حديثُ العُيونِ …جورج عازار/ سوريا

في حَرَمِ الصَّمتِ
حديثُ العيونِ طَرَبٌ
وهمسٌ واشتياقٌ
إنْ هي نَظرَتْ فبَوَّاباتُ الكَونِ
على مصاريعها تَنفتِحُ
وإنْ أغمَضَتْ جَفنَيها
يَنَمْ القَمَرُ
فيها نَسْمَةُ الفَجرِ
وضِحكَةُ المُروجِ
حين تَصحو مِن الرُقَادِ
و تُداعبُها حَبَّاتُ المَطَرِ
والمباهِجُ ضُروبٌ
وصُنوفٌ وألوانٌ
فيها شَغَفٌ ورُغبةٌ
وبَوحُ نَشوةٍ
وفيها نُضوحُ النَّبعِ
وغَضبُ المَوجِ
وحُنو النَّدى على البَراعمِ
فيها خضرةُ الرَّبيعِ
وزَمجرَةُ زَوابِعِ الشِّتاءِ
كُلُّ اللُّغَاتِ تُتقنِهَا
وتعلمُ كَيفَ الجَليدُ يَذوبُ
و كيفَ الثَّلجُ في الجَنانِ يَشتعلُ
بإيماءةٍ رَذاذُ البَحرِ
عِطراً يَصيرُ
والطَّيباتُ في بَوحِ اللِّحاظِ
عَسلٌ وشهدٌ
من غير حديثٍ
كُلُّ الألسنةِ تُجيدُ
وأحاديثُ المُشعوذَينَ
تُرَّهَاتٌ وأبَاطيلُ
وقِراءةُ الشِّفاهِ عِندَها
يُجانبِها الصَّوابُ
ويَكذبُ المُنجمونَ ولو صَدقَوا
خِطابُ الحَوراءِ في الصَّوغِ
فَقيهٌ
وفي أنساقِ الغَزلِ
حَاذقٌ وبَصيرٌ
تَارةً بالتيجانِ تُشيدُ
وتارَةً بالعُروشِ
تَقويضٌ وتَدميرٌ
إنْ تبتغِ فَفي الأمَاني تُحلِّقُ
وإنْ تأنَفْ ففي القيعَانِ مَرتَعٌ
للرِمشينِ رَقصاتٌ
ورُموزٌ وإِيماءٌ
وخُطوطُ الحَاجبينِ
بين الأتراحِ والأفراحِ
حَاجبٌ
كُلُّ الأسرَارِ في الفُؤادِ
تَرتَسِمُ
والعُيونُ في الأُحجياتِ
كِتابٌ
تَخلِبُ اللُّبَ وتأسِر البَصيرَةَ
ومن غَيرِ تَكلُّفٍ
في الرُّوحِ تَسكنُ
كُلُّ السِّهامِ مِن جِرابِ الحُسنِ
من غيرِ حِسابٍ تُطلقُ
كُلَّما فَرَغَ
في الحالِ كُلُّ الجِّعابِ تَمتَلئُ
مُتيمٌ باللَّذاتِ يَحظى
والخاسِرُ حَسرَاتٌ وخَيباتٌ
سُبحانَ مَن قَسَّمَ الحظوطَ
هذا جِرارُ الحَنظلِ يَتجرَّعُ
وذاكَ في رياضِ الوَرد يَتمرَّغُ
ويبقى حَديثُ العُيونِ
عند اللَّماحِ
قواميسَ و مَعاجمَ
وعِند السَّفيهِ
تَحديقٌ وإِبصارٌ









