لستُ قلقةً على هويتي…ربما آل كلزلي / سوريا

لغتي في مأمنٍ من صخبِ الريح،
فهي تعرفُ كيف تنحني أمام العاصفة،
وكيف ترفعُ رأسها حين يهدأ الجنون.
لم يكن الحزنُ يوماً عدواً،
بل كان رفيقاً يربطُ خاصرتي بشالٍ من الدموع،
ويرقصُ معي على إيقاعِ أوجاعي.
الفرحُ غيمة حبّ
لا ينزعجُ من بعض الانكسارات،
فهو يعرفُ أن الضوء يولدُ من رحم العتمة.
لا أبحث عن نسبِ القصيدة،
ولا عن شجرةٍ عائلةٍ تضجُّ بأسماءٍ كبيرة
كأنها تماثيلٌ من رخامٍ مسنون،
أنا لا أؤمنُ بالأنسابِ الشعرية،
ولا أؤمنُ بالقبائلِ التي تقفُ على أطراف القصيدة
كحراسٍ مسلّحين بالخوف.
القصيدةُ ليست عرشاً
ولا تاجاً مرصعاً بوصايا الأجداد.
هي طائرٌ جريح
لا يعرفُ العيشَ في قفصٍ ذهبي،
ولا يتقنُ الصمتَ حين يشتعلُ ثوبُ الهواء.
لا أبحثُ عن عيونٍ عسلية
تغرقُ في الفراغ بحثاً عن استعارةٍ ميتة.
ولا عن زندٍ كالفخّار
يخفي الحقيقة في خيمةٍ من حرير.
أنا لا أبحثُ عن جمالٍ محشو بالسيليكون،
ولا عن ألوانٍ زاهيةٍ تغطي جسدَ النص.
أنا أبحثُ عن شظيةٍ
تُدمي أصابعي حين أكتب.
عن خطأٍ صغير
يُفسدُ كمالَ اللوحة،
ويجعلها أكثرَ صدقاً.
عن صرخةٍ مكتومة
تشتعلُ فجأةً بين السطور،
وتحرقُ المعنى حتى الرماد.
كلماتي جرحٌ يلمعُ في النص
لها بريقُ زجاجٍ مكسور
تحت ضوءِ القمر.
أَنشدُ صدقاً يعرّي القصيدة
من كلِّ زيفٍ،
ويتركها صامدة أمام الافتراض.
أنا قصيدةٌ حرة،
لا تكبلني أوزانُ الخليل،
ولا تخيفني أعينُ النقاد.
أكتملُ بنواقصي،
وأرتبُ فوضاي كما يحلو لي.
لستُ قلقةً على هويتي،
فهي تعرفُ كيف تجددُ نفسها
في كلِّ غربةٍ،
وكيف تحملني
إلى فضاءاتٍ مستحيلةٍ.
أنا القصيدةُ التي تعيشُ
وتتنفسُ اللغة.









