الأمثالُ الشَّعبيَّةُ وأزياءُ أهلِ القَريةِ والمدينةِ آنذاك …بقلم محمد عبد اللاه

– وكان من عادات النساء في القرية المصرية – قديما وحتى وقت قريب – أن يرتدين عند خروجهن من البيت لزيارة بعض الأقارب ، أو للمشاركة في عرس ، أو لأداء واجب العزاء ، أو لشراء شيء من السوق – ما يسمى بــــ ( الملاية اللف ) وهي قطعة من القماش كبيرة الحجم ، سميكة الملمس ، سوداء اللون تستطيع المرأة أن تلتف بها كاملة من الرأس حتى القدمين فلم يظهر منها إلا الوجه الذي تغطيه – أيضًا – بقطعة صغيرة من القماش الشفاف الذي لا يحجب الرؤية الجيدة , ولا يمنع التنفس المريح يطلقن عليها ( البُرقُع ) ، أو ( البيشة ) ، ويلبسن في رؤوسهن ( الحردة ) ذات الأطراف المزركشة والمزينة بالخرز الصغير الملون ، ثم يلبسن فوقها ( الطرحة ) السوداء التي تسدل بعضها على وجهها إذا لم يكن لديها برقع ، أو يلبسن ( الشال ) العريض الملون , أما الشال العريض الأسود فكان للعجائز من النساء فقط .
• وفي ذلك قالوا : ” كَدِّ النَّمْلَايِّةْ , وِلَابْسَةْ مْلَايَةْ , وِوَرَاهَا عْيَالْ تْقُولْ يَا امَّايِةْ ” – ” لَا يِعْجِبَكْ طُولْهَا الزِّينْ وَلَا لِبْسِهَا فِي الْمِلَايِةْ عَرْقُوبْهَا يِجْرَحِ الطِّيرْ مَنَاخِيرْهَا كَدِّ الدَّوَايِةْ ” – ” تَحْتِ الْبَرَاقِعْ سِمّ نَاقِعْ ” – ” آخُدِ ابْنِ خَالِي , وَاتْغَطَّى بْشَالِي ” – ” إِنْ كَانْ لَكْ طَرْحَةْ خُشِّ بْفَرْحَةْ , وِإِنْ كَانْ لَكْ طَرْبُوشْ اُخْرُجْ مَكْرُوشْ ” .
– أما الرجال فكان القرويون منهم يلبسون الزِيَّ البلدِيَّ المتمثلَ في ( الجلبية البلدي ) ذات الأكمام الواسعة وفتحة الرقبة الخالية من اللياقة ، ويلبسون في رؤوسهم ( العِمَامَة ) أو ( الطاقية ) أو ( اللِّبدِة ) حسب المرحلة العمرية ، أو المكانة الاجتماعية لكل منهم ، ويلقون على أكتافهم ( الشال ) الكشمير الخاص بالرجال ، أو ( العباءة ) الصوف السوداء غالبًا ،
– إضافة إلى الزِيِّ الأزهَرِيِّ المعروف المتمثل في ( الجُبَّة ، والقفطان أو الزعبوط ، والعِمامَة التي تشبه الطربوش إلى حدٍّ كبير) ، والذي مازال مستعملًا حتى الآن هو هو إلى يومنا هذا .
– حيث قالوا : ” لَا كُلِّ مَنْ لَفِّ الْعِمَامَةْ رَاجِلْ , وَلَا كُلِّ مَنْ رِكِبِ الْحُصَانْ خَيَّالْ ” – ” السَّنَةْ مَاتْدَوِّبْشْ طَاقِيِةْ ” – ” الغَاوِي يْنَقِّطْ بِطَاقِيتُهْ ” – ” عُومِي ياَ لِبْدِةْ نَبِّعْ يَا شَالْ ” – ” اللِّي يِغْزِلْ كُلِّ يُومْ مِيِّةْ , يِعْمِلْ فِي السَّنَةْ زَعْبُوطْ وِدِفِيَّةْ ” – ” قُفْطَانُهْ وْجِبِّتُهْ , تِغْنِي عَنْ خُضَارُهْ وْلَحْمِتُهْ ” .
– وقد ورد في قصيدةٍ حلمنتيشية ساخرة ( تجمع بين العاميةِ والفُصحَى ) لأحد الشباب الأزهريين في ذلك الزمن – حينما رفضته فتاةٌ مدنيةٌ كخاطبٍ أو زوجٍ لها – مفرداتُ الزيّ الأزهريّ ؛ حيثُ قال : ” إِخْصٌ عَلَيْكِ وَأَلْفُ إِخْصٍ … مَلْعُونٌ أَبُوكِ أَيَا لِمَامَةْ – لَأَنِّي أَزْهَرِيٌّ تَرْفُضِينِي … وِإِذْ تَلُوحُ عَلَى رَأْسِي الْعِمَامَةْ – وَطَرْبُوشِي يُفصِّلُ أَلْفَ بَدْلَةْ … وَقُفْطَانِي يُفصِّلُ مِيتْ بِجَامَةْ .
– أما المثقفون من أهل المدينة فكانوا يلبسون – عند الخروج إلى أعمالهم – الزي الإفرنجي المتمثل في ( البنطلون ) ، و( القميص ) و( الجاكت ) أو ( البدلة الكاملة ) ، ويلبسون في رؤوسهم الطرابيش ذات اللون الأحمر المصنوعة من سعف النخيل والجوخ ، وقد وضعوا في أعلاه زِرًا من الحرير وشراشيبَ مدلاةً من الخلف ؛ حيث كان من العيب ومخالفة القانون أن يخرج أحدهم إلى العمل أو الأماكن العامة عاري الرأس بل كان من الوجاهة الاجتماعية أن يلبس الرجل في رأسه الطربوش .
– فقالوا : ” إِنْ كَانْ لَكْ طَرْحَةْ خُشِّ بْفَرْحَةْ , وِإِنْ كَانْ لَكْ طَرْبُوشْ اُخْرُجْ مَكْرُوشْ ” – ” المَرَةْ مِنْ غِيرْ رَاجِلْ , زَيِّ الطَّرْبُوشْ مِنْ غِيرْ زِرْ ” ، وعند بقائهم في بيوتهم للراحة أو النوم كانوا يلبسون ( البيجامة ) ، وهي كلمة أجنبية تعني : غطاء الأطرف ؛ حيث قال الأزهري الشاب في قصيدته الحلمنتيشية تلك : ” وَقُفْطَانِي يُفصِّلُ مِيتْ بِجَامَةْ ” ، وقالوا : ” البِيتْ مِنْ غِيرْ أُمّ , زَيِّ الجَّاكِتْ مِنْ غِيرْ كُمْ ” .
• أما ما كانوا يلبسونه في أقدامهم وأرجلهم فكان الكثير من الفقراء والمعدمين في القرية أو المدينة – وما أكثرهم – لا يلبسون شيئًا ذا قيمة في أقدامهم أو فوق أجسادهم ، بل ظلوا حفاة عراة غالب أوقات حياتهم داخل البيوت أو خارجها ، أو يلبسون الصُرَم البالية والملابس الخَرِقة المرقعة ليل نهار ؛ حيث قالوا : ” حَافِي وِيْقُولْ أَضْرُبْ بِالجَّزْمِةْ ” – ” اللِّي مَا يَاخُدْنِي كُحْلِ فْي عِينُهْ , مَا آخْدُهْ صَرْمَةْ فْي رِجْلِي ” – ” عِرْيَانْ فِلْسْ وِيْقُولْ فِينْ بِيتِ الْعِرْسْ ” – ” عِرْيَانِ الرَّاسْ وِعَامِلْ بِصْبَاصْ ” – ” مَاتْقُولْشْ لِلْعِرْيَانْ فِينْ تُوبَكْ ” .
– وقالوا : ” أَمْشِيرْ بِيِضْحَكْ عَ الْعِرْيَانْ ” – ” اِرْتَاحِ الْعِرْيَانْ مِنْ تَعَبِ الْغَسِيلْ ” – ” عِرْيَانْ سَنَةْ اِشْتَكَى الْخَيَّاطْ عَلَى يُومْ ” – ” عِرْيَانِ التِّينَةْ , وِفْي إِيدُهْ سَكِّينَةْ ” – ” التُّوبِ انْ دَابْ يِعِرِّ لَبَّاسُهْ , وِالزُّولِ انْ كِبِرْ تِكْرَهُهْ نَاسُهْ ” – ” إِنْ لِبِسْتْ خِيشَةْ , أَنَا عِيشَةْ ” – ” مَا يِفْرَحْ بِالشَّرَامِيطْ , إِلَّا الْمَعَابِيطْ ” – ” لَا تْعَاتِبِ الْعَايِبْ , وَلَا تْرَقِّعِ الدَّايِبْ ” – ” زَيِّ الرُّقْعَةْ فِي التُّوبْ ” .
– وأما الأثرياء من القرويين والمثقفين من المدنيين فكانوا يلبسون الأحذية اللامعة ، والجوارب القطنية أو الصوفية الرائعة ، وذلك عند الخروجِ للعمل ، أو التريُّض ، أو قضاءِ المصالح ..
• أما في بيوتهم وقت الراحة فكانوا يلبسون الشباشب البلاستيكية أو القباقيب الخشبية ذات السيور الجلدية ؛ حيث قالوا : ” بَعْدْ مَا كَانْ يِحْجِلْ زَيِّ الْغُرَابْ , لِبِسْ جَزْمِةْ وْشَرَابْ ” – ” الشِّبْشِبْ وِالْقُبْقَابْ , بُقُوا اصْحَابْ ” .
( من كتاب الأمثال الشعبية في الميزان ..









