ماذا تفعلُ في الوحشة ؟ مفتاح البركي/ ليبيا

يهبطُ كما الوحي
درويشاً نبياً
يُرممُ أوجاع الريح
أمام أنفاس البنفسج
في زنقةِ ( المنوبية )* نخلةٌ تعرفهُ
و يعرفُها و يرقصُ و الريح مع جريدها
له سبق الصعود على صدرها
آكلٌ من ثمرها
هابطٌ على جدعها
شاعرٌ أنى له من نبيذها !
لا ينام إلا على بُحةٌ صوتها
مستهامٌ بين لثغتين
من ريق العناقيد و خلاخيل الثمر
عطرٌ جريح
في أوجِ البكاء هو لا يبكي
يُرتبُ حُزنهُ الأنيق في مناديل الليل
و يغني امام عتبةِ دارها
ينشدُ المطر في ليل المدينة
و يصدحُ بإسمها ( … )
بما شاء ..
و شاء لهُ دمعُ الشتاء
ظل كما هو
لا يتجاوز سقيفة البيت العتيق
يركنُ في مربوعةٍ رطبةِ الأحلام
يكدسُ ما في قلبهِ
من ألمٍ وحنين على سريرِ أبيه
الذي ظل يئنُ من فراغِ الحُب و ترانيم الدعاء
منذُ رحيلهِ ذات شتاء
لعلهُ ينادمُ خيال صورٍ
تركت أنفاسها الحارة معلقةٍ على
حجارةٍ باردة تلك التي
غادرها دفء الغرام
و لم يعد في البيت زغاريدٌ و غناء
مأمورٌ بالنفي
داخل صومعتهِ
يستقريء وجه الحياة
لهُ هالة الفناء و فجيعةِ النسيان
ينهال على جبينه وحي المطر
موحشُ الفقد في قلبهِ جاثمةٌ
اغاني الفصول
طفولتهُ تأخذهُ إلى وحدتهِ
تكبرُ هناك و تصدحُ بفراغ الريح
و أنين النجوم على مرافيء الغياب ..
هو لم يعد كما هو
نفسٌ غريب و ارواح تسكن
في ذات المكان ، فقط رفقة مؤقتة
مع حفيدٍ يحضُنهُ و كلاهما
يبكي من خيبة الدفء و مفازة الوجد ..
في كل مرةٍ يعتصر حزنهُ
على إيقاعٍ رحيم
يسافر في مُهج القصيد
يتقاسمُ و تخاريف الليل
حضوةِ النزف في مهابةِ المكان
و الزمان الذي يمسحُ عن وجههِ غُبار الأيام
أينما ولىَّ ناحيةِ الدار
غاص في يأسهِ المتطاول حد الرجم
ينأى بحُلمهِ
و قبل الغروب
يتشردُ في وعيٍ يكابدُ وعيه
يوغلُ في طفولته الوئيدة
وحيداً يخوض لُجة الوجع
في بحرٍ و رملٍ
وليلٍ لا يستضيءُ بهِ سوى الغرباء .
____________________________________
#مفتاح_يوسف #المنوبية
السبت 13 ديسمبر 2025 م









