إهداءٌ إلى لا أحد…..بقلم ريتا الحكيم

إهداءٌ إلى لا أحد
ألتهمُ الوقتَ من ألفهِ إلى يائهِ
أجدُني بعد ذلك بدينةً..
متخمةً بالفراغِ
*
مَن يهتدي إلى مخبئي السِّري
بين دفتيِّ كتابٍ..
يعجزُ عن تقليبِ صفحاتهِ
ويبقى عالقًا بصفحة الإهداء،
حيث لا شيءَ فيها ينبئُ عن أنفاسٍ لاهثةٍ
وتأوهاتٍ تعلو وتيرتُها فيما لو نجحَ بالانتقالِ
إلى تلك التي تليها
*
الحبرُ دمٌ يتخثَّرُ في أوردةِ النُّصوصِ..
النُّصوصُ تُهَمٌ لا تموتُ بالتَّقادمِ
سأسألُ الزائرَ المُرتقَبَ:
كيف لرجلٍ مثلكَ أن يحجبَ عنِّيَ الضَّوءَ
ويملأَ به قواريرَ الفراغِ؟
كيف لامرأةٍ مثلي اعتادت أن تتوارى خلفَ ستائرِ قصائدِها،
أن تقتنعَ أنَّكَ حقيقةٌ وسطَ زيفِ الوجوهِ وتعدُّدِ الأقنعةِ؟
*
يكفي أن تتثاءبَ شياطينُ الوقتِ في جوفي..
يكفيها أن تفيقَ من وعكتِها
لتتغاضى أنتَ عن اختفائي
بعد أن حجبتُني عنكَ
وتركتُكَ مصلوبًا على صفحة إهداءٍ
لا تحملُ اسمكَ.. ولا رائحتي
*
غدًا سأبدو خاليةً منكَ
أتقيَّأ الفراغَ.. أعيدٌ للوقتِ ما لهُ بذمَّتي
وعلى جسدي عطرُ رجلٍ غريبٍ
ساقتهُ الأقدارُ إليَّ صُدفةً
دون أن تُتاحَ ليَ الفرصةُ
لملءِ فراغِ الإهداءِ باسمهِ.








