كتاب وشعراء

تقفُ بجذعِ شجرةٍ …عبد الغني المخلافي / اليمن

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

تقفُ بجذعِ شجرةٍ
يداكَ مستوطنتا عصافيرَ ورأسُكَ روابي
تخافُ أن تُقصَفَ بفؤوسٍ، تُجرفَ بسيولِ بلدوزرات.
الأشجارُ فريسةُ الانقراضِ
في بلادٍ تطفئُ عيونَ الجداولِ،
تحجبُ مناهلَ السّماءِ بغلافِ البارودِ،
تطغى بالقوارضِ، تسودُ بشراسةِ العواصفِ والضّربِ.

تخشى تسربَ اليباسِ إلى جذورِكَ فتتخشّبَ،
تهاجمُك المناشيرُ، تغدو سائغًا للاحتطابِ،
تبتلعُكَ المواقدُ بعدَ تواري أنابيبِ الغازِ …
الشجيراتُ مفزوعةٌ
أكثرُها تُحصَدُ بمقتبلِ التّبرعمِ.
الأعمارُ قصيرةٌ على رقعةِ الوطنِ..
الموتُ سيدُ الزّمنِ
وعربيدُ الفناءِ المطلقِ.

***
المساءُ واعدٌ بانهمارٍ غامضٍ،
أتحسّسُ عمقَ قاعي
كغوّاصٍ في بحرٍ أحاذي الأحراشِ الجوفيةِ
أستشعرُ الأشواكَ الحادّةَ..
غابةً من الرّواسبِ.
أغادرُ نحوَ الخارجِ لا أفرزُ الأصواتَ
أبدو بأكثرَ من ذاتٍ
لا خطَ معلومٌ..
شبكةٌ وَعرةٌ وسهلةٌ، جبليةٌ، وصحراويةٌ،
أرضٌ وسماء، ماءٌ ويابسة.
ألفظُ بلغةٍ مبهمةٍ…
أتماهى بدكنةِ السّحبِ،
غبارِ الشّوارعِ، عكرِ الأفقِ،
غضبِ الرّعدِ، قصفِ البرقِ
وارتماءِ السّيلِ.

***
التهمتُ كثيرًا من الكلماتِ
سأرمي بمخيالي في بحرِ المكانِ
لعلّي أصطادُ قصيدةً عالميةً
بزعانفَ ملونةٍ، لا تموتُ إن غادرتْ من قلبِ الماءِ
فيها السّوائلُ، الهواءُ، قابلةٌ للتّعايشِ أينما وُضِعَتْ،
لا تضعفُ باختلافِ البيئةِ،
قادرةٌ على التّمددِ حسبَ الطّولِ والعرضِ والعمقِ في المحيطِ
موافقةٌ للحرِ والبردِ،
تتخطى قدرةَ ساحرٍ أو بهلوانٍ أو مهرجٍ،
تحوزُ على خوارقَ
في مصافِ الغرائبِ والعجائبِ والحالاتِ النّادرةِ
في سباقِ الفنِّ لديها سرعةُ الرّيحِ ووهجِ النّارِ
تعبقُ بالنّدى، تتفصّدُ بالعطرِ
تتجشّأُ الألوانَ وتجودُ بمعدنِ الذّهبِ، الفضةِ والألماسِ
تضيءُ بالكَهْرَمَانِ وتلمعُ باللؤلؤِ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock