لغتي العربية ترسيخ للبهجة في حياتي،….بقلم إلهام بورابة

بها استجبت للأمر / اقرأ، بها تكلّمت ، بها كتبت، وبها عشت أرافق زوجي في ترجمة معاملات بنكية ذات مشروع وطني ” العربية في البنك”.
لغتي قد لا تكون رائعة عند كثيرين في بلدي، لكنّي اختبرتها عند أجانب عرفتهم تعلّموها وهم طلّاب عندنا ليس للتواصل إنّما ” للمتعة”.
قيل أن اللغة العربية هي بعد القرآن لغة الشعر وأشكال النثر لكنّها لا تتكيّف مع العلوم والتكنولوجيا فصار هذا هو التحدّي .
وقالوا أنها لغة منعزلة عن العالم وتشوّش على حركة التاريخ لارتباطها بالمقدّس ، لكنّي أراها كما الحياة تولد كلّ يوم في بلدي الحبيبة ، فأين نحن اليوم من زمن كنّا نختلس صداها من مذياع متداع ؟
في صغري وأنا من جيل الاستقلال، من الجيل الذي بدأ تعريبه دون دراسة اجتماعية واعية ، كنّا التجربة الوطنية المعوّل عليها لاستعادة لغة أم ّ.
كانوا ينادوننا تقليلا في الاعتبار / المعرّبين
بؤس ثقافي ناتج عن ضراوة لغة يقال عنها غنيمة شكلّت قوّة ثقافية ، فكان التفريق بيننا وبين المفرنسين في كلّ حدث ثقافي هو معيار الرقي الثقافي فحدث تمييز في التعليم وفي التكوين وفي الإدماج الحضاري.
كان المفرنسون يحيون لهم الحفلات في مراكز ذات معمار فنّي ويجلبون الموسيقيين الكلاسيكيين ويحيون لهم أمسيات مثل تفعيل “لا كارماس” ويعطونهم الهدايا .
وكنّا يُزجّ بنا تحقيرا في المساجد لإحياء الموالد بلا انتظار للهدايا ، لكنّ لغتي العربية كانت تلقي بنورها على وجوهنا ونحن ننشد طلع البدر علينا ونشرئب بأعناقنا إلى جدودنا في الأمام بالبرانس البيضاء والشاش والطربوش الأحمر كلّ الدنيا بين أيديهم لكنهم يشرئبون أعلى منا إلى السماء يرتفع صوتهم بالدّعاء والمناجاة في عذوبة لا تضاهيها سقسقات العصافير على ضفاف نهر.
كان أجدادنا قدوة لنا بلا نزوات وبلا انتظار جزاء ومكافآت ، وإذ اتّجهت للكتابة فلكي أجتهد أكثر في التعبير بها ولأسدّ ثغرة في سياسة نشأ عليها جيلي حتى نقول نحن المعرّبين نطبع كلّ شيء بطابعه/ علاقتنا أكثر حميمية بلغتنا وعشنا بسلام مع هويّتنا عكس الذين تفرّقوا عنّا ” المزدوجين” فحسب دراسة في ميدان علم النفس التربوي بيّنت أن المزدوجين من الجيل الذي خضع بعضه لسياسة التعريب عانوا من صراع نفسي دائم مع هويّتهم ، كل فرد منهم يحمل داخله كائنين متناقضين لأنّ الكتب التي لم يقرأوها وهي باللغة العربية لم تعرّفهم بالنابغين الذين نشأنا نحن المعرّبين على جمال الروح فيهم وميلهم الفطري إلى الفن الذي لا تشيّد له الصروح/ الشعر العربي الذي يختارفيه الشاعر ذاته ليتوحّد بها ويحمي نفسه من ازدواج الشخصيىة المرض النفسي الذي شُخّص عند الدراسة السابقة الذكر.
في عيدك لغتي العزيزة ، كلّ شاعر هو ملك .
هنيئا لنا العيد ودمت عالية يا لغة لا أجد معنى لاسمي إلّا فيها وبها.









