعة الشارقة أعمال النَّدوة الدوليَّة: “حقوق الإنسان في العصر الرقمي: نحو مقاربة عربيَّة متقدمة للحق في التَّعليم والتَّنمية “، التي نظَّمَتْها كلٌّ من: لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان بجامعة الدول العربيَّة، وجامعة الشَّارقة، وجمعيَّة الاتحاد لحقوق الإنسان، بمشاركةٍ واسعةٍ من الخبراء والأكاديميين والمؤسسات الحقوقيَّة؛ بمناسبة يوم حقوق الإنسان.
بدأت الندوة بكلمة سعادة الأستاذ الدكتور عصام الدين عجمي مدير جامعة الشارقة، رحب فيها بالمشاركين في هذه الندوة التي تناقش إحدى أبرز القضايا المعاصرة في ظل عصر رقمي تتسارع فيه التحولات التقنية بوتيرة غير مسبوقة، وتتقاطع فيه التكنولوجيا مع مختلف جوانب الحياة البشرية، من التعليم والتنمية، إلى الخصوصية والهوية والحقوق الأساسية للإنسان.
وأكد سعادته أن جامعة الشارقة وانطلاقًا من دورها ومسؤوليتها العلمية والمجتمعية، فإنها تعمل عبر برامجها الأكاديمية وشراكاتها البحثية وإسهاماتها الفكرية على دعم كل ما يسهم في تعزيز مستقبل التعليم والتنمية في منطقتنا، والتي أصبحت اليوم في أمس الحاجة إلى إطار قانوني متقدم يواكب التطور التكنولوجي، ويحمي البيانات الشخصية، ويعزز الفضاء الرقمي الآمن، ويضمن الحق في تعليم رقمي جيد ومتاح للجميع دون تمييز.
ومن جانبها، أكدت سعادة الدكتورة فاطمة الكعبي، رئيسة جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان، في كلمتها، أن دولة الإمارات أرست نموذجًا متقدمًا في توظيف التكنولوجيا لخدمة الإنسان وصون كرامته وأيقونةً حضاريةً في حقوق الإنسان، موضِحة ان التحوّل الرقمي وما يرتبط به من تطبيقات الذكاء الاصطناعي يفرض مسؤولية مضاعفة على الدول لحماية الحقوق والحريات في البيئة الرقمية. وشددت على أن العالم يشهد اليوم سباقًا تقنيًا تتجاوز فيه الابتكارات قدرات التشريعات، الأمر الذي يستدعي تطوير منظومة قانونية دولية حديثة تضمن الاستخدام الآمن والمسؤول للتقنيات الرقمية.
وفي هذا السياق، طرحت سعادتها مقترح جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان بشأن إعداد إعلان عربي توجيهي تحت مسمى “إعلان الإمارات للحقوق والمبادئ الرقمية”، بما يشكل خطوة تأسيسية نحو اتفاقية دولية شاملة للحقوق الرقمية تستكمل ما بدأه الميثاق الرقمي العالمي الذي اعتُمد في الأمم المتحدة عام 2024
وقد شَهِدَت الندوة جلستين؛ جاءت الجلسة الأولى حول مناقشات موسَّعة حول التحوُّل الرَّقمي في التَّعليم، والحاجة إلى رؤية عربيَّة حديثة للتعليم الرقمي ترسِّخ معايير الجودة، وتعزز حماية البيانات، وتدعم الاستخدام الآمن والمسؤول لتقنيات الذَّكاء الاصطناعي. أما الجلسة الثانية فقد سلَّطت الضوء على غياب أدوات دوليَّة محكمة لحماية الحقوق الرقميَّة، ومخاطرِ الذكاء الاصطناعي على الخصوصيَّة والعدالة الرقميَّة.
واختُتمت الجلسة ببيانٍ ختامي ألقاه د. بدر المطيري، ممثل لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان بجامعة الدول العربية، تضمّن توصيات الندوة ومن أبرزها، الدعوة إلى وضع إطار عمل عربي موحَّد للتعليم الرقمي، وتطوير إطار عربي لتنظيم الذكاء الاصطناعي، ووضع آليات للحد من المعلومات المضللة عبر المنصات الرقمية، مستفيدة من التجربة الإماراتيَّة، كما أكدت الندوة اهمية مقترح جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان بشأن توصية صياغة إعلان عربي توجيهي تحت مسمَّى “إعلان الإمارات للحقوق والمبادئ الرقمية”، ودعت إلى رفع هذا المقترح إلى الجهات الوطنية والإقليمية المختصة للنظر فيه، بوصف المقترح خطوة تأسيسية نحو اتفاقية دولية للحقوق الرقميَّة تستكمل ما بدأه الميثاق الرقمي العالمي، وذلك في ضوء ريادة دولة الإمارات إقليميًّا ودوليًّا في تطوير التشريعات الرقمية، وحماية الخصوصية والبيانات، والحوكمة الأخلاقية للذكاء الاصطناعي، وتعزيز بيئة رقمية آمنة وشاملة تضع الإنسان في صميم مسيرتها التنمويَّة.
كما تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة تضم في عضويتها عدد من الخبراء والمختصين من الجامعة وجمعية الاتحاد لحقوق الإنسان لوضع إطار عمل ومذكرة تفاهم مشترك لطرح برامج أكاديمية وأنشطة تعاونية مشتركة تخدم مساعي الدولة في مجال حقوق الإنسان.
وفي ختام الندوة، أكَّدت الجهات المنظمة أنَّ مستقبل حقوق الإنسان في المنطقة العربية يرتبط بقدرة الدول على تطوير تشريعات رقمية متقدمة، وتحديث منظومات التعليم، وتعزيز الحماية القانونية في الفضاء الرقمي، بما يضمن عدالة النفاذ إلى التعليم والتنمية ويصون كرامة الإنسان.
وقد أعربت الجهات المشارِكة عن تقديرها للمساهمين والمتحدِّثين، وشدَّدت على أهمية استمرار التعاون الأكاديمي والحقوقي على المستويين الإقليمي والدولي لدعم مسار التحول الرقمي القائم على العدالة والكرامة الإنسانيَّة.









